التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 04:55 ص , بتوقيت القاهرة

"طباخ السم بيدوقه".. هكذا يخترق تنظيم "داعش" الجيوش الغربية

على طريقة المثل الشعبي "طباخ السم بيدوقه"، وقعت القوة الإمبربالية التى قادت تفكيك بعض الجيوش النظامية بالشرق الأوسط، باستخدام الإرهاب إبان ثورات الربيع العربي، فى نفس الحفرة ذاتها التى صنعتها بيدها، ورغم رعاية تلك الدول لتنظيم "داعش" وللتنظيمات الإرهابية لتفكيك الجيوش النظامية، إلا أن تلك التنظيمات الإرهابية سرعان ما تحولت إلى أداة ضدها لاختراق جيوشها العسكرية، وهو ما ظهر في محاولات "داعش" لاختراق عدد كبير من الجيوش العسكرية كان أبرزها الجيش الأمركيى والألماني.


الجيش الأمريكى


الاحتراف العسكرى ضرورة لمنع الاختراق


تجاهلت بعض البلدان الأوروبية مفهوم ما يسمى بـ" الإحتراف العسكرى"، والذى يقضى أن يكون هناك نظاما قيميا هدفه تحقيق الضبط والسيطرة لإنخراط الجندى داخل الجيش، وهو ما أدى إلى السماح بوقوع ثغرات يمر منها "داعش" لاستقطاب عناصر جديدة له داخل تلك الجيوش.


وطبقا لمركز المستقبل للدراسات السياسية والإستراتيجية، فقد نبه إلى خطورة هذا التجاهل من قبل الجيوش العسكرية الغربية، التى بدأت فى الابتعاد عن هذه المفاهيم السابقة لتفتح ممرا خطيرا للتجنيد العسكري دون شرط أو قيد، ما سمح بفتح ثغرات كبيرة داخل جيوشها، كانت ممرا لاختراقها من قبل التنظيمات الإرهابية.


الجيش الألمانى


الوقائع كثيرة على تلك الثغرات، ففي الجيش الألماني تم إلقاء القبض على عناصر منتمية للنازيين الجدد بالجيش البريطاني، في سبتمبر 2017، وفي نوفمبر من عام 2016، كشف مسئولون في جهاز مكافحة التجسس العسكري الألماني، عن أن هناك جماعات إرهابية تُرسل أفرادها للإنضمام إلى الجيش الألماني بغرض حصولهم على تدريب محترف، واكتساب القدرة على التعامل مع كافة الأسلحة، كما تم التوصل إلى أن هناك 20 عنصرًا متطرفًا يعملون في أجهزة الجيش المختلفة، بالإضافة إلى الاشتباه في انتماءات ما يزيد عن 60 آخرين، كما سبق وانضم 30 جنديًّا ألمانيًّا متقاعدين إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق.


اختراق الجيش الأمريكي


وفى أمريكا، قام "يوناثان ميلاكو" الضابط في البحرية الأمريكية، بإطلاق النار على عددٍ من المواقع الحيوية، منها: المتحف الوطني لقوات البحرية الأمريكية، والبنتاجون، وبعض محطات التجنيد التابعة للجيش، وذلك في الفترة من 17 أكتوبر 2010 إلى 2 نوفمبر 2010، وبلغت الأضرار الناتجة عن عملياته ما يُقدر بحوالي 100 ألف دولار أمريكي، وبعد القبض عليه عُثر بحوزته على عدد من الخطابات الخاصة بتنظيم طالبان، وكتاب "الطريق إلى الجهاد" الذي يتبناه التنظيم، وقائمة بأسماء عناصر تنتمي إلى تنظيمات إرهابية أجنبية، كما وجد بغرفته كتب لتصنيع المتفجرات.


وفى فرنسا أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية في عام 2015، أن هناك 10 جنود من القوات الخاصة التحقوا بصفوف تنظيم "داعش"، وأن أحدهم قد تلقى تدريبات خاصة بالتصويب وآليات التكيف خلال الحرب، وخدم بالجيش الفرنسي فترةً طويلة قبل أن يلتحق بشركة أمن خاصة أرسلته في مهام قادته إلى مقابلة بعض المتطرفين.


صامويل هنتنجتون


الجندى والدولة


وتنتمى كل تلك الوقائع إلى قائمة الاختراق الذي حدث للجيوش العسكرية الغربية، وفي هذا الإطار يرصد الكاتب "صمويل هنتنجتون" في كتابه الشهير "الجندي والدولة" الصادر عام1957، خطورة تلك الظاهرة وهو يستعيد مفهوم "العقلية العسكرية"، ووضعها كشرط مسبق لتحقق الكفاءة العسكرية، محددًا لها عدة سمات يأتي على رأسها: الإيمان بأن الدولة هي التنظيم السياسي الرئيسي، ولعل هذه السمة هي ما أقام علاقة مباشرة بين نشأة المؤسسات العسكرية الاحترافية والدولة المدنية الحديثة.


ولتحقيق هذا المعيار يجب أن يكون هناك توازن في تركيبة المنتمين للمؤسسة العسكرية إذا كانت خلفياتهم الإثنية والعرقية غير متجانسة.


وأكد "صمويل" أن غياب تلك القواعد الضابطة تقود إلى ثغرات تستغلها التنظيمات الإرهابية في بعض الحالات، على غرار قيام بعض التنظيمات الإرهابية بوضع بعض الأفراد المتعاطفين معها داخل صفوف الجيوش، وهوما حدث مرارًا داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية.


وفى هذا الإطار يرصد مركز المستقبل أبرز آليات الإختراق التى استغلتها داعش والتنظيمات الإرهابية لإختراق الجيوش العسكرية، والتى من بينها..


مرونة قواعد التجنيد 


تمثل تلك المرونة أحد الثغرات الكبيرة التى مهدت لـ"داعش" وغيرها من التنظيمات الإختراق، وهو ما ظهر فى الجيش الألماني التي بموجبها يحق لأي فرد التقدم بطلب تجنيد، مع تقديمه شهادة حسن سير وسلوك شرطية، وإعلان التزامه بالدستور الألماني دون الحاجة إلى أي إجراءات إضافية.


ومن ثمّ تمكن تنظيم داعش من زرع موالين له داخل الجيش الألماني لتعزيز قدراته، وهو بذلك يوظف ثغرات الاحترافية العسكرية المؤسسية، ويستطيع التنظيمُ الاستفادةَ من هذه العناصر المنضمة في التجسس على أعمال الجيش، واستقطاب جنود آخرين، كما يضمن ولاءهم.


افشاء معلومات سرية


لجأت التنظيمات الإرهابية إلى استقطاب الجنود للعمل لصالحها لاستفادة منهم في تنفيذ أعمال محدودة النطاق، لإمدادهم بتحركات الوحدات العسكرية وتكتيكاتهم وخطواتهم المستقبلية، وهو ما ظهر فى عام 2004، عندما تم إلقاء القبض على أحد المسئولين عن ذخائر الجيش الأمريكي وهو يزود مسئولين فيدراليين متنكرين كأعضاء في تنظيم طالبان، بمعلومات عن كيفية إفساد أو تدمير بعض أنواع الدبابات الأمريكية، إلا أن دفاعه قدّم ما يُثبت إصابته بمرض نفسي.


فيما قام "بول هول" أثناء خدمته العسكرية بإفشاء معلومات سرية تتعلق بتحركات قطع قتالية تابعة للبحرية الأمريكية في عام 2001 إلى دار نشر "عزام" في لندن المعروفة بدعمها للحركات الإرهابية.


تجنيد المتقاعدين


لجأت التنظيمات الإرهابية إلى تجنيد المتقاعدين، وهو ما ظهر فى يناير 2014، حين تم إلقاء القبض على عسكري أمريكي سابق خدم في سلاح الطيران الأمريكي أثناء محاولته العبور إلى سوريا عن طريق تركيا، كما تم إلقاء القبض على "كريج بيكسام" الضابط السابق بالجيش الأمريكي والذي يمتلك خبرة في مجال الاستخبارات العسكرية الإلكترونية، في كينيا، في ديسمبر 2011، أثناء محاولته الوصول إلى جنوب الصومال للانضمام لحركة الشباب الصومالية، وتمت محاكمته، ولا يوجد ما يشير إلى كيفية تحوله إلى الفكر المتطرف أو أسباب اختياره حركةَ الشباب الصومالية، غير أن دفاعه ذكر أنه ما زال يحاول التعرف على دينه وهو ما دفعه إلى "الهجرة".


 


اقرا ايضا


القبض على طيار أمريكي قبل انضمامه لـ"داعش"