كيف دبر أردوغان "انقلابًا وهميًا" للتغطية على فضيحة امبراطور الذهب؟
اعترف امبراطور الذهب، وشريك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بجرائمه أمام القضاء الأمريكي، في أكبر فضيحة تشهدها تركيا، الأمر الذي سيضع الديكتاتور العثماني في مأزق سياسي، لا يعلم أحد حتى الآن أبعاده.
انكشاف واقعة امبراطور الذهب
بدأ القضاء الأمريكي الإثنين الماضي، إجراءات اختيار هيئة المحلفين للمشاركة في نظر القضية التي يحاكم فيها رجل الأعمال التركي ذو الأصول الإيرانية رضا ضراب - 33 عامًا - الملقب بـ"امبراطور الذهب"، مع النائب السابق للمدير العام لبنك هالك الحكومي محمد هاكان أتيل، بعد القبض عليهما في مارس الماضي، بتهمة خرق العقوبات الدولية على إيران، بعد أن كان متهمًا في قضية الفساد والرشوة التاريخية التي بدأت في تركيا في 17-25 ديسمبر 2013 الماضي، ومن ثم تدخل الرئيس أردوغان في القضية وأغلقها دون اكتمال المراحل الطبيعية للعملية القانونية، الأمر الذى وضعه أمام شبهات التواطؤ.
ويواجه رضا ضراب الذي يحمل الجنسيتين التركية والإيرانية، وتربطه علاقات بمسؤولين أتراك بارزين في ميامي، اتهامات بأنه ساعد إيران على القيام بتعاملات بملايين الدولارات عندما كانت تواجه عقوبات أمريكية بسبب برنامجها النووي.
اعترافات ضد أردوغان
واعترف كلًا من ضراب ونائب المدير العام لبنك "هالك" الحكومي التركي هاكان أتيلا، الذي يخضع للمحاكمة معه في القضية ذاتها، الثلاثاء، أمام المحكمة الأمريكية، بكل الجرائم المسندة إليهما، من تزوير مستندات بنكية وتلقي رشوة وتبييض أموال من أجل التحايل على العقوبات الدولية على إيران، والتي جرت بمعرفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأكد أتيلا، أن النقود التي عُثر عليها مخبأة في صناديق أحذية أثناء مداهمة الأمن التركي منزل رئيس بنك هالك سليمان أصلان، في إطار تحقيقات الفساد والرشوة عام 2013، لم تضعها الشرطة، ولم تكن جمعت من أجل بناء مدرسة دينية، كما زعم الرئيس أردوغان آنذاك، وإنما كانت رشوة تلقاها رئيس البنك، كما اعترف ضراب بكل الرشاوى التي تصل إلى ملايين الدولارات والتي قدمها حينئذ لمجموعة من الوزراء، وعلى رأسهم وزير التجارة السابق ظفر تشاجلايان، الذي صدر بحقه خلال الشهر الماضي قرار أمريكي باعتقاله في إطار القضية، والوزير المسؤول عن شؤون الاتحاد الأوروبي سابقًا.
الرد الأردوغاني بسيناريو الانقلاب
عقب تفجير القضية، يرى محللون أن الرئيس التركي لم يجد أمامه إلا سيناريو "الانقلاب الفاشل" الذي حدث يوليو العام الماضي، ليعلق عليه كل الاتهامات، فقد أصدرت النيابة العامة بمدينة إسطنبول صباح الأربعاء، أمر اعتقال بحق 360 شخصًا، غالبيتهم العظمى من العسكريين برتب مختلفة، وذلك في إطار التحقيقات في محاولة الانقلاب الفاشلة، بالتزامن مع بدء محاكمة رجل الأعمال الإيراني التركي رضا ضراب في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المتوقع أن تفضح فساد الرئيس التركي أردوغان ووزراءه وأسرته، ويرى المحللون السياسيون أن المعتقلين الجدد، لهم صلة بأحداث القضية.
اعتقال الشهود
وأصدرت السلطات التركية الثلاثاء، قرارًا بضبط وإحضار أيضًا المراقب المحلف على البنوك التركية عثمان زكي جانتايكيز، والنائب السابق بحزب الشعب الجمهوري أيكان أردمير، لاتهامهما بتقديم وثائق ومستندات "مفبركة" إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لها علاقة بالتحقيقات التي تجريها السلطات الأمريكية مع رجل الأعمال الإيراني التركي رضا ضراب في الوقت الراهن، وقالت النيابة العامة في أسطنبول، إن القرار جاء بناءً على التهم الموجهة إليهما بتسريب وثائق تمس الأمن القومي بغرض تزييفها وسرقتها عن طريق الاحتيال، على حد قولها، بحسب صحيفة الزمان التركية.
ويرى الكثير من المحللين السياسيين الأتراك والدوليين، أن الرئيس التركي دبر انقلابًا أو عصيانًا محدودًا تحت السيطرة في صفوف الجيش، وإلصاق هذه الجريمة بحركة الخدمة، بهدف إعلانها "تنظيمًا إرهابيًّا مسلحًا"، والحصول على ذريعة لإطلاق حركة تصفية شاملة في كل مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية، تستهدف كل المعارضين على حد سواء وتصنيفهم بـ"المنتمين إلى حركة الخدمة".
كيف تعاطى أردوغان مع وقائع الفضيحة
أغلق الرئيس التركي قضية الفساد هذه خلال مدة قصيرة من بدءها، ثم اعتقل كل الشرطيين والقضاة الذين أخذوا دورًا بشكل أو آخر في هذه القضية، ومن ثم حاول إثبات توغل الموظفين المتعاطفين مع حركة الخدمة في أجهزة الدولة، وتشكيله كيانا موازيا للدولة، وبذل كل ما بوسعه لإقناع الشارع التركي والدولي بإرهابية حركة الخدمة بآلة الإعلام والدعاية العملاقة التي يملكها، رغم أن الحركة معروفة طيلة تاريخها الطويل بسلميتها ومعاداتها لكل أنواع العنف والإرهاب، الأمر الذي تسبب في أن تبوء جهوده بالفشل في هذا الصدد.
واعتبر الرئيس التركي قضية "ضراب" باطلة، ويصفها بـ"المؤامرة الأمريكية على تركيا"، تمامًا مثلما زعم أن الشرطيين الموالين لحركة الخدمة هم من وضعوا الأموال المذكورة في صناديق الأحذية، وفق اعترافات "ضراب"، ولم يتلق وزراؤه أي رشوة من أي أحد، واعتبر تحقيقات الفساد والرشوة في تركيا عام 2013 مؤامرة و"محاولة انقلاب" على حكومته.
اقرأ أيضًا
فيديو.. زعيم المعارضة التركية يفضح فساد أردوغان وعائلته بالوثائق