للباحثين عن الفسفور.. احترس فأكل الجمبري "حرام"
استنادا إلى المذهب الحنفي، أفتى بعض علماء الدين بحرمة أكل الجمبري والإستاكوزا والكابوريا، معتبرين أنها ليست من الأسماك، مرجعين ذلك إلى الإمام أبو حنيفة النعمان صاحب المذهب الثاني من المذاهب الإسلامية والأوسع انتشارا بين مذاهب أهل السنة في تحريم تناول تلك المأكولات.
وكانت أحدث فتوى صادرة حول هذا الأمر، ما أفتى به الشيخ محمد عظيم الدين رئيس مفتي المدرسة الدينية في الهند، حيث أصدر فتواه بحرمة أكل الجمبري والكابوريا والاستاكوزا باعتبارها من المفصليات، وهو قريب الشبه من الحشرات، ولا يجب تناوله.
حيث يرى الإمام أبو حنيفة صاحب ومؤسس المذهب الحنفي، بأن أكل الجمبري وما يدخل في جنسها "الاستاكوزا والكابوريا" حرام لشبهها الحشرات التي أمر النبي بقتلها في الحل والحرم وهي العقرب.
حرام
وكان قد ذكر علاء الدين الكاساني الفقيه الحنفي المشهور، وأحد كبار فقهاء الحنفية في عصره، بكتابه "بدائع الصنائع" الجزء الرابع في صفحة رقم 144، قول ابي حنيفة (فَالْحَيَوَانُ فِي الْأَصْلِ نَوْعَانِ : نَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ ، وَنَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ أَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ. فَجَمِيعُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إلَّا السَّمَكَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا مَا طَفَا مِنْهُ)، وفسر ذلك بأن الجمبري والتماسيح والضفادع وغيرها مايدخل في اسم حيوان لايؤكل.
وقد فسر الفقهاء من بعده، بأن هذا الرأي الذي جاء به الإمام ابو حنيفة يحلل ما اندرج تحت اسم السمك عملا بقوله تعالى " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَة"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، معتبرا أن السمك يجوز أكله إن كان غير طافيا، أما إن كان السمك طافيا فلا يؤكل، وأضافو معه جنس الحيوانات البحرية التي تؤكل، فإن كانت طافية فلا يحل أكلها.
جائز
واعتبر الدكتور سعد الدين الهلالي استاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن ماذهب إليه المذهب الحنفي في تحريم أكل الجمبري والإستاكوزا والكابوريا، هو اعتبارها جنسا مختلفا عن الأسماك، منوها إلى أن هذه الحيوانات كانت تسمى عند العرف في هذا الوقت بأسما مختلفة، وكانوا يعدونها جنسا مختلفا عن جنس الأسماك.
وقال "الهلالي" إن السادة الحنفية أجازوا أكل السمك إن كان غير طاف، ليدخل فيه جنس السمك بمختلف أشكاله تحت هذا الجنس، لكن غير الطافي فلا يؤكل أي ما كان يعيش على سطح المياه، معتبرا أنه جنس من الدود الذي يعيش على السطح ويتغذى على الحشرات العالقة بالماء.
ونوه أستاذ الفقه المقارن إلى أن المتتبع للمذهب الحنفي يرى أنه حرم أشكالا مختلفة من المأكولات لشبهته فيها، فقد حرم أصنافا أخرى من الأكلات منها أكل خصية الحيوانات، وكذلك بعض الأعضاء الداخلية للحيوانات، باعتبارها تحمل مسببات للأمراض.
واستدل "الهلالي" بما جاء في حكم الحنفية في أكل الجمبري، ما قاله الإمام المحقق الفيروز آبادي في قاموسه المحيط في تعريفه بالجمبري "أن الروبيان بالكسر هو سمك كالدود"، وقال شارحه الزبيدي في تاج العروس "وفي الصحاح بيض من السمك كالدود يكون في البصرة بالعراق".
لكن بعض فقهاء الحنفية أفتوا بأن أكل الجمبري حلال وهو ما نقله العلامة الفقيه المحدث التهانوي الحنفي في كتابه "أعلاء السنن" " أن كل ما كان من جنس السمك لغة وعرفا فهو حلال بلا خلاف كالروبيان ونحوهما".
رأي دار الإفتاء
فيما أكد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الجمبري وما يدخل في جنسه من الاستاكوزا والكابوريا حلال أكله بإجماع الفقهاء والمذاهب، ومنهم مذهب أبو حنيفة النعمان، لكن الخلاف جاء نتيجة لتأويلات وتفسيرات فقهاء المذهب الذين جاؤوا من بعده، مشيرا على أن الجمبري يدخل في جنس الأسماك، وقد اتفق أهل اللغة على أن الجمبري والاستاكوزا والكابوريا، نوع من السمك، وكل أنواع السمك وأصنافه حلال.
وقال أمين الفتوى، بأن من يحرم الأكل الجمبري يستندون إلى اعتباره مشابها للحشرات، وبخاصة العقارب، لكنه في حقيقة الأمر لا توجد أي مشابهة بين الجمبري والعقرب، مبينا أن الجمبري من طائفة القشريات، وهو معدود مِن طيبات السمك عند العرب وغيرهم وفي أعراف الناس.
أما العقرب فمن العنكبوتيات وهو مستقذر عرفا وشرعا، والتشابه الظاهري بينهما لاينبيء عن أي مشابهة حقيقية بينهما في الخصائص أو المميزات، مشيرا إلى الإسم الصحيح للجمبري وهو "القريدس"، موضحا بأن كلمة "الجمبري" في الأصل كلمة إيطالية وفدت إلينا مع جملة الألفاظ الإيطالية التي جاءت إلى اللهجات المصرية.
سمك القرش
وحول اعتبار أكل اسماك القرش حلال أم حرام؟ يقول الدكتور حسين عبد المطلب أستاذ الشريعة الإسلامية، أن الفقهاء اختلفوا في حكم أكل سمك القرش على رأيين.
الأول: منه أنه يحرم باعتباره سمكا مفترسا يعيش على الفرائس الحيواينة ويتغذى على اللحم، مستنيدين في ذلك على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه "نهى عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير"
أما الرأي الثاني، وهو الراجح ، أنه يجوز أكله، لقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، وهو ما اورده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وهذا القول هو الراجح.
اقرأ أيضا..