تماسيح النوبة "ضحك ولعب".. "ألوما"و"بالوما"يجلبان مئات الزوار
رغم أن المعروف عن التماسيح كونها زواحف مفترسة وتعيش بالقرب من المياه وتأكل الأسماك وتهاجم فرائسها بلا تردد أو تمييز، إلا أنها فى النوبة أقصى جنوب مصر لها معنى أخر، فهى تعيش فى البيوت ويطعمها الأهالى ويلتقط السائحون معها الصور التذكارية.
"ألوما" و"بالوما" تمسحان يعيشان مع الحاج ناصر النوبى، بمحافظة أسوان، يعتنى بهما جيداً ويقدم لهما الأكل والشرب طوال سنوات مضت، بعد أن حققا له جذب مئات السياح سنوياً إلى بيته للاستمتاع بقصته مع التماسيح كواحدٍ من البيوت النوبية فى قرية غرب سهيل غرب أسوان.
تحدث العم ناصر عن تربية التماسيح فى النوبة، قائلاً: معظم البيوت النوبية فى غرب سهيل تربى التماسيح وخاصة التى تستقبل السائحين الأجانب والمصريين طوال السنة، وهذا الشئ من ضمن المزارات الموجودة فى غرب سهيل، وجاءت فكرة تربية التماسيح كمزار سياحى، من إرث الأجداد فى النوبة الذين كانوا يربون التماسيح فى البيوت دليل على القوة، ثم عادت الفكرة من جديد لجذب آلاف السائحين سنوياً إلى قرى النوبة.
وأشار "ناصر" إلى أنه يربى تمساحين عنده فى بيته أحدهما يطلق عليه اسم "ألوما" وهو التمساح الكبير وهذا اسم نوبى مشتق من "إلم" يعنى تمساح بالنوبى، و"بالوما" التمساح الأصغر منه، وهى كلمة مشتقة من "بلم" يعنى هادئ أو الأليف الذى لا يعض الناس، لافتاً إلى أن هذان التمساحان يعيشان معهما فى المنزل وكانا مصدر رزق لهما لذلك هو يعتنى بهما جيداً.
وفى بيت الحجة نوسة، يقف أحمد عادل، يطعم التمساح بنفسه، ويؤكد لـ"اليوم السابع"، أن التمساح يفضل أكل الأسماك أو اللحوم بمعدل من 3 إلى 5 كيلو سمك يومياً حسب التمساح، وفى الغالب يأكل كل يومين وجبة خاصة خلال فترة الصيف، وفى فصل الشتاء يأكل كل ثلاثة أو أربعة أيام مثلاً، بينما يفضل التمساح الصيام خلال شهر يناير وفبراير وهى فترة البيات الشتوى للتمساح.
وأوضح "عادل"، بأن السائحين الأجانب يستمتعون من قصص تربية التماسيح فى النوبة، والتى ينقلها لهم ويترجمها المرشد السياحى المرافق للجولة السياحية بالنوبة، ويحكى لهم كيف انتقلت هذه العادة من الأجداد إلى الأبناء حتى عصرنا الحالى، لافتاً إلى أن السائحين يفرحون جداً بسبب هذه العادة ويفضلون التقاط الصور السيلفى معها، أو يلتقطون صوراً وهم يحملون التماسيح الصغيرة.
وفى "الأناكاتو" النوبى، يتحدث العم أشرف، عن رغبة بعض السائحين فى شراء هذه التماسيح، إلا أن الناس تؤكد لهم أنه محظور بيئياً، وكذلك تحرص البيئة على عدم إطلاق هذه التماسيح فى الشوارع أو ترك العنان لها نظراً لخطورة الأمر، بجانب حرص البيئة على التأكد بنفسها فى حال وفاة التمساح والذى يعيش فى الغالب نفس عمر الإنسان لذلك فى النوبة يعتبرونه "الوفى" لأنه يولد ويموت فى عمر الإنسان مثلاً 60 أو 65 أو 70 سنة، وتأتى البيئة للتأكد من خبر وفاته بعد أن يتم حفظه فى درجة حرارة باردة "ثلاجات" لحين الانتهاء من إجراءات دفنه.
وتابع أشرف، بأن بعض التماسيح بعد وفاتها تحنط وتوضع على واجهة المنازل، أو يتم تحنيط جزء منها كالرأس ووضع مصباح داخل فمه، وإضافة بعض الرسومات حول الرأس المحنطة الموضوعة أعلى باب المنزل، فى إشارة ودلالة على القوة التى يظهر بها أهل هذا المنزل، علاوة على إعجاب الأجانب بهذه الطقوس النوبية والمزارات الأخرى التى يشاهدونها فى القرى النوبية فقط من ركوب الجمال وتناول الأطعمة النوبية والرسومات والمشغولات اليدوية البيئية والمنتجات الأسوانية.