التوقيت الأربعاء، 25 ديسمبر 2024
التوقيت 04:41 م , بتوقيت القاهرة

بعد "كتابيه".. من الأصلح لكتابة التاريخ الساسة أم المؤرخون؟

ما بين مؤيد ومعارض لبعض ما جاء به عمرو موسى في مذكراته "كِتَابِيَهْ"، والتي يتحدث فيها عن سيرته الذاتية في الدبلوماسية والحياة السياسية المصرية، وفي ظل الجدل المُثار بشأن هذه المُذكرات، طرحنا سؤالاً بشأن كتابة التاريخ على أيدي السياسيين أم المؤرخين؟.


جاءت مذكرات موسى في ثلاثة أجزاء منفصلة، فيتناول الجزء الأول منها نشأته ثم تقلّده منصب وزير الخارجية لينتهي بخروجه من الوزارة، بينما يتناول الجزء الثاني تجربته كأمين عام لجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى ما شهده العالم العربي من أزمات كبرى، وأخيرًا يتناول الجزء الثالث المرحلة الممتدة من 25 يناير 2011 إلى إقرار الدستور عام 2014 وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم مصر.


جاء رد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ المعاصر ومستشار جامعة عين شمس، بشأن ما كتبه عمرو موسى من مذكرات، حيث لا يعتبره تاريخًا، فما كتبه ينتمي لما يُسمي بكتب الذكريات وليس المذكرات السياسية.


وأشار جمال إلى أن كتب الذكريات هي أن يكتب السياسي بعد مرور سنوات على وقوع الأحداث وقبيل موته، فيسترجع الأحداث في شكل ذكريات، أما المذكرات فهي اليوميات التي يكتبها السياسي أثناء وقوع الحوادث.


وأضاف جمال إلي أن "كتب الذكريات" بها عيوب كثيرة، ولذلك لا يعد هذه الكتب كتب تاريخية، فيعتبرها رواية، ويذكر أنه من عيوب هذه الروايات الإغراق في الذاتية، ويتضح ذلك في حديث "عمرو موسي" عن نفسه بها كثيرًا ويبالغ في دوره وما قام به، ويظهر من حوله كأنهم أقزام، والتزييف سواء بقصد أو بدون قصد نتيجة للنسيان، إلى جانب المبالغة.


ويرى أن كتب "الذكريات والمذكرات والشهادات الشفهية" مهمة رغم عيوبها، ويرجع ذلك لإخضاعها للبحث العلمي، كما أنه بالتحليل والمقارنة نستطيع أن نقترب من الحقيقة.


من جهته، أكد خلف عبدالعظيم الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بقسم التاريخ، بكلية البنات للآداب والعلوم والتربية، جامعة عين شمس، بأن التاريخ يكتبه المؤرخون بينما يتناوله الباحثون بالصيغة العلمية والنقدية والتحليلية، إنما السياسيون يقدمون رؤيتهم.


وأشار خلف إلى أن المذكرات هي مواد خام يستفاد منها المؤرخ والباحث الأكاديمي، فالمذكرات السياسية تحمل وجهات نظر، وكل وجهات النظر يستفيد منها المؤرخ في كتاباته، كما يستفيد منها الباحث في كتابته، لكن لا يصدقها ولا يُكذبها وإنما يحللها نقدا سواء كان ذلك نقدًا ظاهرًا أو باطنًا، بهدف الوصول إلى الحقيقة.


وقال خلف أنه غالبًا ما تنعكس الذاتية على الموضوعية في الكتابة الشخصية، فدائم ما تعلو الذاتيه على الموضوعية في المذكرات السياسية إلا قلة قليلة تستطيع تناولها بشكل موضوعي، فعلي سبيل المثال "مذكرات ونستون تشرشل "تم تناولها بشكل موضوعى إلى حد اعتراف تشرشل بحق خصومه.


ولذلك، يرى خلف أن المؤرخ والباحث في التاريخ يتعامل مع المذكرات السياسية بحذر شديد، حيث يأخذها على أنها رؤى خاصة وليست إطارًا تقيميًا في إطار التاريخ ولذلك حين يتناول شخصية تاريخية يأخذ مختلف كل وجهات النظر، سواء مع أو ضد، لأن أي شخصية تاريخية لها خصومها و لها مؤيديها، كما أن لها إيجابياتها وسلبياتها، فلا يُعقل أن يكون للشخصية التاريخية ايجابيات فقط أو سلبيات فقط، ومن يملك الحكم على هذا هو المؤرخ الموضوعي أو الباحث الأكاديمي المؤهل علميًا  لذلك.


وذكر خلف مثالاً على أرض الواقع بأن دائمًا ما كان يكتب محمد حسنين هيكل في مقدمات كتبه أنه يقدم رؤيته السياسية، ولم يقل مطلقًا أنه مؤرخ.


وقالت زبيدة محمد عطا، أستاذ العصور الوسطي وعميد كلية الآداب جامعة حلوان سابقًا، إنه إذا كان يملك صاحب المذكرات القدرة على الكتابة بلغة صحيحة فيصبح بذلك هو أقدر الأشخاص على التعبير عن الأحداث الموجودة، موضحة أنه لا يمكن الحديث عن وجود الحيادية بشأن  كتابة المذكرات،فهي تعبر عن الرأي الشخصي لصاحبها


اقرأ أيضا..


السيسي يعرب عن تقديره لدور غرفة التجارة الأمريكية في دعم الاقتصاد