ماذا خسر العالم بوفاة آلان تورنج؟
إذا كنت تقرأ هذا المقال الآن فأنت مدين للعالم البريطاني آلان تورنج الذي غيَّر تاريخ الكرة الأرضية كلها، وساهم بنصيب كبير في رسم ملامح العصر الحديث.
آلان تورنج عبقري الرياضيات الشهير الذي ابتكر ماكينة كانت هي الأساس، وتم الاعتماد عليها لاحقا في عمل الكمبيوترات والذي لولاه لما كان بين أيدينا الآن كل هذه الأجهزة الذكية بكل تطبيقاتها التي تم الاعتماد عليها في العلوم الطبية والتكنولوجية والصناعية وحتى في الصعود للفضاء.
ساهم تورنج أيضا في رسم خريطة العالم كما هي عليه الآن، لأنه كان أحد أهم الأسباب المباشرة لانتصار الحلفاء على ألمانيا الهتلرية في الحرب العالمية الثانية، لأنه استطاع فك الشفرات الرقمية المعقدة لأجهزة التراسل الألماني.
من أبرز المجالات التي ساهم تورنج فيها هو الذكاء الاصطناعي الذي يعد ثورة في عالم البرمجيات، حيث صمم اختبارا سُمي باسمه يقيس مدى قدره البرامج على محاكاة العقل البشري، والذي استطاع استفزاز قدرات المبرمجين لهزيمة هذا الاختبار واجتيازه بنجاح، مما أدى لتطور هائل في مجال الذكاء الاصطناعي.
والآن.. ماذا لو علمت أن هذا العالم العظيم ميوله الجنسية مثلية، وقد قُدم للمحاكمة بتهمة الشذوذ الجنسي وحكم عليه بالإخصاء الكيميائي، فأصيب بالاكتئاب ثم انتحر في عمر الثانية والأربعين عاما.
الآن من حق العالم كله أن يتساءل.. ماذا خسر العالم بانتحار آلان تورنج؟
ماذا لو أنه لم يمت وواصل مسيرته العلمية كم كانت ستستفيد البشرية من عبقريته؟
الدرس الذي تعلمته إنجلترا من هذه القصة هو المزيد من الحريات الشخصية ووصف محاكمة تورنج بأنها إجراءات تعسفية.
في عام 2009 تقدمت بريطانيا باعتذار رسمي لذكرى آلان تورنج ومنحته ملكة بريطانيا عفو عام مع الاعتراف بفضله.. تعلمت بريطانيا أن لا تقتل علماءها.. أعضاؤك الجنسية شأن يخصك وحدك أما إنجازاتك فهي للبشرية كلها.
إذا كنت لازلت تعتقد بأن آلان تورنج مذنبا فكن صريحا مع نفسك واذهب لتعيش في أحد الكهوف البعيدة، فالعالم كله الآن يعيش على إنجازات هذا الرجل.
ولا تنس أن تُطفئ جهاز الحاسوب بعد قراءة المقال، وتغسل يديك جيدا فهو على الأرجح نجس ورجس من عمل الشيطان.