التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:19 م , بتوقيت القاهرة

هل قتل جوني ديب (النجم) جوني ديب (الممثل)؟ 2

يُرجى قراءة الجزء الأول قبل المتابعة. 


تحول جوني ديب المفاجئ من ممثل مرموق إلى نجم شباك عام 2003، بفضل دور جاك سبيرو في Pirates of the Caribbean: Curse of the Black Pearl  تضمن ثمنا باهظ.ا وهو ارتباط نطاق هذه النجومية الوليدة، بالأدور الغريبة والشخصيات غير المعتادة. لم يعد المطلوب من جوني ديب فقط أن يُتقن أدواره ويقدم أفلاما مسلية كباقي النجوم. أصبح محملا بعبء إضافي، وهو أن يفاجئ جمهوره باستمرار بأداء غريب وفريد، لشخصية غريبة. 


لو تأملت الفيلمين الوحيدين الناجحين تجاريا عالميا، قبل قراصنة الكاريبي، ستجد نفس هذه النقطة موجودة (Edward Scissorhands 1990 - Sleepy Hollow  1999).


جوني ديب نجم الأدوار الغريبة. هذه الجملة تلخص معادلة نجومية شباك مشروطة وشديدة التعقيد، يثبتها نسبيا إيراد الأفلام التالية التي قام ديب بالتعاقد عليها قبل تحوله لنجم.



بعد قراصنة الكاريبي بشهرين فقط لا غير، بدأ عرض Once Upon a Time in Mexico وهو بطولة مشتركة، يشارك فيها ديب بدور صغير. حقق الفيلم إيرادات متواضعة في شباك التذاكر، لكن لا يمكن عامة تصنيفه كفيلم لـ جوني ديب للتقييم، لأن نجمه الأساسي أنطونيو بانديراس.


في مارس 2004  بدأ عرض Secret Window  بعد حملة دعاية مكثفة للاستفادة من نجاح قراصنة الكاريبي. نال الفيلم ترحيبا نقديا، ورغم هذا انتهى بإجمالي عالمي  93  مليون دولار، من أصل تكلفة 40 مليون دولار. رقم مقبول، لكن أقل من المتوقع. ما السبب؟


في تقديري يكمن السبب في أن الشركة لم تسوق للجمهور فيلما بمعادلة (جوني ديب في شخصية غريبة)، واستبدلت ذلك بمعادلة (فيلم تشويق وإثارة من بطولة جوني ديب). ومع شكله ومظهره العادي في الفيلم، لم يهتم الجمهور لأن معادلة النجومية المطلوبة لم تتحقق شروطها.


Secret Window Trailer


الدليل الأقوى على هذه النقطة، تواجد في فيلمه التالي Finding Neverland 2004. نتحدث عن فيلم حاز على 7 ترشيحات أوسكار، تتضمن ترشيحا له كأفضل ممثل. إشادة نقدية هائلة. حملة دعائية جيدة. نجمة في وزن كيت وينسلت. والنتيجة تجاريا؟.. إجمالي عالمي متوسط قيمته 117 مليون دولار. لماذا؟.. نفس السبب.. معادلة (جوني ديب في شخصية غريبة) لم تتحقق.


Finding Neverland Clip


فقط في 2005 عادت المعادلة للظهور، عندما تعاون جوني ديب مع صديقه المخرج تيم بيرتون، لصناعة نسخة جديدة من فيلم الأطفال الكلاسيكي ويلي ونكا ومصنع الشيكولاتة  Willy Wonka & the Chocolate Factory 1971  تحت اسم معدل نسبيا Charlie and the Chocolate Factory.


شهرة الفيلم الأصلي بأجوائه الغريبة، والحملة الدعائية الممتازة من شركة وارنر، تم تتويجها باسم جوني ديب. النجم العائد إلى معادلة (الشخصية الغريبة في الأجواء الغريبة) التي تركها منذ قراصنة الكاريبي 2003. النتيجة تجاريا؟.. نجاح ساحق بإجمالي عالمي قيمته 475 مليون دولار. 


Charlie and the Chocolate Factory Teaser


التعاون الثاني مع تيم بيرتون في فيلم التحريك Corpse Bride الذي عُرض في نفس العام، انتهى بنجاح أقل، لكن يظل أكثر نجاحا من أغلب أعمال جوني ديب البعيدة عن الغرائبيات.


في صيف 2006 عاد جوني ديب لشخصية جاك سبيرو التي عشقها الجمهور، مع فيلم Pirates of the Caribbean: Dead Man's Chest، الذي تم تصويره مع الجزء الثالث المقرر عرضه مباشرة في الصيف التالي.


التوقعات التجارية كانت عالية بالفعل، لكن لم يتوقع أكثر المتفائلين فيلما يتخطى حاجز المليار دولار. في هذه الفترة لم يكن الحديث عن هذا الرقم معتادا نهائيا!.. الفيلم أصبح ثالث فيلم في التاريخ يكسر هذا الحاجز بعد Titanic 1997  - The Lord of the Rings: The Return of the King 2003  فقط.         



الجزء الثالث في 2007 حقق إيرادات أقل نسبيا (963  مليون دولار)، لكن أثبت أن الجمهور العالمي لم يمل بعد من جاك سبيرو ومغامراته الجنونية. وفي نهاية نفس العام تم عرض Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street. عمل جديد مع تيم بيرتون، مقتبس عن مسرحية غنائية.


بيرتون اختيار ممتاز للإخراج، وصنع الفيلم بمزيج شاعري يمزج بين الدراما والرعب والموسيقى. تم تتويج ذلك بأداء استثنائي من ديب، ليصبح ربما الفيلم الوحيد الذي ينافس عملهما المشترك الأول Edward Scissorhands من حيث النجاح النقدي.


Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street Clip


شروط المعادلة الجماهيرية المعقدة الخاصة بـ ديب تحققت (شخصية غريبة في أجواء غريبة). واقتنص أيضًا عن الدور ترشيح الأوسكار الثالث. الدور نموذج نادر لشخصية وفرت للممثل إطارا يطابق شروط نجوميته بشكل مثالي، ويسمح له بالتجدد والتألق في نفس الوقت.


دور البطولة التالي مع عالم المافيا والعصابات في فيلم Public Enemies 2009 حقق نجاحا تجاريا جيدا لكن أقل من المتوقع، خصوصا مع وجود نجم آخر هو كريستان بيل. وعلى المستوى النقدي، تعرض الفيلم لهجوم مكثف، استقبل جوني ديب منه نصيب جيد. 


في 2010 عاد من جديد إلى أحضان صديقه ومخرجه المفضل تيم بيرتون، وتيمة (شخصية غريبة في أجواء غريبة)، في معالجة جديدة لقصة آليس في بلاد العجائب Alice in Wonderland. العمل الثاني في تاريخ ديب الذي ينضم إلى نادي المليار دولار، رغم كل هجوم النقاد واتهاماتهم له بالتكرار. 


Alice in Wonderland Clip


جزء كبير من هذا الرقم يعود في تقديري إلى نجاح Avatar  الساحق في أواخر 2009. النجاح أطلق شراهة الجمهور لالتهام أفلام أخرى بتقنية العرض الثلاثية الأبعاد، وتصادف أن كان Alice in Wonderland  الفيلم الكبير التالي الذي يعرض بها. لكن في النهاية يثبت الرقم الضخم أن تيمة (شخصية غريبة في أجواء غريبة) لم تفقد جدواها جماهيريا. 


رغم النجاح - أو ربما بسببه - اعتبر هذا الفيلم تحديدا محطة وصول جوني ديب إلى نقطة أزمته الحالية جماهيريا. النجم المشهور بقدرته على مفاجئتنا بدور غريب، خسر نقطة تفوقه ولم يعد قادرا على مفاجئتنا!.. غرابة جوني ديب شكلا وأداء في أدواره لم تعد غريبة!.. أصبحت متوقعة وروتينية!.. في نفس الوقت لا يزال مطالب جماهيريا بمفاجآت!


معضلة غريبة صعبة الحل، تعيدنا إلى السؤال الرئيسي:
هل قتل جوني ديب (النجم) جوني ديب (الممثل)؟  


لقراءة الجزء الثالث


لمتابعة الكاتب