التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:32 م , بتوقيت القاهرة

خلافا لما هو شائع.. دار الإفتاء: الكلاب طاهرة ولا تطرد الملائكة

على عكس ما هو شائع ومتداول، بما قيل عن الكلاب، بأن اقتناء كلب بالمنزل مخالف للشرع، ويطرد الملائكة من البيت، عملًا بالحديث المتواتر "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة"، أفتت دار الإفتاء في فتوى لها، بأن اقتناء الكلب لا يمنع مِن دخول الملائكة على قول كثير من أهل العلم.


وكان قد ورد دار الإفتاء، سؤالًا لأحد الأشخاص يسأل هل الكلب نجس؟ وهل يجوز بيعه؟ وما حكم اقتنائه في المنازل؟


فأجابت دار الإفتاء قائلة: أن الكلب هو حيوان معروف بالنباح، فكل ما نبح وإن صغر حجمه بما فيها الكلب الرومي، أو كبر حجمه، وتغير شكله من أنواع ذلك الحيوان فهو كلب، وإن ضعف نباحه، وأما ما لا ينبح وإن أشبه الكلب تماما فهو إما ذئب، أو ثعلب، وليس بكلب، ولا يشاركه نفس الأحكام.


وأظهرت دار الإفتاء في فتواها تلك، أحكام الكلب من حيث طهارته، واقتناؤه، وبيعه، فقالت عن طهارة الكلب ونجاسته، أن الكلب نجس العين عند الشافعية والحنابلة، وهو عند الحنفية طاهر ما عدا لعابه وبوله وعرقه وسائر رطوباته، فهذه الأشياء نجسة.


وعند المالكية هو طاهر، هو وسائر رطوباته، فقد قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه" إذا ولغ كلب أو أكثر في إناء ماء مرة أو أكثر ندب إراقة ذلك الماء، وندب غسل الإناء سبع مرات تعبدًا؛ إذ الكلب طاهر.


والأولى الخروج من الخلاف باتباع المذهب الأول القائل بنجاسة عين الكلب، فمن تسبب له هذا المذهب في الضيق والحرج فيجوز له تقليد من لم يقل بنجاسة عين الكلب من الحنفية أو المالكية.


ومن حيث تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب، قالت دار الإفتاء، أنه ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب غسل الإناء سبعًا إحداهن بالتراب إذا ولغ الكلب فيه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ".


والمستحب أن يجعل التراب في الغسلة الأولى؛ لموافقته لفظ الخبر؛ أو ليأتي الماء عليه بعده فينظفه، ومتى غسل به أجزأه؛ لأنه روي في حديث (إحداهن بالتراب)، وفي رواية أخرى: (أولاهن)، وفي رواية ثالثة (في الثامنة)، ومحل التراب من الغسلات غير مقصود.


وعند الحنفية الغسل الواجب ثلاثة بغير تراب، وذهب المالكية إلى أنه يندب غسل الإناء سبعًا، ولا تتريب مع الغسل، وعليه فمن تيسر له العمل بمذهب الشافعية والحنابلة بغسله سبعًا إحداهن بالتراب فذلك أولى؛ للخروج من الخلاف، وإلا فيجوز غسله ثلاث مرات بغير تتريب، كما ذهب إليه الحنفية.


وحول حكم اقتناء الكلب، أفادت فتوى دار الإفتاء بأن الفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لحاجة، كالصيد والحراسة، أو للماشية، أو للزرع، ومساعدة الضرير وغير ذلك من وجوه الانتفاع التي لم ينه الشارع عنها، ويجوز تربية الكلب الصغير الذي يتوقع تعليمه الصيد؛ أو لاتخاذه لهذه المنافع المذكورة، ولا ينبغي اتخاذه لغير ما ذكر من منافع.


أما عن حكم بيع الكلب، فقالت دار الإفتاء، أنه ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية إلى عدم جواز بيع الكلب؛ لما ورد من نهي النبي صلى الله عليه وسلم، عن ثمن الكلب، وثبت ذلك صحيحا في حديث مسلم، وذهب الحنفية إلى جواز بيع الكلب مطلقًا؛ لأنه مال منتفع به حقيقة، وذهب ابن نافع وابن كنانة وسحنون من المالكية إلى جواز بيع الكلب المأذون في اتخاذه، مثل كلب الماشية والصيد.


واستدلت الدار بما قاله الكاساني في "بدائع الصنائع" بقوله: وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ بِلا خِلافٍ. وَأَمَّا بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ سِوَى الْخِنْزِيرِ -كَالْكَلْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالأَسَدِ وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْهِرِّ، وَنَحْوِهَا-فَجَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.


 ونقلت الدار قول ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" قوله: وفي الحديث: "من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية" دليل على أنه يجوز اقتناء كلب الصيد وكلب الماشية، والاقتناء لا يكون إلا بالاشتراء، ففيه دليل على جواز بيع كلب الماشية والصيد، وهو قول ابن نافع وابن كنانة وسحنون وأكثر أهل العلم، والصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز الانتفاع به، وجب أن يجوز بيعه، وإن لم يحل أكله، كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله، ويجوز بيعه لمّا جاز الانتفاع به.


وقالت دار الإفتاء أن هذا دليل على خلاف ما قاله ابن القاسم، ورواه عن مالك، من أنه لا يجوز بيع كلب ماشية ولا صيد، كما لا يجوز بيع ما سواها من الكلاب؛ لنهي النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، عن ثمن الكلب عمومًا.


وشددت دار الإفتاء على أنه يستنتج مما سبق بيانه أنه على المسلم العمل بما ذهب إليه الجمهور؛ لقوة مذهبهم، وللخروج من الخلاف، وذلك إذا كان في سعة من أمره ولا يتحرج وغير مضطر لبيعها، وأما من ابتلي بهذا الأمر، واحتاج لبيعها فيجوز له تقليد الحنفية ومن قال بقولهم من المالكية، فإنه من ابتلي بشيء يجوز له أن يقلد من أجاز.