التوقيت الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024
التوقيت 01:28 ص , بتوقيت القاهرة

نضال حمدي وصفعة الانتخابات الرئاسية

ايمن عبد التواب
ايمن عبد التواب
من المؤسف أن تتعامل مع عقلك باعتباره قطعة ملابس، أو حذاءً وتعيره لشخص آخر؛ ثم يعيده إليك مستعملًا استعمالًا إخوانيًا، أو استعمال «معارض على ما تفرج»، أو استعمال «ناشت» حقوقي يلتمس طريقه في إرضاء المنظمات التي تغدق الأموال بسخاء مقابل النهش في لحم الوطن.
 
الانتخابات الرئاسية 2018 كشفت عن الكثير من هؤلاء الذين أجروا عقولهم «مفروشة» لكل مَنْ يدعم فكرتهم، ويرجح مسلكهم، ويروج لمعتقدهم، وينشر سفالاتهم.. فرأينا «نشتاء» يحتفون بـ«المقدمة» التي هاجمت رقص السيدات المصريات أمام اللجان الانتخابية، لصاحبها المذيع التونسي «نضال حمدي» الذي يعمل في قناة تبث من تركيا، ولا يخفى على أحد مَنْ يمولها، وما الهدف منها..
 
نقول في أمثالنا الشعبية: «أدعي على ولدي وأكره إللي يقول آمين»، ونقول أيضًا: «أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب».. لكن كل التجارب أثبتت أن الإخوان ومَنْ هم على شاكلتهم يدعون على أمهم ويقفون مع عدوهم ضد أشقائهم، لأنهم لا يؤمنون بأي وطن سوى الوطن المعشش في مخيلتهم هم، ولم ولن يعترفوا بأي أخ سوى أخيهم في التنظيم الإرهابي.. ولم ولن يعترفوا بأي رئيس إلا رئيسهم المعزول، الذي «صلى بالأنبياء»، حتى وإن كانوا أظهروا عكس ذلك خلال عقود مضت، وعقود أخرى مقبلة.
 
الذين أعجبهم «مقدمة نضال» واحتفوا بها، لأنه تجاوز في حق «رئيس مصر»، هم أنفسهم الذين لم ينتقدوا أي إعلامي إخواني «وضع في بقه فردة جزمة قديمة» والتزم الصمت أمام المجازر والجرائم التي يرتكبها أردوغان بحق الأطفال والنساء والشيوخ في عفرين السورية أو كردستان العراق.. وهم أنفسهم الذين لم نسمع لهم صوتًا وأردوغان وتميم ينكلان بمعارضيهما.. ولم يتحفنا مذيعو الإخوان الحنجوريين بـ«مقدمات» نارية عن تغيير أردوغان في الدستور.. بل أتحفونا بـ«مؤخرات» باردة عن التأسي بعظمة السلطان الأردوغاني..!
 
المذيع الإخواني «نضال حمدي» شأنه شأن كل الذين لا يرون إلا السواد، ويجحدون بالأشياء التي استيقنتها أنفسهم عن مصر وعن السيسي، وأنه وإخوانه لن ينسوا أن حلمهم تحطم على صخرة ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو.. وإلا قل لي بربك ما الفارق بين «نضال» والقيادي الإخواني الهارب إلي تركيا «حمزة زوبع»، الذي أقسم بالله ثلاثًا أن عدد الذين صوتوا في الانتخابات لا يتجاوز (500 ألف)؟ وماذا يختلف عن «معتز مطر»، و«محمد ناصر»، وكل الذين يتقيؤون على شاشات الإخوان؟
 
هل يريد هؤلاء الإخوان أن نصدق زيفهم عن حجم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ونكذب عيوننا التي شاهدت الملايين وهم يدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع، في مشهد لا تنقصه البهجة؟
 
هل يريد هؤلاء أن ننخدع بصوتهم العالي، ومقدماتهم «الحنجورية»، وتقاريرهم «المضروبة»، ولقاءاتهم «ورا مصنع الكراسي»، ولا نلقي بالًا بالمؤشرات «شبه الرسمية» التي تؤكد أن أكثر من 24 مليونًا شاركوا فى الانتخابات الرئاسية بنسبة تجاوزت 42%؟
 
بل هل يريدون منا تصديق إفكهم وضلالاتهم ونكذب شهادات وكالات أنباء عالمية، ووسائل إعلام دولية عن حجم ونسب المشاركة في الانتخابات؟
 
إن المصريين- بكثافة تصويتهم- أجبروا وكالة أنباء مثل «رويترز» على أن تسحب تقارير مراسليها عن الانتخابات الرئاسية المصرية، بعد- وأرجوك أن تضع مليون خطٍ تحت الجملة التالية- «بعد تأكدها من الأكاذيب والتلفيقات في العديد من التقارير والصور»!
 
ثم أجبروا مجلة بحجم «فوروين بوليسي» الأمريكية على أن التراجع وتقول إن الغرب لم يتوقع الغرب أن يزيد عدد الناخبين عن «10 ملايين» وأن «التقارير المغلوطة من المراسلين» أدت إلى إعتذار «رويترز» بكل شجاعة، وعلى «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست» أن تحذوان حذو «رويترز»، و«تتحريان الدقة في تقارير مراسليهما»!
 
كما أجبروا «الجارديان» أن تسعى لحفظ ماء وجهها.. وعلى طريقة جريدة «المصري اليوم»، اعترفت الصحيفة البريطانية بنزول نحو 25 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، إلا أنها ادعت أن مشاركة هذه الملايين جاءت عن طريق «الترغيب والترهيب»، بحسب زعمها.. وهذه «مزايدة رخيصة جدًا» من جريدة لا تهتم بما يجري في بريطانيا، قدر تركيزها على إشعال الأحداث في الشرق الأوسط، وخاصة في مصر!
 
لقد تأكدنا- الآن- أن لكل صوت قيمة، وأننا نسير في الطريق الصحيح.. وأن بإمكاننا أن نفرض إرادتنا على العالم، وأننا نستطيع-بإرادتنا- فعل المعجزات، وأن أحدًا لا يمكنه تغيير إرادتنا، أو أن يُملي علينا شروطه.. أليس كذلك؟!