التوقيت الأحد، 24 نوفمبر 2024
التوقيت 07:09 ص , بتوقيت القاهرة

إلا وزارة التربية والتعليم!

بعد المناقشات والمداولات أجمع أطراف المناقشة كلهم أن إيجاد حلول لمشكلة التعليم في مصر هو الأصعب، وأن التحديات أمام وزير التربية والتعليم ووزارته هي الأكبر في مصر.. لم يكن هذا برنامجا تليفزيونيا، ولا ندوة حوارية، ولا مؤتمر حول التعليم؛ بل هي مناقشة بين أولياء أمور تلاميذ في مراحل التعليم المختلفة وأساسها كان طرح أحدهم سؤالا على الآخرين: لو كنت وزير التربية والتعليم ما هي الخطوات التي تتخذها بعيدا عن كلام الجرايد والبرامج لإصلاح التعليم في مصر؟ وهكذا بدأ واحد واحد من المتحاورين طرح حلوله ولكن..


كان أول الآراء هو تفعيل دور المدرسين.. وقال صاحب الاقتراح أن الحل الوحيد هو أن تزيد من رواتب المدرسين فيكفون عن الدروس الخصوصية ويركزون في عملية التعليم داخل المدارس.. قوبل الرأي بعاصفة من السخرية من بقية الحاضرين: هتديلهم مرتب كام، والدروس هتدخل لهم كام؟ هتوقف المدرس الذي يعطي دروسا خصوصية عن العمل؟ وإيه يعني! هو سيستقيل ويركز في (السنتر) أكسب له.. ستعتمد على بقية المدرسين الذين ليسوا من أصحاب الأسماء الكبيرة في الدروس؟ الطالب وولي أمره هيروح للمدرس الخصوصي المشهور لأنه هو الذي يقوم بتحفيظ وتحفيز الطالب بالثواب والعقاب ليصل إلى مرحلة الحفظ الصم، وهو المطلوب.


قال آخر: خلاص يبقى نمنع الدروس الخصوصية بالقانون ووقتها يضطر الطالب للجوء للمدرسة.. قوبل هو الآخر بالرفض التام لاقتراحه.. حتى لو مفيش غير المدرسة المدرس الذي كان يعطي دروسا خصوصية عمره ما هيشتغل، أولا لأنك منعته من الدرس الخصوصي، ثانيا لأن عدد تلاميذ الفصل الواحد كبير جدا على أن المدرس يتابعهم، وظروف العمل داخل المدارس صعبة وغير مشجعة.. ثم أي قانون هذا الذي يمنع الدروس الخصوصية إذا كانت وبحكم أن صاحبها يدفع الضرائب نشاطا مشروعا ومثلها مثل العيادة الخاصة للطبيب؟


هل ممكن نعطي لمدرس المدرسة بعض الدرجات التي يتحكم فيها على شرط إلغاء الدروس الخصوصية حتى يكون له بعض السلطة والوجود الفعلي في العملية التعليمية؟ هاج الحاضرون: لا طبعا.. سيستغل المدرسون الفرصة للنيل من الأبناء.. ليس كل المدرسين مستغلون.. لكن بعضهم يكفي.. ألم يقم رئيس الوزراء بتجميد قرار الـ 10%؟ إذا غيرنا المناهج حتى لا تقوم على الحفظ، وقتها سيتضاءل دور المدرس الخصوصي الذي يعتمد على تحفيظ الطالب واعتماد نتيجته بدرجات عالية.. الإجابة: المناهج تم تغييرها عدة مرات ويتم تغيير نسبة من المنهج تقريبا كل عام، ولا فائدة.


إذا اعطيت المعلم التحكم بعدة درجات يعترض الطالب، وإذا ألغيتها يعترض المعلم الذي لا يمتلك أي أدوات تجعل الطالب خاضعا للعملية التعليمية المنظمة في المدارس.. غيّر المناهج، اطبع كتب جديدة تكلف الدولة أموالا طائلة، تجد ما يقابلها من الكتب الخارجية ومذكرات المدرسين الخصوصيين وينهك الآباء من تكاليف التعليم.. إذا وضعت امتحانا يقيس القدرات المختلفة ولا يعتمد فقط على الصم، تقوم الدنيا ولا تقعد ويهاجمك الإعلام وتتهم بأن امتحانك خارج المنهج (خارج حدود الصم) وفوق مستوى الطالب المتوسط (الطالب الصمام)!!


والكارثة الأعظم من كل ما سبق هي مستوى هذا الطالب المتوسط، لا بل الطالب المتفوق الذي يلتحق بكليات القمة بعد اجتياز كل مراحل التعليم ماقبل الجامعي.. يكتب لغة لا تمت إلى اللغة العربية بصلة ولا تعترف بأبسط قواعد العامية المصرية، لا يستطيع غالبا القراءة السليمة للغة الأم، لا يعرف كيف يقدم موضوعا ثقافيا أو علميا إذ إنه حتى لا يقدر على أن يتكلم بثقة ويعرض وجهة نظره.. قطعا لا يتذكر جدول الضرب إلا إذا كان هذا تخصصه الدراسي.. لا يتذكر أبسط المعلومات العامة التي درسها بالفعل.. قطعا لا يمكن أن يكتب مقالا أو يقوم بعمل بحث اللهم إلا إذا كان من الندرة والاستثناء.


قاموا والحزن يكتنفهم، وخيبة الأمل وقلة الحيلة تحاصر كل واحد فيهم.. أننسى هذا النوع من التعليم من أساسه؟ أيرسل القادر أبناءه للتعليم الـ (إنترناشيونال)؟ وغير القادر ماذا يفعل؟ أيغترب أبناؤنا داخل بلدهم؟ أننسيهم لغتهم وثقافتهم ونطالبهم بالانتماء فيما بعد؟ أليس التعليم أساسي في بناء الانتماء الوطني؟ ألا يوجد حل؟ (وللحديث بقية)