التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:07 م , بتوقيت القاهرة

وطن أدمن الفشل

(1)
يقول بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي: "الشخص الذي لا يتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة الأخطار لن يحقق إنجازا في الحياة.. والأبطال لا يُصنعون في صالات التدريب، الأبطال يُصنعون من أشياء عميقة داخلهم هي الإرادة والحلم والرؤية".

كلمات تبدو منطقية وواقعية عندما تتوافر الظروف الطبيعية والعادلة للمنافسة، ويبقى الفيصل تلك القوة الكامنة في ذات كل منافس، لكن عندما نفتقر لأدنى اشتراطات النزاهة، وقواعد المنافسة الشريفة، وأساسيات الأداء، حينها تبدو هذه الكلمات كنكتة سخيفة جدا.

(2)
ولا أسخف من تلك النكتة وإن شئت قلت الكابوس الذي يعيشه إيهاب عبد الرحمن، بطل ألعاب القوى، وأمل مصر في أولمبياد ريودي جانيرو بتحقيق ميدالية أولمبية في لعبة رمي الرمح، المتهم من قبل المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات، بتعاطي منشطات من نوع المكملات الغذائية المحظورة من قبل المنظمة، ما يهدد مشاركته في الدورة الأولمبية، والإيقاف لمدة 4 سنوات حال ثبوت الاتهام.


اللاعب المصري ايهاب عبد الرحمن


إيهاب عبد الرحمن من مواليد 1 مايو 1989، لاعب ألعاب قوى ينافس في لعبة رمي الرمح، ويعد أفضل رقم شخصي له هو 89.21 متر، وحققه في مايو 2014 في شانجهاي، وحقق فضية بطولة العالم لألعاب القوى عام 2015، وذهبية بطولة إفريقيا لألعاب القوى عام 2010، وفضية بطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 2013، وفضية بطولة العالم للناشئين لألعاب القوى عام 2008، وبرونزية بطولة إفريقيا للناشئين بألعاب القوى عام 2007.


ارتباطات ومنافسات إيهاب عبد الرحمن تجبره على الخضوع لتحليل المنشطات بشكل دوري ومنتظم، واللاعب نفسه يقول: "نتيجة تحليل عينة الدم والبول في مايو كانت سلبية، وتعرضت لتحليل الدم والبول 4 مرات بالسويد في 17 يونيو الماضي والعينة الأخيرة أخذت في منزلي بالشرقية خلال أبريل ونتيجتها كانت لابد أن تظهر بعد شهر".

من يملك هذا السجل المشرف من الإنجازات، ومن ينتظره مجد أكبر في المستقبل القريب، يقيني أنه يمتلك من الذكاء والمهنية، ما يحول بينه وبين هذا الخطأ الفادح.
 
(3)
قليل من التأمل في المشهد وأبعاد الصورة قد يكون كفيلا بالتفسير.. في 12 يوليو الماضي اتهم إيهاب عبد الرحمن عبر حسابه على فيس بوك مسئولي اللجنة الأوليمبية، بتعمد استبعاد مدربه محمد نجيب من البعثة الرسمية للأولمبياد، واستبداله بالمدرب الأجنبي بريان ديفيد.


وفي 19 يوليو الماضي واصل البطل المصري سرد أزمته مع اللجنة الأوليمبية قائلا: "معلش يا جماعة لو كنت بظهر أو بكتب كتير في الفترة الصعبة دية... بس فعلا الموقف بقا لا يحتمل فعلا.. السادة مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية.. ونركز على المصرية دية شوية.. بعد قصة المدرب والناس كلها شفتها.. مش ربنا يهديهم بقا الكام يوم دول.. لا وإزاى مش  أنهردا بتحطلنا رئيس بعثة ألعاب القوى بدون علمنا أو علم الاتحاد وهو حق أصيل للاتحاد...والأهم أن الراجل ده مشطوب بقرار جمعية عمومية 2014 ... والأهم بالنسبالنا أن احنا بنرفض التعامل مع هذا الشخص على الإطلاق".


اللاعب أقحم نفسه في معركة الخلافات بين بين اتحاد ألعاب القوى، واللجنة الأولمبية، ويبدوا أنها حرب تكسير عظام، لذا هناك من قرر أن يكون البطل المصري أحد ضحايا الصراع.. وإلا لماذا لم تظهر نتيجة عينة أبريل إلا الآن وبعد إعلان اللاعب عن خلافاته مع اللجنة، خاصة أن نتائج عينات ما بعد أبريل كلها سلبية، هل هي صدفة.. أشك.
 
(4)
التاريخ دائما مفيد في استشراف المستقبل.. ففي 2004 كانت العاصمة اليونانية أثينا شاهدة على صفحة ناصعة البياض من تاريخ الرياضة المصرية، عندما رفع كرم جابر، العلم المصري، اعتلى منصة التتويج حاملاً الميدالية الذهبية لوزن 96 كيلو في المصارعة اليونانية الرومانية بالدورة الأولمبية الخامسة والعشرين.



كرم جابر، الفائز أيضا بفضية أولمبياد لندن 2012، والحاصل علي وسام أحسن مصارع في العالم‏ 4‏ مرات متتالية، انتهى مشواره الأولمبي في مشهد ختامي حزين بعدما أيدت المحكمة الدولية قرار الاتحاد الدولي، باستمرار إيقافه، لمدة عامين وغرامته مبلغ 20 مليون فرنك، لعدم انضباطه والتزامه في خضوعه لاختبار المنشطات الذي تهرب منه، من لجنة مكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي للمصارعة.


البطل الأولمبي المصري اتهم اتحاد المصارعة بالتسبب في العقوبة بتعمد عدم إبلاغه بأماكن عمل المنشطات، متهما الاتحاد بمحاربته.


كرم جابر الآن بات لاعبًا للسومو، وحصد مؤخرا على برونزية بطولة أمريكا المفتوحة، لكن حتى اتحاد السومو المصري تبرا من اللاعب، وقال إن كرم جابر لم يحصل تراخيص أو تصاريح، وأن الاتحاد لا يعلم شيء عن مشاركته في البطولة.
 
(5)
"لا يصل الناس إلى حدائق النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف بهذه المحطات".. كل الشواهد تشكك في صحة اتهام إيهاب عبد الرحمن، بتعاطي مواد منشطة، والتاريخ يقول إن عبقرية الإدارة المصرية بارعة في التدمير، ومبهرة في القدرة على الفشل، وإفساد أي أمل، أثق تماما في براءة البطل المصري، وأتمنى أن تنتهي أزمته سريعا، وأن يرد بميدالية أولمبية.


اقرأ المزيد عن اللاعب إيهاب عبد الرحمن