التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 07:38 م , بتوقيت القاهرة

سيد قطب كان ماسونيا ملحدا.. ويوم "الفالنتين" تحول إلى إخواني

تحل اليوم التاسع والعشرين من أغسطس الذكرى الواحدة والخمسين على تنفيذ حكم إعدام الإخواني التكفيري سيد قطب، الذي صدر الحكم عليه فى 21 من نفس الشهر عام 1966، وقد نسجت جماعة الإخوان الإرهابية اساطير عديدة حول يوم إعدام "سيد قطب" قائد تنظيمهم السري المسلح عام 1965، والذي كان العقل المدبر للانقلاب على نظام الحكم الناصري ووضع خطط اغتيال الرئيس عبدالناصر وكبار المسئولين في حكومة مصر وقتها، وخطط نسف القناطر الخيرية وبعض الكباري ومحطات الكهرباء والمياه لنشر فوضى تؤدي إلى وصول الإخوان للسلطة.


التاريخ الأسود لقطب مليء بالمفارقات والحقائق التي يحاول الإخوان اخفاءها طوال الوقت، حيث يعتبر سيد قطب من أوائل منظري فكر السلفية الجهادية منذ ستينيات القرن العشرين، استنادًا إلى بعض توجهات الإخوان الإرهابية ونشأة التنظيم الخاص للجماعة الإرهابية، فقطب هو المدرسة التي تتلمذ على يدها قيادات مكتب الارشاد لجماعة الإخوان الإرهابية والذين عرفوا "بالقطبيين" نسبة إلى سيد قطب صاحب الكتاب الأشهر "معالم في الطريق" الذي استقت منه الجماعة الإرهابية أفكارها وحولتها إلى منهج دموي ضد المصريين تحت راية الإسلام والإسلام منهم بريء، فقد رعت أدبيات سيد قطب كافة الجماعات المتطرفة فكانت العباءة الفضفاضة التي خرجت منها جماعة التكفير والهجرة والقاعدة وداعش وغيرها، وغذت وتغذت منها قياداتها، مثل أيمن الظواهري - زعيم تنظيم القاعدة - الذي انضم لجماعة الإخوان منذ أن كان في سن 15 عامًا.


طريقنا مفروشة بالدم والجماجم


ولد سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي عام 1906، في قرية موشا من أعمال محافظة أسيوط، لأسرة ميسورة نسبيا كان والده تاجرًا مرموقًا في مجتمعه الصغير، عضوًا في الحزب الوطني على عهد الزعيم الراحل مصطفى كامل.


التحق قطب بمدرسة المعلمين الأولية بالقاهرة، قبل أن يلحق بدار العلوم ويتخرج فى العام 1933، حيث ترقى فى عمله بوزراة المعارف بوظائف تربوية وإدارية، حتى ابتعثته الوزارة إلى أمريكا عام 194، انضم إلى حزب الوفد متأثرًا بأفكار الحزب، خصوصًا أستاذه عباس العقاد الذي كان يعتبره قطب مرشده الفكري، قبل أن ينقلب عليه وعلى حزب الوفد إثر خلاف عام 1942، لكن قراءة تاريخ قطب الدموي، ستكشف بما لا يدع للشك أنه كان مشوش الفكر صاحب شخصية "سيكوباتية حادة - عدوانية"، وأنه رجل ضعيف يميل حيث تميل الريح وهو ما انعكس على مريديه بعد ذلك، وهذا ما يفسر تحوله الكبير من الإلحاد والإنحلال إلى حالة تكفير المجتمع الذي يعيش فيه وصولًا إلى مقولته الشهيرة "طريق جماعة الإخوان مفروش بدماء وجثث وجماجم من ليس منهم وعليهم بالمضي في هذه الطريق كي يصلوا إلى مبتغاهم والاستيلاء على السلطة وإقامة الخلافة".



مُنظر السلفية الجهادية


كتب فريد عبدالخالق، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان، في كتابه "الإخوان المسلمين في ميزان الحق"، صفحة 115 عن سيد قطب قائلًا: "إن نشأة فكرة التكفير بدأت بين بعض الشباب الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، وهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه (قطب) قد كفّر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله ومحكوميهم إذا رضوا بذلك".


وتكشف بعض العبارات في كتابه الأشهر"في ظلال القرآن" الفكر التكفيري للمجتمع لعل أبرزها "إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هى شريعة الله والفقه الإسلامي".  في ظلال القرآن 4/ 2122 " ، "إن المسلمين الآن لا يجاهدون، إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي التي تحتاج اليوم إلى علاج". في ظلال القرآن 3/1643، "لقد إستدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، و إلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله الا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله"،  "إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم". الظلال 4/2009


حفرت هذه المقولات للرجل مكانة له كمنظر للسلفية الجهادية، التي أنتجت لنا جماعات الجهاد المسلح باسم الدين، وشغلت الدينا وشوهت ديننا ووسمته كإعلان حرب أبدي على الدنيا، فأنتج لنا كل حركات التطرف بدءً من الجهاد المصرية، مرورًا بالقاعدة وصولًا لداعش، أحدث منتجات التكفير والعنف.


سيد قطب وابو بكر البغدادي


شواهد داعش "القطبية" على الأرض


شواهد "داعش" الجلية على الأرض في كل من سوريا والعراق استقت مفاهيمها وتعاليمها من الفكر "القطبي"، ويظهر ذلك جليًا في أدبيات مقاتلي وأنصار داعش على مواقع التواصل الاجتماعي والتي كشفت مبكرا رعاية سيد قطب للجماعات المتطرفة "القاعدة" و"داعش"، وكان أبرزه ما اعترف به أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، في يونيو 2015 خلال حواره عبر إحدى الفضائيات، بتدريسهم كتب جماعة الإخوان لطلابهم، وخاصة فكر القيادي الراحل الإخواني سيد قطب لدعمه الجهاد وقتل الفئات الكافرة، وأضاف الجولاني أنهم يرون أن جماعة الإخوان جماعة جهادية، وأن جبهة النصرة منبثقة من فكر حسن البنا، مؤسس الإخوان.


وفي أكتوبر 2014 اعترف يوسف القرضاوي خطيب جماعة الاخوان بأن البغدادي زعيم تنظيم "داعش" كان من جماعة الإخوان، كما جاء في حديث للقرضاوي: "هذا الشاب كان من الإخوان في أول أمره، إلا أنه كان يميل إلى القيادة وأغراه هؤلاء بعد عدة سنوات، كان مسجونًا وانضم إلى هؤلاء".


قطب اثناء محاكمته


سيد قطب لم يكن يصلي الجمعة!


الذي لم يعرفه هؤلاء الإرهابيون والداعشيون، أن هناك وجه آخر لقطب كاهنهم الأكبر، وجه ينسف كل تلك الصورة المزيفة عنه وتشكك في ابسط تعاليم الإسلام الذي ينادي بتطبيقه بالسلاح!، منها على سبيل المثال ما قاله القيادي في جماعة الاخوان الإرهابية "علي عشماوي " آخر قادة "الجهاز السِريّ" في تنظيم الإخوان الذي دام إلى سنة 1954، حيث كتب عشماوي في اعترافاته حول انتسابه إلى تنظيم  الإخوان وكيفية دخوله إلى الجهاز السِريّ، (وقد نشرت مجلة "المصور" منذ نحو خمسة و ثلاثين عامًا هذه الاعترافات إلى أن جُمِعَت في كتاب طُبِعَ سنة 1993 وصَدَر عن "دار الهِلال" ثمّ أُعِيد طَبعُهُ سنة 2006 ).

يقول علي عشماوي وهو يصف زيارته لسيد قطب ومقابلته له:"وجاء وقت صلاة الجمعة فقلت لسيّد قطب دعنا نقم ونصلي وكانت المفاجأة أن علمتُ - ولأول مرة - أنه لا يصلي الجمعة، وقال إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة وأنه لا جمعة إلا بخلافة"!



قطب ألحد 11 عامًا


قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق أن سيد قطب ألحد 11 عاماً، وبعدها انتقل إلى الماسونية، وذلك حسب تصريحات "قطب" شخصيا، والذى قال فيها إن عباس محمود العقاد من قام بإنقاذه من الإلحاد.


وأشار إلى وجود خلافات في الفترة الأخيرة بين "قطب" و"العقاد"، بسبب حُب الأول لشابة كانت على علاقة بالأديب، مضيفًا "وراحت البنت قالت للعقاد، سيد قطب بيحبني وبيعاكسني وبيتحرش بيا، فاختلف معاه واتكسف منه ولم يتزوج لأنه فقد الثقة، وقعد يضل شبابنا وأولادنا" في إشارة إلى سيد قطب.

وأضاف "جمعة" ببرنامج "والله أعلم" المذاع على فضائية "CBC" أن سيد قطب ظل يغير في كتابه الذى أخرجه حتى وصل إلى الجزء الثالث عشر، أما الجزأين الرابع والخامس عشر تركهم مكتوبين لأتباعه ونشروهم من بعده، مضيفًا "وبقوا فرحانين إنهم لقوا الـ14 والـ15 والله أعلم هما لقوهم ولا ألفوهم"، وأن هناك 300 صفحة من الـ4500 صفحة في كتاب سيد قطب مليئه بالسم.


نص المقال الذي اعترف به قطب بأنه ماسوني


قطب الماسوني
كتب سيد قطب مقالًا في الصفحة الأولى من جريدة "التاج المصري" العدد 787 ، والتي كانت تصدر في أربعينيات القرن الماضي، والمحسوبة على الماسونية في مصر، بعنوان "لماذا صرت ماسونيًا؟". 


وقال قطب في مقاله: "لقد صرت ماسونيًا، لأنني كنت ماسونيًا، ولكن في حاجة إلى صقل وتهذيب، فاخترت هذا الطريق السوي، لأترك ليد البناية الحرة مهمة التهذيب والصقل، فنعمت اليد ونعم البناءون الأحرار".



سيد قطب والفالنتين


من المثير للسخرية في فكر قطب، أنه حينما حدثت واقعة اغتيال حسن البنا مرشد الإخوان في 12 فبراير 1949، تخيل سيد قطب أن أمريكا ووسائل إعلامها ابتهجت لمقتله على مدار يومين، في حين أن أمريكا كانت تحتفل بيوم "الفالنتين" بتاريخ 14 فبراير! وفي هذه اللحظة قرر قطب أن يكون إخوانيًا ! حيث التحق قطب بجماعة الإخوان بعد عودته من أمريكا في العام 1950، في الفترة التي تلت اغتيال حسن البنا، والفراغ الذي تركه غيابه.


وهو ما أشار إليه الدكتور علي جمعة في لقائه مع برنامج "والله أعلم" المذاع على قناة "CBC" قائلًا: "أن ما قاله سيد قطب بأن الغرب احتفل بمقتل الإمام حسن البنا، في الشوارع دون أن يسأل عن السبب،  دليل على أنه كذاب، عبيط وجاهل، واللي يتبعه سطحي، وربط ذهنه بحسن البنا، وده ذهن مريض، وبناء عليه كفّر المجتمع، ولو ربطنا أنفسنا بهذا الربط فإننا نضيع أنفسنا ودينا، وفتاوى التكفير مكتوبة في كتب قطب، و"داعش" تستخدم هذه الفتاوي"، لافتًا إلى أنه بحث عن اهتمام إعلام الغرب بمقتل "البنا" كما ادعى سيد قطب، فلم يجد ذلك في الصحف.



البعثة المشبوهة


كشف الدكتور الراحل رفعت السعيد في كتابه الصادر بعنوان "تاريخ جماعة الإخوان المسيرة والمصير" عن أن التحول الأكبر في حياة قطب حدث في أمريكا التي كان مبعوثًا إليها، 1949، كما أن مسألة اختياره في سن كبيرة نسبيا (42 عامًا) للسفر في بعثة للولايات المتحدة الأمريكية، وهي بعثة سرية لم يعلن عنها، كان ذلك في غضون عام 1948، كانت في حد ذاتها مثار شك كبير لعدم وجود أي تعريف أو مُبرر لها، وحتى يمكن تبرير هذا السفر، تم نقل عمله بوزارة المعارف من ديوان الوزارة إلى مكتب الوزير، حتى تبدو المسألة أقرب لمهمة عمل، ولم تكن البعثة تتعلق بعمله أو تخصصه، لكن تم تهيئة الأوضاع لخدمة سيد قطب.


والغريب أن البعثة لم يكن لها هدف محدد، فلا موضوع للدراسة بعينه ولا جامعة محددة يدرس بقاعاتها، بل هي بعثة حرة إلى الولايات المتحدة، ظل خلالها جوالا سائحا قرابة ثلاث سنوات.


 


سيد قطب في طريقه إلى حبل المشنقة


اللحظات الأخيرة لإعدام سيد قطب


 بعد كشف مؤامرة الانقلاب المسلح والقبض علي سيد قطب وأعضاء التنظيم ومحاكمه سيد قطب والحكم عليه بالاعدام وتنفيذ الحكم فيه يوم 29 أغسطس عام 1966 خرج علينا الإخوانجية بقصص اسطورية عن عمليه اعدامه، فمنهم من قال لقد كسروا ذراعه قبل اعدامه!! وكان النظام وقتها لم يكتف بإعدامه بل أراد أن يدخله قبره مشوه بكسر في الذراع!!

في اللحظات الأخيرة لسيد قطب قبيل إعدامه لم يكن هناك ضمن شهود الحدث ليرووا ما جرى إلا محمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل وقد أعدم كليهما عقب إعدام سيد قطب، ولم يكن هناك سوى الضابط الذي صاحب سيد قطب وهو في طريقه للمشنقة وهو اللواء "فؤاد علام" الذي كان ضابطا وقتها وكان شاهد عيان، والشهادة نقلاً عن مذكراته "الإخوان وأنا " التي يحكي فيها تفاصيل هذا اليوم: "يقول اللواء "فؤاد علام" إن يوم إعدام سيد قطب لم يكن اليوم معلوماً لأحد وكنت أجلس في السيارة الأولى وبجوارى سيد قطب، وفى الثانية كان يجلس محمد يوسف هواش نائي سيد قطب في قيادة التنظيم، وفى الثالثة كان يجلس عبد الفتاح إسماعيل المسئول عن الاتصالات الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين، والثلاثة محكوم عليهم بالإعدام، وركب السيارات يتحرك بهم من السجن الحربي لسجن الاستئناف لتنفيذ الحكم فيهم .
وكان سيد قطب يرتدي بدلة داكنة اللون تحتها قميص أبيض ويبدو بصحة جيدة فربما لم يتم ضربه أو تعذيبه كما أنه لم يكن مجهدًا أو مرهقًا.


وقال سيد قطب خلال الطريق بنبرة تشف وحسرة:"للأسف الشديد لم ينجحوا في تنفيذ عملية نسف القناطر الخيرية التى لو تمت لانتهى النظام"، مضيفًا أن "مشكلتى في عقلي أنا مفكر وكاتب إسلامى كبير والحكومة تريد القضاء على الإسلام عبر قتلى".


اعدام سيد قطب


وأضاف قائلًا "تدمير القناطر ومحطات الكهرباء والمياه كان سيكون بداية الثورة الإسلامية وإنذار شديد للناس لينتبهوا من غفلتهم وسكرتهم بنظام حكم عبد الناصر".
ثم بدأت مراسم تنفيذ الحكم فلبس سيد قطب بدلة الإعدام الحمراء وسئل إن كان يريد شيئاً فطلب كوب ماء تجرعه ثم طلب أن يصلى الفجر ثم دخل غرفة الإعدام وتم تنفيذ الحكم.
إلى هنا انتهت شهادة اللواء فؤاد علام على تنفيذ حكم إعدام سيد قطب وكما روى علام، فإن يوم التنفيذ كان سريًا فلم يعلم به حتى سيد قطب نفسه وبالتالي فإن ما قيل من روايات إخوانية عن تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل إعدامه محل شك كبير، فلم يكن أحد يعلم وقت تنفيذ الحكم حتى سيد قطب نفسه، ولم يكن أحد معه سوى الضابط المسؤول عن النقل والتنفيذ.


 في الحلقة الثانية .. وثيقة زواجه من الضابطة الإسرائيلية في الوحدة 131 "شيروتها يديعوتShai" و علاقته بالمخابرات الأمريكية وملف"شذوذ الجماعة"