شاهد| «المقابر السويسرية».. 120 عاما من العزف على أجساد الموتى
120 عامًا تاريخ يُجسد عمر مقبرة أجنبية بمنطقة الملك الصالح، لُقبت منذ هذا التوقيت من بنائها باسم "المقبرة السويسرية"، بعد أن خُصصت فقط لمن يحملون الجنسية السويسرية، تفتح أبوابها في الصباح أمام المقيمين في مصر لإيداع جثث موتاهم، ثم تغلق أبوابهم مع غروب الشمس، ليكرر نفس المشهد بتفاصيل مختلفة كل يوم.
"سكون يسود المكان ونظافة تخطف الأنظار"، هذا ما لفت انتباهنا عند دخولنا المقبرة، الاهتمام بالمكان ملحوظ، والعاملون يقومون بمهامهم في صمت، بدأنا في التجول بالداخل، لمعرفة تفاصيل أدق عنها وعن موتاها.
"أي سويسري يموت في مصر يتم دفنه هنا بهذه المقابر"، كلمات بدأ بها خالد محمد، حارس المقابر حديثه، واصفًا اليوم الطبيعي الذي يشاهده بأكثر من مشهد داخل أروقة هذا المكان، حيث تحتوي المقابر على جثث مشاهير وفنانين تشكلين ومجموعة من صفوة المجتمع الذين يعيشون في مصر، بجانب المواطنين السويسريين المتواجدين في مصر أيضًا.
وأضاف "خالد": لا يوجد عند السويسريين يوم معين في الأسبوع أو الشهر لزيارة موتاهم، لكن الأغلب يأتون إلى المقابر في ذكرى عيد ميلاد المتوفي، وهذه هي المناسبة الوحيدة التي يحضر أقارب المتوفي أو زوجته وأولاده للمكان بعد موته، ويعد أول شخص دفن داخل هذه المقابر عام 1932.
أما عن الطقوس المعتادة التى يراها "خالد"، قال: القصة تتلخص من البداية في قيام المجموعة المُصاحبة للمتوفي بالمجيء إلى المقابر مع "الجثة" حاملين بعض الزهور التي تعد من المناسك المفضلة لهم، ولعل بعض الأسر المصرية أيضًا تفعل ذلك بمقابرها ما يعد أمرًا ليس بجديد، كما يتم دفن المتوفي بالصندوق وليس خارج الصندوق، فكل أسرة لها ذوق في اختيار صندوق متوفاها، أما عن الكفن فلا تخلو المقابر السويسرية منه فهناك عائلات مسلمة أيضًا تتبع المناسك المعروفة في دفن المتوفى داخل الكفن وليس الصندوق.
الضحك ومقاطع الموسيقى
لا تخلو حالة وفاة في أي مجتمع عن دموع أسرة وأصدقاء المتوفي، إلا أن المقابر السويسرية تتعامل مع الموقف نفسه بأسلوب مختلف، حيث أكد حارس المقابر، أنه عند قدوم متوفي جديد تتعامل أسرته مع الحدث بشكل غريب على أعين المصريين، حيث أن بعض الأسر تضحك وتبتسم وتتناقش أيضًا في موضوعات أخرى سواء تخض العمل أو أمور الحياة اليومية أثناء الدفن، ما يجعلنا نندهش من بساطة التعامل مع الموقف وكأن الموت لا يزعجهم إطلاقًا.
الحاج فراج، أحد العاملين المترددين على المكان منذ عام تقريبًا ، عكس لنا معايشته مع مشاهد الدفن خلال الفترة القصيرة التى قضها داخل أروقة المكان، قائلًا: المقابر تحتوي على مسلمين أيضًا، حيث يشاع أن هناك سيدة مسلمة كانت تؤدي الفرائض بالكامل، كما يتمتع المترددين على زيادة المتوفين بالهدوء الشديد، فلا توجد حالات البكاء الهستيري أو الصراخ، لكن البعض يقوم بتشغيل مقطوعات موسيقية لمتوفاهم، ما يثير انتباه الحضور.
وفي السياق نفسه، قال محمد كمال، صاحب سوبر ماركت مجاور للمقابر السوسرية، إنه يتواجد في هذا المكان منذ أكثر من 50 عامًا، فالمقابر يتردد عليها الأجانب أصحاب الجنسية الخاصة بها، إلا أن المقابر تم إغلاقها عند اندلاع ثورة 25 يناير، وقيل حينها إنها إجراءات لحماية الجثث المتواجدة بالمقابر من السرقة، ثم أعيدت فتحها مرة أخرى بعد مضي 3 أعوام تقريبًا.
اقرأ أيضًا..
مستندات| "بريفلدج والمعراج".. نواصل فتح ملف "البيزنس الحرام" للمدارس الدولية (4-8)
"فوجي وكوداك".. أين ذهبت أكبر شركات التصوير بعد الثورة الرقمية؟