التوقيت الإثنين، 10 فبراير 2025
التوقيت 05:22 م , بتوقيت القاهرة

أبو القاسم الشابي.. إذا الشعب

مع إنه مش مصري، بس أبو القاسم الشابي من أشهر الشعراء اللي عرفهم المصريين، وده كان بسبب بيت وحيد، البيت ده أيقونة من أيقونات الشعر الحماسي، وقصايد الثورة والتحرر الوطني، وهو البيت المعروف:

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

البيت اللي دخل بيه الشابي التاريخ كان مدخل قصيدة وطنية، ومكنش ينفع إنه ما يبقاش في النشيد الوطني لتونس.

الشابي شاعر تونسي، اتولد يوم الأربع 24 فبراير 1909، فترة بدري قوي قبل ما تتضح معالم الحركات الثقافية في العالم العربي، وفيه شبه بين بدايات حياته، وبدايات صلاح جاهين: الأب قاضي، بـ يلف البلد كله من مديرية لـ مديرية، فالابن بـ يطلع مؤسس من الناحيتين، الناحية الفكرية من خلال مهنة أبوه اللي "كانت" بـ تستلزم معرفة كبيرة بالمعارف التراثية والمعارف المعاصرة. والناحية التانية الحياتية يعني خبرات كتير وبيئات متنوعة.

اتعلم الشابي في جامع الزيتونة. والزيتونة شبه الجامع الأزهر، أو الجامع الأزهر هو اللي شبهه، لأنه أقدم، اتبنى في النص التاني من القرن الأول الهجري، أول ما المسلمين دخلوا شمال إفريقيا، ومع الوقت بدأ يبقى سنتر مهم للثقافة الإسلامية في المنطقة دي.

في العصر الحديث، القرن التاسع والعشرين، الزيتونة بقى مركز مهم لمقاومة ثقافة الاحتلال الفرنسي في المنطقة، وللحفاظ على التراث العربي والإسلامي، ولك أن تتخيل جو زي ده ممكن يكون الشعر اللي بـ يهتم بيه عامل إزاي.

كان طبيعي إن الشابي يبقى مش حابب الدراسة والجو، مع إنه خد الشهادة اللي بـ يسموها "التطويع"، بس كان دايما ضد الأصولية وبـ يحاول يجدد في الموضوع وفي الفكرة، علشان كده ما صدق خلص دراسة هناك، وراح دخل كلية الحقوق، وده تشابه تاني بينه وبين جاهين، الفرق إنه دخلها بمزاجه، بس جاهين دخلها بناء على رغبة أبوه.

في الحقيقة، التعليم سمة مشتركة بين كل المثقفين العرب اللي شالوا على كتافهم مهمة إنهم يدخلونا القرن العشرين، ولو متأخرين شوية. بس إحنا بـ نتكلم عن التعليم التعليم، مش الحشو اللي إحنا بـ ندرسه.

المهم، إن أبو القاسم الشابي اتجوز وهو طالب في الحقوق، ودي كانت بداية النهاية بالنسبة له، لأنه كان مريض بالقلب من بداية حياته، وبالتالي الدكاترة حذروه من حاجات كتير أهمها الشعر والجنس، وده طبعا ما حصلش، الشعر إدمان، والجواز كان ضرورة اجتماعية للحفاظ على النسل.

البيت اللي دخل بيه الشابي التاريخ كان مدخل قصيدة وطنية، ومكنش ينفع إنه ما يبقاش في النشيد الوطني لتونس، علشان كده، ورغم إن النشيد تأليف شاعر مصري هو مصطفى صادق الرافعي اللي كتب النشيد الوطني لمصر: "اسلمي يا مصر إنني الفدا"، فالتوانسة حطوا فيه بيت الشابي والبيت اللي بعده، ودخلوا ضمن النشيد "حماة الحمى" اللي بنسمعه في المناسبات خصوصا في المباريات.

غير كده مش هـ تلاقي حاجة معروفة يمكن غير قصيدة اسمها "عذبة أنت"، وسبب شهرتها فاروق شوشة، شوشة كان متعهد الشعر في الإذاعة والتلفزيون، وكان بيقدم برنامج شهير اسمه لغتنا الجميلة، عمل له شعبية بين الجمهور، فـ راح مطلع كتاب اسمه "أجمل عشرين قصيدة حب" كان منهم قصيدة الشابي.

بعد كده، خدها محمد عبده، المطرب، وغناها، بس ما خدتش شهرة زي أغاني محمد عبده التانية، على الأقل فـ مصر.

سنة 1929، بـ يموت أبو شاعرنا، الشيخ محمد الشابي، وده زود الحمل على أبو القاسم، اللي هو تعبان خلقة، وبدأ المرض يزيد عليه، ويوم الخميس 9 أكتوبر 1935 مات في المستشفى، وهو يدوب 25 سنة، بس كانوا كفاية اسمه يدخل التاريخ ونفتكره في كل المناسبات الحماسية، ربنا يرحمه، ويرحم الجميع.