التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 05:01 م , بتوقيت القاهرة

«كلمة السر» في استيراد «الغاز الإسرائيلي»!

نحن كما نحن، لم نتغير. لم نترك لأنفسنا فرصة لالتقاط الأنفاس، أو محاولة هادئة للفهم. تركنا أنفسنا لـ«الزيطة»، واستسلمنا لـ«الزياط» مع «الزياطين».. «الفسابكة» و«التويتريون» صارعت أيديهم عقولهم، مستمتعين بـ«التكتكة» والضغط على حروف «الكيبورد»؛ ليتقيؤوا ما يكتبونه، بزعم أنهم- دون غيرهم- يمتلكون الحقيقة المطلقة، والفهم الصحيح.


في كل مناسبة- ولا يخفى على القارئ «الأريب» أن «التعميم» هنا ليس مطلقًا، وأن لكل قاعدة استثناء- نتحول إلى «فتَّايين»، و«مؤرخين»، و«جغرافيين»، و«محللين سياسيين»، و«خبراء استراتجيين»، و«فقهاء قانون» محلي ودولي، وأصحاب فَهْمٍ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. مارسنا هوايتنا في «اللت والعجن»، و«التنظير»، وادعاء «الفهم العميق»! 


عقب كل حدثٍ تنفجر «البلّاعة»؛ وتتسابق الفضائيات على استضافة أيهم أكثر «رغيًا»؛ لتملأ الوقت المحدد للهواء على شاشتها، وتتقاتل المواقع الإخبارية الإليكترونية على مَنْ يُطلق عليهم «خبراء في أي حاجة»؛ ليتحفونا بالعجائب والغرائب والطرائف.. ونفس الحال للصحف الورقية.. بينما الطامة الكبرى في الـ«فيسبوك» و«توتير» وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعية، التي تحولت إلى «سوق عشوائي»، أو «مقلب زبالة» كُلٌ منا يلقي «قمامته» فيه!


وبالأمس لم يكن للناس حديث إلا عن صفقة الغاز الإسرائيلي، واستيراد مصر الغاز الطبيعي من تل أبيب.. فجأة تحولنا إلى «خبراء غازيين».. لم نترك لأنفسنا دقائق نفهم الحقيقة.. استسلمنا لإعلام الاحتلال الإسرائيل والإخوان وهو يهيل التراب على مصر.. وشاركنا في تقطيع مصر ومسؤوليها.. واتهمناهم بـ«الخيانة» و«العمالة»، و و و و! 


لم ينتظر هؤلاء مَنْ يخرج عليهم ليوضح لهم الحقيقة، لم يتركوا لأنفسهم فرصة لتدبر توقيت الإعلان عن هذه الصفقة.. فاتهم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ربما لجأ إلى هذا الإعلان بحثًا عن طوق نجاة، أو ورقة انتخابية، أو «تجميل وجهه»، بعد سلسلة الاتهامات التي يواجهها.


لم يضع هؤلاء في حسبانهم أن إعلام الاحتلال من الممكن أن «يكذب»، كما كذب الأسبوع الماضي، وادعى أن الدول العربية كلها وافقت على أن «القدس عاصمة لإسرائيل»!


لم يلتفت هؤلاء إلى «بيان» وزارة البترول، وقالت إنه ليس لديها تعليقًا على أي مفاوضات أو اتفاقيات تخص شركات القطاع الخاص بشأن استيراد أو بيع الغاز الطبيعي. وتأكيدها بالتعامل مع أي طلبات وفقاً للوائح المطبقة، وفي ضوء أن مصر تمضي قدما لتنفيذ استراتجيتها لتصبح مركزا إقليميا لتجارة وتداول الغاز.


لم يفكر هؤلاء- ولو لحظة واحدة- أن استيراد الغاز الطبيعي من اليونان وقبرص والأردن والعراق، وحتى إسرائيل، وتسييله في معامل الإسالة المصرية ومنها معمل «إدكو»، وإعادة تصديره إلى القارة الأوروبية سيمثل نقلة اقتصادية هائلة ستعود بالنفع على مصر والمصريين.


هؤلاء اسكتبروا أن يقولوا «إحنا مش فاهمين»، أو «إيه إللي بيحصل».. ولم يفكروا في شيء إلا في إطلاق أيديهم لتشويه الآخرين، أو إطلاف ألسنتهم لممارسة فنون السخرية وإلقاء الاتهامات جزافًا؛ أملًا في حصد «شوية لايكات» على «الفيس»، أو الحصول على لقب «معارض»!


المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع