«لبستوا طربوش ومسكتوا منشة وبتتريقوا على لبسنا».. موضة الأربعينات
كمثل كل يوم، استيقظ الشاب العشريني «جاسر»، والملقب بـ«شيتوس» من قبل أصدقاؤه، لينتبه أنه متأخرًا عن موعد محاضراته، فسرع ملهفًا للاستحمام، ثم صفف شعره «سبايك» وارتدى بنطاله المقطع كما يوافق «الموضة»، وأدخل رأسه بقميصه ذو اللون «البمبي»، وغطى وجهه بنظارته الشمسية الكبيرة، ثم لبس الإكسسوارات الهندية باليد اليسرى، وخرج من باب غرفته ليحيي أهله وجده المعمر الذي شرف على إتمام عامه المئة، وقبل أن يمد يده ليفتح باب الخروج من المنزل، سمع جده يتمتم قائلًا: «إنت رايح فين بلبس الحمام ده ياولد!، ولادي الموضة المعفنة بتاعة شباب الأيام دي- صحيح عيال معندهاش مسؤولية».
تلك العبارات لم تكن حديثة على «جاسر»، فثقد سمع مثل تلك التعليقات على موضة الأجيال الحالية، مسبقًا من قبل جدوده وجداته، ولكن في هذه المرة عندما وجد أن السخرية والاستنكار من شكل ملابس تطوله ، قرر أخيرًا ليخرج عن صمته، حتى وإن تسبب ذلك في عدم ذهابه للجامعة، فالتفت الشاب إلى الجد المعمر، ويرمقه بنظرة ثاقبة تصاحب ابتسامة ساخرة تظهر على شفتيه، ثم اقترب منه جاثيًا على ركبتيه وهو يقول: «موضة أيه ياجدو اللي بتتريق عليها، أنتوا نسيتوا نفسكوا كنتوا بتلبسوا إزاي وشكلكم أيه، لو ناسي تعالى أفكرك وأحكيلك على شكلكم اللي شوفته في الأفلام وفطسني من الضحك».
وبدأ «شيتوس»، الحديث ساخرًا ليذكر جده بموضتهم في الملابس..
«لبستوا الطربوش على الجلابية».
قبيل ثورة يوليو عام 1952، كان «الطربوش»، زي رسمي يعبر عن الموضة لدى أغلب فئة الشباب، فكان من المعروف أن من يلبس «الطربوش»، فوق رأسه فهو من طلاب الجامعات أو الأفندية أو البكوات، وكانت هناك أكثر من طريقة لارتداءه، فالشاب الذي يجعل دلايات الطربوش تنسدل إلى الأمام فهذا يعني أنه مطيع ويقدم فروض الطاعة لمن يمثل بين يديه، أما في حال كان الطربوش تنسدل دلايته إلى الجانب، فيعني ذلك ان مرتديه يريد ان يبعث برسالة المجد والشموخ في طابعه، وعن ما يرمي الطربوش لنصف رأسه ويجعل دلاياته تنسدل إلى الخلف فهذا يعني أنه شخص مستهتر، وكان الطربوش يلبس على أي شئ سواء البدلة أو الجلباب أو القمصان.
«رفعتوا البنطلون لحد السرة».
كان من عادة الشباب قديمًا، أن يرتدون البناطيل مرفوعة لمنتصف البطن، بالإضافة إلى إنها تكون واسعة جدًا على الأرجل، وكان الجميع يعتبر تلك أحدث صيحات الموضة في ذلك الوقت.
«عملتوا منشة الذباب إكسسوار».
«المنشة» التي تستخدم لإبعاد الذباب، في الأربعينات وتحديدًا في زمن الملكية، لم يكن هذا هو الغرض منها، فلقد كانت أبرز إكسسوارات الباشاوات والأفندية والبكوات، فكان يخرج بها جميع الرجال في الشوارع وهم يهزوها بأيديهم.
«سوالفكم لو كبيرة يبقوا أنتوا كده مخلصين».
عرض السوالف الكبير، كانت موضة تصفيف الشعر في عصر الملكية، فكان الشباب الذين يفعلوا ذلك، يبدون للناس أنهم حديثون ويتابعون صيحات الموضة.
«كفاية خلاص ياحبيبي يلا روح جامعتك»، تلك هي العبارة التي قاطع بها الجد المعمر حديث حفيده ووجهه يحمر خجلًا، ليعرف وقتها أنه أخطأ في حقه، لسخريته من موضة شباب هذا الجيل، قائلًا في نفسه: «خليهم يعيشوا حياتهم وبكرة بردوا هيجي اللي يتريق عليهم».