التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 05:51 ص , بتوقيت القاهرة

روسيا وبريطانيا .. لعبة النفس الطويل في العقوبات

تحولت الأزمة السياسية بين روسيا وبريطانيا إلى ما يشبه مباراة التنس في تبادل العقوبات والتصريحات العدوانية بين البلدين.. وذلك على خلفية تسميم الجاسوس الروسي سيرجي سكريبال الذي كان يعمل لحساب بريطانيا.
 
كانت الضربة الأولى من بريطانيا التي أعلنت عن اجتماع طارئ يوم الأربعاء الماضي أفضى إلى قرار طرد 23 دبلوماسيا روسياً بعد اتهام موسكو رسميا بالوقوف وراء تسميم الجاسوس السابق سيرجي سكريبال.
 
وجاء القرار شاملا أيضا مقاطعة كأس العالم من قبل الحكومة والعائلة المالكة البريطانية.
 
فما كان من روسيا إلا أن أعلنت عن أن قراراتها لن تكون إلا بالمثل، وقامت صباح اليوم السبت بطرد 23 دبلوماسيا بريطانياً كرد على القرار البريطاني حيث استدعت السفير البريطاني وسلمته القرار رسميا.
 
ولم تمض ساعات حتى أعلنت الخارجية البريطانية اليوم عن اجتماع جديد هذا الأسبوع لمجلس الأمن القومي البريطاني لاتخاذ خطوات جديدة للرد على موسكو، وسط توقعات بفرض عقوبات جديدة مالية على شخصيات مقربة من الحكومة الروسية.
 
نظرية المؤامرة
 
كل هذه الأزمة جاءت على خلفية تعرض الجاسوس السابق سكريبال وأبنته يوليا بالتسمم بمادة كيماوية تستهدف الجهاز العصبي لم تتمكن المخابرات البريطانية من تحديد مكوناتها بالضبط حتى الأن.
 
ولكن المثير للانتباه هو نظرية المؤامرة التي تحيط بالقضية، فالبعض يقول إن الحكومة الروسية وبالتحديد الرئيس الروسي بوتين أمر بقتل الجاسوس في ذلك الوقت تحديدا حتى تكون هناك دعاية قوية له في الانتخابات التي ستجري في 18 مارس 2018.. وذلك حتى يكون هناك إلتفاف شعبي حوله في الانتخابات ليحظى بإقبال كبير.
 
بينما الأكثر من هذا كانت نظرية مؤامرة من معارضي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من حزب العمال والذين رفضوا إدانة روسيا، وأشاعوا في مواقع التواصل الاجتماعي أن تيريزا ماي ربما تكون هي من قامت بمحاولة الاغتيال حتى تكسب شعبية بين مواطنيها وذلك بسبب تعثرها في مفاوضات البريكست "الخروج من الاتحاد الأوروبي" وكذلك التهديدات التي تلاحق حكومتها بأن يحاول أعضاء حزبها إسقاطها من الحكومة.
 
من جهة أخرى كانت الحكومة الروسية أعلنت إن لندن لم تقدم دليلا واحدا على تورطها في تسميم سكريبال وابنته يوليا، كما أعلنت موسكو أيضا فتح تحقيق منفصل عن التحقيق البريطاني.
 
ترامب يتجاهل القضية
 
برغم العقوبات والتوتر الشديد بين البلدين لا يبدو أن لندن حصلت على الكثير من الدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لم يصدر منه سوى تصريح واحد يعبر فيه عن دعمه للندن قائلا "أنا أصدق الحكومة البريطانية" لكنه لم يقدم أي عبارة يدين فيها روسيا.
 
بل إن الرأي العام البريطاني يربط بين إقالة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون وبين توقيت تصريحه المؤيد لبريطانيا وذلك لأن تيلرسون قال الأسبوع الماضي إنه يدين العمل العدائي الروسي على الأراضي البريطانية، فقام ترامب بإقالته بعدها في اليوم التالي.. وهذا أثار المخاوف من أن بريطانيا ستواجه روسيا وحدها.
 
لعبة النفس الطويل
 
وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون رغم صدامه الحاد مع موسكو حاليا إلا أنه أعلن أنه ليس من مصلحة بريطانيا قطع العلاقات بالكامع مع روسيا، وأنه من الأفضل البحث بدقة عن وسيلة الرد المناسب مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن تتحمل الحكومة الروسية نتيجة أفعالها.
 
الحكومة البريطانية تعتبر تسميم الجاسوس الروسي "حربا كيماوية" تم شنها على الأراضي البريطانية .. ولكن مع ذلك لا تريد عداء شديد مع موسكو، الأمر الذي تدركه الحكومة الروسية، وبحسب موقع "ميدوزا" الروسي فإن الحكومة الروسية تلعب الأن لعبة النفس الطويل.. فهناك عقوبات اقتصادية مفروضة عليها منذ 2014 منذ ضم شبه جزيرة القرم، ومع ذلك لم تتراجع روسيا عن مواقفها.
 
وهو ما يعني أن مزيدا من العقوبات لن يكون ذا تأثير كبير على الحكومة الروسية.