التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 04:43 ص , بتوقيت القاهرة

أوسكار 2015 وسباق الموسيقى التصويرية

الموسيقى التصويرية عنصر فعّال جدًا في أي عمل سينمائي، وفي كثير من الأحيان تصبح العنصر الحاسم الذي يُخلد العمل نفسه. على سبيل المثال لا تزال موسيقى Love Story  مصدر شهرة الفيلم الرئيسي.


سبقت الموسيقى التصويرية باقي عناصر شريط الصوت المعتادة (الحوار - المؤثرات الصوتية.. الخ) في التواجد، وعرفها العالم في عصر السينما الصامتة، ولا تزال أحد أسباب خلود ورونق أفلام شارلي شابلن مثلا.


يُعرِّف البعض الموسيقى التصويرية العظيمة في فيلم، باعتبارها الموسيقى التي يمكن سماعها والاستمتاع بها عموما كعنصر منفصل، لكن التعريف هنا خاطئ إلى حد ما. الموسيقى التصويرية الممتازة هي التي تندمج بالفيلم ومشاهده، وفي بعض الأحيان لن يكون سماعها قبل (أو بدون) مشاهدة الفيلم مصدر متعة نهائيا. جزء من متعة الاستماع لها بعد المشاهدة كعنصر منفصل، يأتي غالبا من قدرتها على استدعاء ذاكرة المتفرج للحالة والإحساس المرتبطين بها في الفيلم.



عملاق هوليوود "ستيفن سبيلبرج" ضحك، عندما استمع لأول مرة في بروفة، لموسيقى "جون ويليامز" لفيلمه الشهير الفك المفترس Jaws، وسأل الموسيقار بعدها "حسنا. لقد كانت هذه دعابة جيدة فعلا يا جون، والآن اسمعني ما جهزته فعلا للفيلم"، والسبب أنه لم يتخيلها وقتها نهائيا لأول وهلة مع فيلمه.


بعد عشرات السنين تحدث عنها في أحد اللقاءات قائلا "فيلم Jaws لم يكن ليحقق نصف نجاحه بدون موسيقى ويليامز".



المرح.. الحزن.. التوتر.. الشجن.. مجرد عناصر بسيطة ضمن عشرات وعشرات الأحاسيس، التي يُمكن أن تنقلها الموسيقى التصويرية إليك أثناء المشاهدة. من الممكن أن تنقل لك الموسيقى عدة أحاسيس في نفس الثانية. من الممكن أيضا أن تنتقل بك مقطوعة واحدة بين عدة أحاسيس خلال دقائق معدودة. الاحتمالات لا تنتهي.


على كل كفانا حديثا عن الموسيقى بدلا من الاستماع مباشرة لمقتطفات من الأعمال الـ 5 المرشحة لأوسكار أفضل موسيقى تصويرية 2015:


1 - جوهان جوانسون - The Theory of Everything


اسم غير معروف نسبيا، لكنه أثبت تواجده بكل تأكيد في الفيلم، لينال عنه أول ترشيح في تاريخه. مقطوعات الفيلم تتلاءم مع جوه الرومانسي المليء بالشجن والحزن أحيانا، وبالمرح في أوقات أخرى. وكلها بلا استثناء ذات طابع كلاسيكي إنجليزي منسجم بدقة مع مكان وزمن الأحداث. اخترت لكم أول مقطوعة في افتتاحية الفيلم، وربما أكثرهم مرحا وتفاؤلا. 
Cambridge - The Theory of Everything



2 - جاري يرشون - Mr. Turner 
عمره الآن 61 عاما، وهو صاحب تاريخ طويل جدا مع المسرح الانجليزي. خصوصا أعمال شكسبير. تاريخه الفني مع السينما والتليفزيون يضم 7 أعمال فقط لا غير. الفيلم أول ترشيح له في الأوسكار، وموسيقاه مختلفة تماما عن المنافسين. تدور أحداث الفيلم عن الرسام تيرنر (1775-1851م)، لذا يُمكنك أن تعرف لماذا تم استدعاء موسيقار أعمال شكسبير للعمل. هذه بالمناسبة أحد الحالات التي لم تستمتع بها غالبا بالموسيقى، لكن ستعرف قيمتها وقوتها فقط مع المشاهدة.   
Mr. Turner 



3 - إلكسندر ديسبلات - The Grand Budapest Hotel
8 ترشيحات أوسكار للموسيقار الفرنسي، خلال 8 سنوات، منهما اثنان في 2015. ألكسندر كتلة نشاط وحيوية، وقدم خلال هذا العام وحده 6 أعمال. في The Grand Budapest Hotel  يقتبس تيمات أقرب ما تكون إلى عصر السينما الصامتة، ويضيف لفيلم ويس آندرسون المُبهج فعلا، مزيدا من البهجة.    
A Prayer for Madame D 



4 - إلكسندر ديسبلات - The Imitation Game
الظهور الثاني لـ ديسبلات في الترشيحات، والعمل الأحق بالفوز من وجهة نظري. لعبة المحاكاة  فيلم يمزُج بين عشرات المشاعر والأفكار والأجواء، وتدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية. كيف يُمكن أن تعتصر وتختزل كل هذه العناصر بلا استثناء في تيمة موسيقية رئيسية مدتها دقيقتان ونصف فقط؟.. لا أعرف تحديدا كيف فعلها، لكنه فعلها!


كل مرة أسمع فيها التيمة الرئيسية، تسترجع ذاكرتي أحداث ومشاعر الفيلم كله من الألف إلى الياء من جديد!.. الفيلم فيه العديد من المقطوعات الأخرى المتميزة، والنغمة الرئيسية تتداخل مع بعضها عدة مرات في الفيلم. ستسمعها مرة كاملة بتوزيع مختلف مع المشهد الختامي، لتصبح أشبه بالضربة القاضية!     
The Imitation Game



5 - هانز زيمر - Interstellar
نختتم بمعشوق الجماهير، والبوب الذي لن ينافسه أحد في الجماهيرية، وفيلم من أعظم وأنجح أفلام 2014. عناصر عديدة في Interstellar  أثارت جدلا بين معجب ومعارض، ولديّ شخصيا قائمة طويلة بالملاحظات في المراجعة النقدية عن الفيلم، لكن لا أعتقد أنه يوجد خلاف حقيقي على عظمة الموسيقى. هذا هو الترشيح العاشر للأوسكار لـ زيمر، مع فوز يتيم سابق عام 1994 عن The Lion King.


العمل مختلف من حيث التجهيز، وكتبه زيمر بدون قراءة سيناريو الفيلم، أو معرفة تفاصيله، بناء على رغبة مخرجه، وعلى ضوء ورقة واحدة حدد فيها نولان الخط الأساسي المطلوب. ألبوم Interstellar  سيظل ربما الألبوم الوحيد الذي يُحقق مبيعات بعد 10 أو 20 عاما من الآن وسط باقي المرشحين، أيا كان الفائز.


السؤال الآن، هل نبقى على الأرض مع مقطوعة Stay  أم ننتقل للفضاء والتوتر مع  Detach  أو Coward؟!.. القرار صعب لذا سأترككم مع التيمة الرئيسية، وأعفي نفسي من المعضلة!
Interstellar



من سيربح السباق وينال شرف التتويج إذًا في 2015؟
يؤسفني بداية أن أذكر أن هانز زيمر بعيد غالبا عن أى احتمالات فوز، وهو ما ينطبق أيضا على جاري يرشون. أغلب مؤشرات الجوائز السابقة الأخرى تؤيد هذا.


إلكسندر ديسبلات يبدو للوهلة الأولى الأقرب للفوز بالنظر لوجود ترشيحين، وإجمالي 8  ترشيحات دون فوز، لكن في الحقيقة الترشيح المزدوج سلاح ذو حدين، وقد يكون سببا في توزيع الأصوات بين عملين، لن يصل أي منهما إلى المركز الأول.


جوهان جوانسون فاز بالكرة الذهبية، وهذا مؤشر لا بأس به لاحتمالات فوزه، إذا انكسرت أصوات ديسبلات بين العملين بشكل متوازن. التوقع صعب على كل حال، مع هذا الوضع المعقد، والفائز سينال الجائزة غالبا بفارق ضئيل جدا عن الثاني.



ترتيبي الشخصي للأعمال المرشحة من الأفضل للأقل:
1 - The Imitation Game
2 - Interstellar
3 - The Theory of Everything
4 - The Grand Budapest Hotel
5 - Mr. Turner


للتواصل مع الكاتب