مرصد الأزهر يكشف حقيقة جماعة "أنصار الإسلام" الخفية
عقب تعدد العمليات الإرهابية بسيناء، وظهور جماعة إرهابية منشقة عن جماعة أنصار بيت المقدس، لقبت نفسها بجماعة "أنصار الإسلام"، وإعلانها تبني تلك العمليات، طرح مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف، سؤالا حول تلك الجماعة وهو: هل نحن بصدد ميلاد تنظيم إرهابي جديد؟ أم أمام مناورة جديدة من قبل التنظيمات الأم؟
وفي محاولة من المرصد للإجابة عن هذا التساؤل، تناول تقريرا له حول تلك الجماعة الإرهابية الجديد، بداية بتحليل بياناتها الإعلامية التي تصدرها في أعقاب عملياتها الإرهابية.
وقال المرصد إن أي بيان لتلك الجماعة، والتي تصدرها تنبيء أن صياغة بياناتهم مغايرة لصياغة البيانات الجهادية الأخرى، فمن خلال محاولة قراءة أي بيان لهم، نجد أن بياناتهم واضحة في تقليد البيانات الجهادية سواء في البيان المكتوب، أو حتى البيان المسموع، على موقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال استخدام مفردات مغايرة لتلك المستخدمة في البيانات الجهادية المعتادة مثل كلمة "بوكس"، بالإضافة لركاكة الأسلوب المستخدم في هذا البيانات، وذلك بعدم استخدام مفردات لغوية دقيقة كما هو المعتاد في بيانات الجماعات الإرهابية الأخرى.
وحول أبرز القيادات في جماعة أنصار الإسلام، قال مرصد الأزهر الشريف أن أبرز قيادات الجماعة هو "عماد الدين عبدالحميد"، والذي أعلنت جماعة "أنصار الإسلام" مقتله في عملية الواحات، وكنيته "أبو حاتم"، ويحمل أسماء أخرى مثل "مصطفى" و"رمزي"، وهو من العناصر الإرهابية الخطرة؛ حيث إنه الرجل الثاني في تنظيم "المرابطون"، الذي أسسه الإرهابي هشام عشماوي، ويتولى تنفيذ العمليات في مصر، عبر الصحراء.
ونوه المرصد إلى أن "أبو حاتم" هو من مواليد الإسكندرية، ويبلغ من العمر 36 عامًا، فُصّل من القوات المسلحة، وكانت رتبته نقيبًا في سلاح الصاعقة، وأُحيل للعمل المدني بقرار جمهوري لدواعٍ أمنية بعد اعتناقه الفكر التكفيري، وهو المتهم العاشر في قضية أنصار"بيت المقدس، وكان نائبا لهشام عشماوي، الضابط السابق في الجيش، الذي تحول للتشدد، والذي تتهمه السلطات المصرية بأنه وراء هجمات سابقة في الأراضي المصرية دبرها من خارج مدينة درنة الليبية.
وهو أحد المقربين من "عشماوي"، الذي تتخذ جماعته من جنوب ليبيا مأوى لها، وكان صديقه في سلاح الصاعقة قبل أن ينضم في 2011 إلى تنظيم أنصار بيت المقدس، وتخرج الاثنان في الكلية الحربية في نفس السنة، وفصلا من الخدمة العسكرية لاعتناقهما الفكر المتطرف، كما أن عشماوي انتقل في 2014 إلى درنة القريبة من الحدود مع مصر، وهي معقل للتطرف الإسلامي في ليبيا حيث يقود خلية تابعة للقاعدة.
فيما تساءل المرصد حول اعتبار أنصار الإسلام امتداد للجماعات الموجودة في سيناء؟ قائلا: إن الأقول تباينت حول جماعه "أنصار الإسلام" في كونها خلية للتنظيم الذي يحمل الإسم ذاته في "بوركينا فاسو"، أو أنها "تشكل امتدادًا لجبهة تحرير ماسينا في مالي"، المنتمية لجماعة أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي، وهذا الاحتمال ربما يجانبه الصواب، حيث إن أعضاء هذه الخلية ذوي وجوه عربية، ومن المعلوم أن التشكيلات إما أن تكون أفرادًا خالصة من تلك البلدان أو هجينًا من بلاد مختلفة.
ولكن الرأي الأقرب للصواب أنها مجرد خلية تابعة لجماعة أنصار بيت المقدس في الصحراء الغربية، تسعى لاتخاذ مقرٍّ لها في المنطقة الغربية بمصر، مستغلة الصحراء الشاسعة والجبال التي يمكن الاختباء فيها لتنفيذ عملياتها الإرهابية في الداخل، فهي خلية عشوائية قتالية تكونت في الأساس للتمويه وتقليل الضغط عن الجماعات الموجودة في سيناء، ومن هنا كان إعلان تسمية جديدة تحت مسمى "أنصار الإسلام".
وأشار مرصد الأزهر إلى أن تلك الجماعة بدأت نشاطها في أواخر عام 2014 تحت مسمى جماعة أنصار الإسلام، وذلك بعد تضييق الخناق على تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء من قبل قوات الشرطة والجيش، وتوقف مصادر التمويل المالي والعسكري للتنظيم، وتتبع هذه الخلية لتنظيم القاعدة، وقد دل على ذلك تهنئة قناة "حراس الشريعة" على تطبيق "تليجرام"، وهي تابعة لتنظيم "القاعدة" العناصر الإرهابية المشاركة في العملية، دون نشر بيانات، وهي القناة ذاتها التي نشرت بيان تلك الخلية بعد ذلك.
وشدد المرصد أنه على الرغم من انشقاق تلك الخلية من أنصار بيت المقدس المبايع لتنظيم داعش، إلا أنه كانت بدايات نشاطها عام 2014، وهذا العام الذي يواكب مبايعة "بيت المقدس" لداعش في أواخر عام 2014م، فيدل ذلك على اعتراض البعض من أنصار بيت المقدس على تلك المبايعة الأمر الذي دفعهم إلى الانشقاق عنهم وتكوين خلية تنتنمى إلى التنظيم الذي يؤيدونه، ألا وهو تنظيم القاعده، إضافة إلى انشقاق أبرز قيادات تلك الخلية عن جماعة "أنصار بيت المقدس" بعد أن أعلنت مبايعتها لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، وأنه سافر إلى ليبيا بعد ذلك واعتنق فكر القاعدة.
وأنهى المرصد تقريره قائلا: أن الدين الإسلامي بريء من تلك الأفعال الدامية، وتلك التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من الدين ستارًا لأفعالهم الخسيسة، وأنهم إذا أرادواْ تطبيق شرع الله فعليهم أن يعرفوا أن الدين الإسلامي قد شرع عقوبات مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم، مثل عصابات قطَّاع الطرق، ومن يفعل مثل فعلهم داخل المدينة، وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فسادًا، وقد حكم الله عليهم بأشد العقوبات كفًّا لشرهم، وحفظًا لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم، قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
اقرأ أيضًا ..