لهيب نيران يتصاعد وألسنة الدخان تغطي الرؤية، صرخات الجميع تملأ المكان، الكل يجري يميًنا ويسارًا ولا أحد يعرف ماذا يحدث؟، التجسيد السابق لم يكن مشهد من فليم "أكشن" أو مسلسل درامي، لكنه واقع ملموس عاشه أهالي وسط البلد بالقاهرة صباح يوم 26 يناير عام 1952، حينما استيقظوا على حريق القاهرة الشهير، والذي شب في عدة منشآت، وخلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محلٍ وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط البلد.

خسائر الحريق

مع حلول الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا، كانت النار قد التهمت نحو 300 محل، بينها أكبر وأشهر المحلات التجارية في مصر مثل شيكوريل، عمر أفندي، صالون فيردي، 30 مكتبًا لشركات كبرى، 117 مكتب أعمال وشقق سكنية، 13 فندقًا كبيرًا منها: شبرد، ومتروبوليتان، وفيكتوريا، و40 دار سينما بينها ريفولي وراديو، ومترو، وديانا، وميامي، و8 محلات ومعارض كبرى للسيارات، و10 متاجر للسلاح، و73 مقهى ومطعمًا وصالة منها جروبي والأمريكيين، و92 حانة، و16 ناديًا.

خسائر بشرية

الحريق لم يتوقف فقط على الخسائر المادية، حيث أسفر عن مقتل 26 شخصًا، فيما بلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصًا، وقد ذكر محمد نجيب في مذكراته، أن القتلى كانوا 46 مصريًا و9 من جنسيات أخرى.

كما أدى الحريق إلى تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت، بعد أن واصلت النيران الاشتعال حتى الساعة الحادية عشر مساء.

تنفيذ العملية 

المثير أن الواقعة لم تكن طبيعية، حيث أجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان، على أن الحادث كان مدبرًا، وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب والمهارة، فقد اتضح أنهم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، بالإضافة إلى قدرتهم العالية على استخدام أدوات لفتح الأبواب المغلقة ومواقد إستيلين لصهر الحواجز الصلبة على النوافذ والأبواب.

كما كشفت التحقيقات الأولية للواقعة أن منفذي الحريق استخدموا نحو 30 سيارة، كما أن اختيار التوقيت يعد دليلاً آخر على مدى دقة التنظيم والتخطيط لتلك العمليات، فقد اختارت هذه العناصر الساعة الواحدة بعد ظهر يوم السبت، حيث تكون المكاتب والمحلات الكبرى مغلقة بمناسبة عطلة نهاية الأسبوع، وتكون دور السينما مغلقة بعد الحفلة الصباحية.

اقرأ أيضًا..

"غرقنا في شبر مية".. الأمطار تضع 3 جهات حكومية في حرج

لأول مرة.. 10 آلاف شاب يتابعون انتخابات الرئاسة والترشح للمحليات الخطوة المقبلة