وردة وبليغ.. حُب من أول لحن
فتاة جزائرية تبلغ من العمر 16 ربيعًا، تدخل السينما في دمشق لترى فيلم "الوسادة الخالية" الذي يشدو فيه العندليب عبد الحليم حافظ "تخونوه"، يعجبها صوت العندليب لكن يعجبها أكثر لحن الأغنية، ترسم في خيالها شخصية ذلك المبدع صاحب اللحن وتبحث عن اسمه، بل أنها تقع في غرامه دون أن تراه وتتمنى أن تتزوجه، لتعرف قصص الحب شكلًا جديدًا وهو "الحب من أول لحن" الذي جمع الملحن المصري بليغ حمدي بالمطربة الجزائرية وردة.
وذكرت الفنانة وردة الجزائرية التي رحلت عن عالمنا في مايو 2012، أنها أحبت بليغ عندما سمعت لحن "تخونوه" وأخذت عهدًا على نفسها أن تلتقي هذا الرجل المبدع.
وعن حبها للحن قالت "أعجبني اللحن لأنه جديد ومختلف به شجن عظيم، أوكد أن شخصية بليغ ظهرت بهذا اللحن".
تأتي وردة إلى مصر في أوائل الستينات، وتلتقي بليغ الموسيقى الذي رسمته في خيالها قبل لقائه بمنزل محمد فوزي، ليحبها من أول نظرة -على حد وصفه- وتغني من ألحانه في فيلم "ألماظ وعبده الحامولي".
تمر الأيام ويقابل بليغ والد وردة طالبًا منه زواجها لكنه الأب يرفض تمامًا لأنه فنان، وتتزوج وردة من رجل جزائري آخر يرفض عملها بالفن وتبعد وردة حينها عن الغناء لفترة، لكن مطلع السبعينات يشهد تغير بحياتها إذ طُلب من بليغ السفر للجزائر ليلحن أغنية عيد الاستقلال الجزائري، ومصادفة تغنيها هي لتخوض معارك عديدة من أجل العودة للفن خاصة بعد أن أقنعها بليغ ألا تحرم جمهورها من صوتها وأن تتجه لمصر لتبدأ رحلتها الفنية.
تنفصل وردة التي وُلدت في يوليو 1932، عن زوجها الجزائري وتأتي إلى مصر لتبدأ مشوراها الفني بمساعدة بليغ الذي، وتزوجا عام 1973 لمدة 6 أعوام.
زواج وردة وبليغ شهد مواقف كثيرة غريبة بينها غيابه يوم خطوبتهما رغم الإعداد للحفل إذ نسى بليغ الموعد ولم يأت من لبنان، لتعيش وردة حالة من الاكتئاب والغضب وتقول عن هذه اللحظة: "أنا ساعتها ماكنتش عايزاه وكنت رافضة الارتباط بيه تمامًا" حتى يقنعها بليغ بالعودة والزواج وتوافق بفعل الحب.
يرى الكثير من النقاد أن فترة زواج بليغ ووردة شهدت قمتهما الفنية، وتؤكد وردة صحة القول "الحب الفني المتبادل بينا كان في غاية الأهمية لنجاح تجربتنا، ومن عوامل نجاح أي تجربة غنائية أن يتبادل الملحن والمطرب الحب، لأن الملحن لن يقدم لحنًا جيدًا لأي مطرب إلا إذا أحبه، فما بالك بأن يكون الحب على المستوى الفني والإنساني".
رسائل الحب بين بليغ ووردة لم تقتصر على أرض الواقع فقط، إذ طوع بليغ ألحانه بل كتب أيضًا لودرة كلمات ولحنها لتحمل رسالة حب لها، ولعل أبرز قصة كانت أغنية "بعيد عنك" للسيدة أم كلثوم، إذ قالت كوكب الشرق لبليغ "أنت بتستخدمني "كوبري" يا بليغ عشان توصل للبنت اللي بتحبها!"، كما قالت وردة أن أغنية "أنساك" كانت تحمل في بدايتها رسالة لها.
ومثلت أغنية "العيون السود" التي كتب بليغ مطلعها كرسالة لحبيبته"وردة" وأكملها محمد حمزة، رسالة مهمة في قصة حبهما، إذ كانت عبر بليغ عن ألمه لفراق وردة لسنين عديدة بعد رفض والدها أن تتزوجه.
ويقول بليغ عن وردة: " أخدت منها الحب والحنية والدفا والصدق، أول ما شوفتها قولت إني لازم أتجوزها، وبعيدًا عن الحب بينا لاشك صوتها من أحب الأصوات لقلبي وضلع صادق لتوصيل فني للناس صوتها أضاف للغناء العربي.
"وردة حبيبتى وزوجتي، وتوأم روحي وشريكة حياتي".. بليغ حمدي
الأعمال التي جمعت وردة ببليغ كثيرة من بينهم:"وحشتوني"و"اسمعوني" و"أولاد الحلال" و"حكايتي مع الزمان" و"حنين" و"مالو لو سألوك"، وترى وردة أن لحن "خليك هنا.. بودعك"، هو قمة أعمالهما الغنائية وانصهارهما الفني ونهاية قصة الحب.
وفي عام 1979 انفصلا بيلغ ووردة التي رأت أن الغيرة وكون بليغ كائن "بوهيمي ومجنون" يعشق فنه في المقام الأول ثم يأتي أي حب آخر في المقام الثاني سببًا كفيًا للانفصال عنه، مضيفة "عايش لوحده ممكن يديني ميعاد ويفضل أيام وبعد كدا يجي ويعتذر بعدها ده كان بيزعلني منه جدًا".
ظلت وردة وبليغ أصدقاء حتى وفاته، بل أن وردة ذكرت أن علاقتهما تحسنت بعد الطلاق لأنها لم تعد تحاسبه على التأخير أو أين كان يقضي وقته ولم يعد هناك غيرة تضايقه منها.