التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:10 م , بتوقيت القاهرة

"غرف أردوغان السرية" تقرير يكشف كيف يعذب الشعب التركى

اردوغان
اردوغان

 

"داخل غرف أردوغان السرية للتعذيب" تقرير أعده موقع "euobserver"، يكشف كيف حوَّل الرئيس التركي حياة الأتراك إلى جحيم، بعد إصدار أحكام على الكثيرين منهم بالموت، أو السجن إلى الأبد، واستمرار حملات الاعتقال التعسفية، وعمليات التعذيب الوحشية التي طالت غالبية المواطنين.

يرصد التقرير الذى  لاقى صدى واسعا من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية، قصة جعفر توبكايا، بعدما أمضى نحو 15 عاما مجندا في البحرية التركية، قبل أن يسوقه حظه العثر إلى الانتقال لبروكسل للعمل في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بين عامي 2015 و2016.

ويكشف التقرير أن توبكايا وثق تجربته المريرة داخل السجون التركية، بعدما نجح في الهروب خارج تركيا، بعد أن عبّر إلى الأراضي اليونانية ومنها إلى بروكسل، ومُنح هناك صفة لاجئ.

وذكر التقرير أن توبكايا لم يكن له أيّ علاقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، فقد كان في ذلك الوقت موجودًا في «بروكسل» ويمارس مهام عمله هناك؛ إلا أنه فوجئ في 10 من أكتوبر عام 2016، بتعليمات صادرة من القيادة التركية تلزمه بضرورة العودة إلى أنقرة لحضور "اجتماع طارئ".

وأشار التقرير إلى أن توبكايا  لم يكن طوال حياته منخرطًا في السياسة، كما أن عدم تورطه من قريب أو بعيد في أيّ تفاصيل متعلقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، جعله يلبي في 12 من أكتوبر الاستدعاء العاجل الذي بُلغ به، ولم يكن الرجل مشغولًا بتلك الأخبار المرعبة التي تؤكد وقوع الكثير من الأتراك المقيمين بالخارج في «فخ» أعدته السلطات التركية بمكر ودهاء للإيقاع بهم، ومن ثَمَّ الزج بهم في السجون والمعتقلات بتهم تتعلق بمحاولة الانقلاب، أو الانتماء لجماعة "فتح الله غولن".

ولفت التقرير إلى أن توبكايا عاد  إلى أنقرة فى 13 من أكتوبر، وبعد يوم واحد من عودته توجه مباشرة إلى المقر الرئيسي للأركان العامة في الجيش التركي، حاملًا في يده علبة من الشوكولاتة، كان ينتظر لقاء قادته ليهديهم إياها، ظنًا منه أن اجتماعًا طارئًا سيعقد وسيكون هو واحدًا من الحاضرين، إلا أنه صُدم بالواقع المؤلم.

وكشفت التقرير أن استدعاء توبكايا، كان من بروكسل على عجل من قِبل القيادة التركية، حيلة لاعتقاله، وداخل المقر الرئيسي للأركان العامة في الجيش التركي، وجد الرجل نفسه أمام «فخ» نُصب له بإحكام ومكر شديد، وخلال لحظات طوقه عشرات من الجنود الذين ألقوا القبض عليه باعتباره «أحد أنصار غولن»، وأصدر أمر الاعتقال أميرال بحري يُدعى «جيهات يايجي» (أحد العسكريين الذين سطع نجمهم بعد إشرافه على العديد من عمليات الاعتقال بعد محاولة الانقلاب، وتمت ترقيته إلى رئيس هيئة أركان في البحرية التركية).

وأشار التقرير إلى أن توبكايا نقل  عقب اعتقاله إلى مكان كان يبدو من واجهته الخارجية أنه صالة تدريبات رياضية، كانت قريبة من القصر الذي يقطن فيه أردوغان بأنقرة، وفي الداخل فوجئ بأن هذا المكان أعد خصصيًا للتنكيل بالمعتقلين، وقلبِ حياتهم إلى جحيم.

ويقول توبكايا وفقا للتقرير، أن عمليات التعذيب الوحشية التي مارستها السلطات التركية بحق المعتقلين، الذين يقبع معظمهم هناك دون أدلة تدينهم، أو محاكمة، وممنوعين من الاتصال بالعالم الخارجي، مؤكداً «كانت السلطات التركية إذا اعتقلت أي شخص دون محاكمة تبقيه في السجن لمدة لا تزيد على 4 أيام، لكن حالة الطوارئ التي تم فرضها عقب الانقلاب، تغيرت معها الأمور، وزادت المدة لتصبح غير محكومة بأي قانون».

 

ويضيف توبكايا: «إن نحو 100 شخص كانوا موجودين داخل الصالة الرياضية، التي لا تتسع لمثل هذا العدد، إضافة إلى أن ظروف الاعتقال كانت سيئة للغاية، فقد كان المعتقلون يحصلون على وجبتين فقط في اليوم، الأولى هي وجبة الإفطار وتتضمن قطعتين من الخبز فقط، والثانية هي العشاء وتتضمن قطعتين من الخبز ومقدار ملعقتين من الأرز، وملعقتين من الخضراوات، وأن حراس المعتقل يتعمدون رفع درجة حرارة المكان خلال أيام الصيف الحارة، وخفضها خلال الشتاء، ولم يكن يُسمح للمعتقلين بارتداء أي أحذية أو تغيير ملابسهم أو الجلوس على كراسٍ، كان الجميع يجلس على الأرض، وننام على قطع إسفنجية رقيقة قذرة، كما تشاركنا جميعًا 3 حمامات فقط».

 

ويشير: «كنت محظوظًا، حيث لم يتم تعذيبي بصورة وحشية كما حدث مع بعض زملائي في المعتقل»، مؤكداً «كان أحد المعتقلين معنا عالمًا كبيرًا في مجال الطب، وفي أحد الأيام عاد إلينا باكيًا بعد جلسة تحقيق أجريت معه؛ لقد عذبوه وضربوه كثيرًا، وأرغموه على النوم فوق الأرض، ووضعوا سلاحًا في فمه، قبل أن يحمله الحراس مهددين إياه بأنهم سيرمون به من النافذة وهو ما أصابه بالرعب، ثم عقب أن فرغوا من تعذيبه بطرق وحشية طلبوا منه بعد خروجه من الغرفة التي كان يُعذب فيها أن يركض في الممر، وبالفعل امتثل لأوامرهم، وهو يرتعش ويتملكه الخوف الشديد، لقد رسخ داخل نفسه أنهم طلبوا منه الركض ليطلقوا عليه الرصاص وينهوا حياته، ثم يتهموه بأنه حاول الهرب ولذلك اضطروا لقتله».

 

لم تتوقف الممارسات الوحشية لـ«نظام أردوغان»، عند حد التنكيل بالعلماء والسياسيين وصغار العسكريين؛ يقول «توبكايا»: «كان معتقلًا معنا قائدًا عسكريًا كبيرًا، كان "كولونيل" في الجيش التركي، وقد تعرض لأشد أنواع التعذيب قسوة مرات عديدة، وهددوه باعتقال زوجته وتشريد أبنائه إذا لم يعترف بما يريدونه».

 

 

يضيف توبكايا، أن عمليات التعذيب الوحشية أصابت سجينًا آخر بالجنون؛ إذ أصبح يتحدث بصوت مسموع مع أشخاص ليس لهم وجود إلا في خياله، وتارة أخرى يبادل نفسه الحديث، وتارة ثالثة يبكي ويضحك في نفس اللحظة وبشكل هستيري دون سبب.

 

يقول توبكايا: «كانت عملية الهروب محفوفة بالمخاطر، خاصة أن الناتو لم يقدم أي مساعدة لي، وأريد أن أعرب عن شكري للسلطات اليونانية والبلجيكية لحسن معاملتي، ومنحي صفة لاجئ، كما أود التعبير عن خوفي من أن يتم اختطافي وإعادتي إلى تركيا مجددًا».