بعد عام على رئاسته.. كيف غير "ترامب" خريطة القوى بالشرق الأوسط؟
"تاريخيًا يقول الناس إن السلام في الشرق الأوسط لن يحدث، أنا أقول إنه سيحدث"، هكذا تحدث بثقة دونالد ترامب الرئيس الأمريكي خلال مؤتمر جمعه مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في سبتمبر الماضي، مضيفًا:" أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط" وأن بلاده تبذل كل الجهود الممكنة لحل الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أول زيارة فى الخارج
قرر ترامب أن تكون زيارته الأولى للخارج نحو الشرق الأوسط، لتشمل السعودية وإسرائيل، الأمر الذي يعكس أن المنطقة تتصدر أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك بعد أن كانت العلاقة قد شهدت شيئًا من الفتور إبان فترة حكم سلفه باراك أوباما، وذلك بسبب الاتفاق النووي مع إيران، العدو اللدود للسعودية، فهذه الزيارة قبل باقي مناطق الصراع الأخرى، في العالم مثل شبه جزيرة القرم، وكوريا الشمالية، والأمن الأوروبي، وغيرها.
أسباب اختيار المملكة العربية السعودية، كوجهة أولى للزيارة، بحسب اللواء سمير فرج في مقاله"الرئيس ترامب في الشرق الأوسط.. نظرة تحليلية": "هو ارتكاز الإرهاب على مفاهيم وشعارات دينية؛ فاختار ترامب «بلد الحرمين» كما وصفها في إعلان زيارته لها، ليوجه منها كلمته، من دار الإسلام المحافظ، إلى الإسلام السياسي المتطرف، الذي يهدد الأمن القومي السعودي، خاصة في سوريا واليمن والعراق، إضافة إلى الإرهاب في ليبيا، وما له من تهديدات مباشرة على الأمن القومي المصري، وبحث الملف الإيراني والسوري أيضًا".
ترامب وقطع العلاقات مع قطر
انتهج ترامب نهجًا مخالفًا لسابقه باراك أوباما الذى دعم قطر وهادن إيران على حساب مصلحة دول الخليج العربي الذين رفضوا الاتفاق النووي الذي وقعته واشنطن مع طهران، وانضم ترامب لصف الدول العربية، فعندما قطعت السعودية ودول عربية أخرى علاقاتها بقطر، انضم ترامب لها، وترك قطر تسقط، ذلك الحليف الذي يأوي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.
فى مايو الماضى، أثناء رحلته الأخيرة للشرق الأوسط، أكد ترامب على ضرورة وقف و دعم الأيدولوجيات المتطرفة، وحينما قطع الرباعي العربي علاقته بقطر، عزا ترامب ذلك إلى زيارته وقال في تغريدة: "إن القمة مع رؤساء الدول والحكومات العربية بدأت تؤتي ثمارها، ربما كان ذلك بداية نهاية فظائع الإرهاب".
الدول العربية vs إيران
يتصرف ترامب بعيدًا تمامًا عن مؤسسات السياسة الخارجية والأمنية لبلاده، ووجه ترامب انتقادات حادة لطهران في كلمته التي حظيت باهتمام عالمي، واعتبرها القوة التي يجب صدها، ونفس الأمر في اليمن الذي يرى صراعها امتدادًا للصراع مع إيران.
"قد يتحدث ترامب عن مواجهة إيران، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن لديه خطة متماسكة للقيام بذلك، فالكثير مما يحدث في المنطقة خارج عن سيطرته"، هذا ما أوضحه مقال للكاتب "باتريك كوكبرن" بصحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، مضيفًا، حيث بدأ نفوذ الولايات المتحدة في التراجع، ولكن ذلك لأسباب لا علاقة له بها، فلم تتعاف الولايات المتحدة بشكل كامل من فشلها في تحقيق أهدافها في العراق بعد الغزو، فضلًا عن أن عودة روسيا إلى المنطقة كقوة عظمى أدت إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة، ولا يريد الشعب الأمريكي حربًا أخرى في الشرق الأوسط.
نظرة ترامب لإيران تنطبق على حزب الله أيضًا، ومن ضمن تصريحاته المعادية ماقاله بمؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في البيت الأبيض، يوليو الماضى، إن حزب الله الشيعي اللبناني يشكل تهديدًا للشرق الأوسط برمته، وأنه يواصل تعزيز ترسانته العسكرية مما يهدد باندلاع نزاعًا جديدًا مع إسرائيل".
سوريا
"نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الصراع في سوريا، حتى الأن ينطوي على مواقف متناقضة محيرة"، حسبما ذكر تقرير لـ BBC، وأضاف التقرير، "خاصة موقفه الأخير، الداعي لإنشاء منطقة آمنة في سوريا، وأكد ترامب، فى أبريل الماضي، عبر رسالة وجهها إلى الكونجرس بشأن الضربات، التي شنتها الولايات المتحدة على سوريا، أنه سيتخذ خطوات إضافية لتأمين مصالح بلاده".
تركيا
في تقرير أعده معهد بروكينجز، تدهورت العلاقة بين أمريكا وتركيا لعدة أسباب، وهي اختلاف سياسات البلدين حول محاربة تنظيم "داعش" في سوريا، وانسداد آفاق الحل حول قضية تسليم الداعية التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، فتح الله جولن، والذي يعتقد العديد في تركيا أنه يقف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد حكم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إضافة للانتقادات التى تلاحق تركيا تجاه الحكم السلطوي، في ظل التآكل الواضح لسيادة القانون وقمع حرية التعبير إضافة إلى أمور أخرى، إضافة لاختيار ترامب الأكراد حليفًا له في الصراع الدائر في سوريا، رغم رفض تركيا.
ووفق خبراء سياسيين، فإن العلاقة بين إدارة ترامب وتركيا انقلبت من التحالف في عهد أوباما لعداء مبطن حاليًا، ومن أمثلة ذلك، ما قاله المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في تغريدات بموقع تويتر: "أردوغان قال إن ترامب لم يقدم اعتذاره إزاء الأحداث وإنما أعرب عن أسفه، وهذه هي الترجمة الصحيحة"، على خلفية شجار بين حراس أردوغان وعدد من المحتجين الأكراد خارج مقر السفارة التركية في واشنطن في مايو الماضي، خلال زيارة الرئيس التركي، لكن الشرطة الأمريكية حينها اعتبرت الأمر "هجومًا وحشيًا" على المتحجين، ما استدعى تدخلها وإلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم.
وأصدرت أمريكا قرارًا بتعليق منح التأشيرات للمواطنين الأتراك الرّاغبين بزيارة أمريكا، كرد فعل على اعتقال السّلطات التركية لموظف أمريكي في أنقرة بتهمة بالتّخابر مع الداعية التركي فتح الله جولن.
اقرأ أيضًا:
"الرئيس التويتر".. عام على رئاسة ترامب لأمريكا