التوقيت الإثنين، 18 نوفمبر 2024
التوقيت 01:29 م , بتوقيت القاهرة

"زواج السُنّة" في الصعيد.. زوجات مع إيقاف التنفيذ

"ورقة تكتب بخط اليد وفي كثير من الأحيان يُستغنى عنها، ويكتفي الأهل بقراءة الفاتحة فقط".. هي كل ما تملكه ضحايا زواج السنة لإثبات زواجهن أمام المجتمع.


تنتشر ظاهرة زواج السُنة بمحافظات الصعيد التي مازالت لا تعبأ بمخاطر زواج القاصرات، وحتي يتحايلوا على السن القانوني لزواج الفتاة لم يجدوا سبيلًا للخلاص من بناتهن سوى هذا الطريق، آملين أن يكون الزواج هو الستر والحل الوحيد للاطمئنان على الفتاة.


أحيانًا تستمر هذه الزيجات وتدوم، لكن الأزمة الحقيقية تبدأ عندما يقرر الزوج الهروب من زوجته، خاصةً إذا كان غريبًا جاء لبلدة الفتاة للعمل وبمجرد انتهاء عمله يعود إلى بلدته دون علم الزوجة، التي تظل سنوات لا تعلم إذا كانت متزوجة أم لا.


نسمة: جوزي سابني وهرب وأنا حامل 


داخل محكمة الأسرة جلست "نسمة" تنتظر قرار دعوى إثبات الزواج التي أقامتها منذ عدة أشهر ويتم تأجيلها دون جدوى ولسبب واحد في العريضة، وهو لإعلان المدعي عليه بالدعوى، تروي الزوجة مع إيقاف التنفيذ، وقالت: تزوجت ولم أتجاوز 15 عامًا من عمري، بعد إصرار من عمي الذي أراد أن يستريح من تربيتي ومصاريف دراستي، ومع أول عريس دق على بابي وافق به دون أن يسأل عن أحواله".


واستطردت نسمة: كان زوجي مغتربًا ترك قريته بمحافظة الشرقية وأجّر من عمي غرفة للإقامة بها، وكانت تربطهما علاقة صداقة تطورت بعد أن تقدم لطلب يدي منه، وافق عمي في الحال وتجاهل رغبة والدتي بإتمام تعليمي أولًا، وتم عقد قراني في بضعة أيام.


وتتابع قائلة: كان يعمل نجارًا مسلحًا باليومية، تزوجنا زواج السُنة لعدم بلوغي السن القانوني، والإثبات الوحيد الذي اتخذه عمي لهذه الزيجة، كان مجرد شيك ببضعة آلاف من الجنيهات، وأعتقد أنه بذلك اطمئن على حياتي معه، عشت معه عدة أشهر حملتُ خلالها بطفل منه وقبل أن أولد ابني الوحيد، أقنعني زوجي بأنه لديه عمل بإحدى محافظات الوجه البحري، وبالفعل سافر لكنه لم يعد حتى الآن.


وتكمل: انتظرت عدة أشهر أن تأتي أية رسائل منه لكنه بلا جدوى، ووجدت نفسي في أزمة حقيقية بعد أن أنجبت ابني ولم أتمكن من إصدار شهادة ميلاد له، لذلك تقدمت بدعوى إثبات زواج منه، لكن للأسف لم أعلم مكانه حتى يتم إعلانه بهذه الدعوى، وكل ما أفعله هو البحث عنه في كل مكان حتى لا أترك ابني بمصير مجهول".


سماح: البنات هنا عار ولازم يخلصوا منهن بالزواج


وفي قاعة أخرى جلست "سماح" برفقة المحامية الخاصة بها، لرفع دعوى إثبات زواج أيضًا، وبدأت تروي تفاصيل قصتها قائلةً: "أنا زي اللي وقفت على السلم يارتني متجوزة أو مُطلقة، كان عندي يادوب 14 سنة، واتقدملي واحد جاري بالشارع، أبويا وافق كان عايز يخلص مني ويجوزني، البنات هنا عار ولازم يخلصوا منهم بالجواز، وافقت على نصيبي، جوزي كان شغال بالفاعل وعلى قد حاله، اتجوزته في بيت أهله ورضيت بالهم بس الهم مرضاش بيا".


وتابعت قائلة: "والدي كتب عليه ورقة بخط الإيد أنه متجوزني ومضى عليها، وبالفعل تم جوازي منه وسافرت معاه لبيت والده في كفر الشيخ، كنت قاعدة مع والدته ووالده وكانت المفاجأة".


واستطردت الزوجة قائلة: "اكتشفت كارثة، حماتي بتخون حمايا في بيته، ده غير أني عرفت أن جوزي بيخوني، خدت هدومي وسافرت على بلدي وأنا لسه عروسة مكملتش 3 شهور، ودلوقتي أهلي حاولوا يوصلوا لجوزي مش عارفة طريقه وأهله رافضين يقولولي، وأنا مش عارفة إذا كنت متجوزة ولا لا".


سحر: خالي أصر على زواجي واكتفى بقراءة الفاتحة لتوثيق جوازي


كانت أزمة "سحر" من جانب آخر، بعد أن أصر خالها على زواجها من أحد جيرانه الذي يعمل حدادًا بالمحافظة، وتروي قائلة: "كان عمري 15 عامًا، أصر خالي على زواجي من هذا الشخص بعد أن أصبحت عبئًا عليه وعلى زوجته، بعد وفاة أبي وزواج والدتي برجلٍ آخر، وافقت على الزواج أملًا في الفرار من الحياة التي كنت أعيش بها ولكنني لم أعلم بهذه النهاية".


وأوضحت قائلة: "اكتفى خالي بقراءة الفاتحة وسط وجود كبار العائلة وتم عقد قراني أملًا في أن يتم الاستعداد لحفل زفافي خلال شهر، وبعد أسبوع من عقد القران فوجئت بزوجي يسافر إلى القاهرة بزعم أنه سيخبر أهله بهذه الزيجة، وحتى الآن لم يعد زوجي، ولا أعلم كيف سيكون مصيري وأنا لا أملك أي ورقة توثق زواجنا".


قانونية: عدم تحديد مكان الزوج أزمة لإثبات صحة الزواج 


وترى عزة محمد، دفاع إحدى ضحايا زيجات زواج السُنّة، أن الأزمة الحقيقة تكمن في عدم تحديد مكان الزوج، وهنا نجد صعوبة لإعلانه بدعوى إثبات الزواج، وتظل الزوجة حائرة لم يتم الفصل في الدعوى التي أقامتها، ويتم تأجيلها لحين الوصول للمدعي عليه.


واضافت المحامية، أن هناك حالات لم تحصل حتى على ورقة مكتوبة بخط اليد، وهنا تصبح الأزمة معقدة للغاية، ولايوجد حل سوى التفاهم مع الزوج وإجباره على توثيق الزواج رسميًا، لافتة أن القانون حدد توثيق الزواج من خلال التوثيق لدى مأذون أو لدى الشهر العقاري، وأي طريقة أخرى لا يُعترف بها قانونيًا.


اقرأ أيضًا


ضبط عاطلين قبل ترويجهما 100 جرام هيروين بمشتول السوق بالشرقية