الجامع الأزهر..تاريخ الترميمات..أول أثر فاطمي عاصر تأسيس القاهرة وظل باقيا
اتخذ الجامع الأزهر اسمه من لفظ "الزهراء" وهو لقب السيدة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وحملت مقصورة أقيمت في الجامع الأزهر لقب "الزهراء" فأصبح الجامع الأزهر.
المعلومات في السطور السابقة ليست لي، بل للعالم الأثري الكبير الراحل حسن الباشا، الذي لفت في مجموعة كبيرة من كتبه إلى أن الجامع الأزهر أول عمل معماري فاطمي عاصر تأسيس القاهرة، وظل باقيا حتى اليوم، وحسب حسن الباشا، فإن بعض المؤرخين يرون أن تسميته بالأزهر ترجع إلى القصور الزاهرة التي بنيت حينما أنشئت القاهرة، بينما يرى البعض الآخر أنه سمي كذلك تفاؤلا بما سيكون له من الشأن والمكانة في ازدهار العلوم.
نستعيد هنا في هذه السطور تاريخ الجامع الأزهر، بمناسبة إتمام أحدث عملية ترميم شهدها الجامع، مؤخرا، حيث يرتبط تاريخ الجامع الأزهر بمؤسس القاهرة جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله، وبدأ العمل في الجامع الأزهر في 24 جمادى الأولى سنة 359 هجرية، وانتهى من تأسيسه وأقيمت به أول جمعة في السابع من رمضان سنة 361 هجرية.
كل من حكموا مصر، وجلسوا على مقعد السلطنة، أو كرسي الرئاسة، عمّر في الجامع الأزهر، وزاد في بناءه أو رممه، وهكذا سنجد أن المسجد الذي بناه الفاطميون، زاد في عمارته المماليك، فبنى الغوري مئذنته ذات الرأسين، وأضاف له الأشرف قايتباي بابا، يقول حسن الباشا في كتابه المعنون "القاهرة تاريخها فنونها وآثارها": صحن الجامع الأصلي كان مستطيلا، يحف به من الشرق والغرب رواقان فقط، بكل منهما ثلاث بلاطات تفصلهما بائكات بكل منها 11 عقدا، ومن أسفل قبة الخليفة الحافظ، إذا اتجهنا إلى الداخل مستقبلين القبلة نكون في الواقع قد وصلنا إلى حيث رواق القبلة للجامع الأزهر الأصلي منذ عهد جوهر، وقد كانت مساحته مستطيلة تقريبا 88 * 70 مترا.
سقطت القبة الفاطمية الأصلي للجامع، وتم تجديد قبة رواق القبلة، وتبقت – حسب كتاب حسن الباشا- من العمارة الفاطمية الأصلية للجامع عقود المجاز الأربعة الأولى من الجانبين وما اشتملت عليه من زخارف، وكتابات كوفية ترجع إلى عهد جوهر، والزخارف الكتابية حول الشبابيك الجصية الباقية في الجانب الشرقي والغربي ، والمحراب الكبير الأصلي بكتاباته ونقوشه التي اكتشفها المرحوم حسن عبد الوهاب، وزخارف وكتابات مؤخر الجامع من داخل رواق القبلة وهي ترجع إلى عصر الحاكم بأمر الله لتشابه زخارفها مع زخارف جامع الحاكم.
تغير حال الأزهر في عصر الدولة الأيوبية السنية، التي أوقفت الخطبة في الجامع الأزهر، وظلت كذلك نحو قرن إلى أن تولى السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، فاهتم بأمر الجامع، وزاد في بناءه، وشجع التعليم فيه، وأعاد إليه الخطبة في سنة 665 هجرية، وسارت سياسة سلاطين المماليك وأمرائهم على إصلاح الجامع، وتوسيعه، وإدخال الزيادات في عمارته، حتى تضاعفت مساحته الفاطمية.
وفي العصر العثماني، أجرى الأمير عبد الرحمن كتخدا عمارات كثيرا في الجامع الأزهر، فأضاف إلى رواق القبلة رواقا كبيرا آخر، يشتمل على خمسين عمودا رخاميا، تحمل بوائك ذات عقود حجرية مرتفعة.
وأنشأ هذا الأمير بابا عظيما ناحية الجامع الجنوبية الغربية واشتهر الباب باسم باب الصعايدة، وبنى أعلاه كتابا لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين القرآن.
في العصر الحديث، افتتح الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، عام 1998، أعمال تطوير وترميم الجامع، في إطار حطة طموحة لإنقاذ آثار ومعالم القاهرة الإسلامية حسبما تم الإعلان آنذاك.
اقرأ أيضا: