التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 10:37 م , بتوقيت القاهرة

ذئاب المقابر تغتصب طفلتى على جثث الموتى

اغتصاب طفلة
اغتصاب طفلة

ضحكات بريئة بين شواهد الموتى، لم تكن تعلم الفتاتان أنها الضحكة الأخيرة التي ستخرج من القلب، قبل أن تلتهم الذئاب البشرية براءتهما في ليلة سواء مرعبة، كان"رجب حربي" الأب الكفيف يجلس داخل الـ"حوش"، ينتظر بين دقيقة والثانية دخول ابنتيه ليطمئن عليهما بعد عودتهما من زيارة إحدى الأقارب، ولكنه انتظر كثيرًا ولم يأتي أحد.

 

في تلك الليلة المشئومة كانتا " غادة ومنة" يزورا خالتهما في منطقة بئر أم سلطان بالبساتين للاحتفال بخطوبة ابنتها وظلت الفتاتان لنهاية الحفلة، وعند عودتهما إلى الـ"حوش" الذي تعيشا فيه مع والدهما وثلاثة من الأشقاء الصغار داخل مقابر الإمام بمصر القديمة في حدود الساعة الحادية عشر مساءًا، شعرتا بأقدام تسير خلفهما فدب الرعب في قلبهما، فتشابكت أصابع الطفلتين لتشد كل واحدة منهما أزر الأخرى قبل ان يركضا بأقصى سرعة، ولكن الذئاب البشرية كانت أسرع منهما فسلبتهما براءتهما.

 

تقول إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد سكان المقابر في محافظات مصر وصل إلى ما يقرب من 4ملايين ونصف مواطن عام 2017؛ من بينهم 1.6 مليون داخل محافظات، القاهرة، والجيزة، والقليوبية يزاحمون الأموات أماكنهم، يجمعهم الفقر والأمية و انتشار الجهل وتدنى المستوى الأخلاقي، مما جعلها بيئة خصبة لانتشار الجريمة وتعاطى المخدرات وتجارة الأعضاء وارتكاب جرائم . 

 

التقينا مع الأب الكفيف فقال: كنت على اتصال مع البنات حتى العاشرة مساءًا حدثوني تليفونيًا وأبلغوني أنهما في الطريق، انتظرت كثيرًا لم يعودا حدثتهما مرة أخرى عبر الهاتف المحمول وجدته مغلق، شعرت بالقلق والخوف على بناتي فخرجت في الساعة الحادية عشر والنصف تقريبًا مع ابني الصغير أبحث عنهما في كل مكان، أنادى بأعلى صوتي عليهما ولم يجيبني أحد، في صباح اليوم التالي ذهبت إلى قسم شرطة الخليفة وحررت محضر باختفائهما ولكن لا لم يحدث جديد، ظلت أبحث عنهما كل يوم وبعد أسبوع وأنا جالس في الـ"حوش" ابكي غيابهما فوجئت بابنتي الصغرى قد أتت تبكى وتحكى ما جرى، فاصطحبتها إلى إحدى المستشفيات وأجرت الطبيبة الكشف عليها وتأكدت من الواقعة.

 

تقول"منه": جرينا داخل المقابر بكل قوتنا ولكننا لم نستطع الدفاع عن أنفسنا، كان أمامنا أربعة من الشباب حاملين السلاح الأبيض" المطاوي" ارهبونا وأجبرونا على السير معهم حتى أدخلونا مقبرة، وقاموا بتقييد أيدينا وضربونا كثيرًا حتى أنهكنا من التعب في الليلة الأول، كانوا يتركونا طول اليوم ويأتونا ليلًا، في الليلة الثانية كانت الكارثة تعاطوا المخدرات ثم قاموا بالتعدي عليا؛ أو كما قالت الطفلة تحديدًا" ضربني ونام معايا بالغصب"،وظلوا هكذا طوال أسبوعًا كاملًا.

 

تكمل البنت قائلة: قبل العودة لـ"الحوش" هددونا بألا نتحدث مع أحد عنهم؛ وقالوا أننا سنجدهم أمامنا في أي وقت؛ وهذا بالفعل ما حدث وجدناهم هنا يهددونا واستغلوا أن أبى كفيف لا يرى وأمي تركتنا وذهبت لأهلها لأنها لا تحب أن تعيش في المقابر وأتوا إلينا، ما حدث جعل أختي تهرب تركتني وحدي وذهبت ولا أحد يعرف عنها شيء.

 

هناك ارتباطًا وثيقًا بين تعاطى المخدرات وارتكاب الجرائم، الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير وحدة الإدمان بمستشفى العباسية الأسبق يشير إلى أن 37.8 % في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة تتعاطى المخدرات، و56.7 %من مرتكبي الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، ولذلك فإن 87% من الجرائم غير المبررة يكون تعاطى المواد المخدرة محرك رئيسي لها.

 

عاشت الفتاة أسبوعًا كاملًا تشعر بالرعب والعذاب، تتذكر حياتها داخل المقابر، فمنذ أن وعيت على الدنيا تستيقظ على أصوات الصراخ والعويل، ترى العيون من حولها تمتلئ بالدموع، تشارك الأموات حياتهم، رائحة القبور تزكم أنفها، تحلم بالأشباح والأموات ليلًا، تعيش على إعانة زوار المقابر لولدها الكفيف كي تأكل وتشرب، حياة مليئة بالبؤس والشقاء، وبعد الحادث الأليم واختفاء أختها تقول الفتاة: أصبحت وحيدة أشعر بالخوف والرعب أصبحت حبيسة الـ"حوش" أخاف أخرج منه، لا أثق ولا أكلم أحد أقضى يومي داخل الغرفة الداخلية للـ"حوش"، لا أريد إلا الموت .

 

السكوت هو سيد الموقف لأب كفيف مثل رجب حيث قال "بسبب عجزي لم أقدر على حماية بناتي، "غادة" خافت وهربت و"منة" من يومها وهى مريضة ولا أعرف ماذا أفعل.

 

هناك العشرات من الأطفال الإناث اللاتي تعشن داخل المقابر يذقن أشد أنواع الانتهاك البدني والنفسي، ليست "غادة ومنة" فقط هذا ما أكدته "أم دينا" تعيش داخل "حوش" مجاور لـ"عم رجب" فقالت: ولدت داخل إحدى الأحواش بالمقابر منذ 45 عامًا، عشت حياة مرعبة مليئة الأحداث، كل يوم أسمع عن جرائم قتل داخل المقابر، أرى الشباب يتعاطون المخدرات، ومنهم من يأتي بفتيات ساقطات يقضون ليلتهم بين شواهد الأموات لا يشعرون بمدى المعصية التي يرتكبونها، أحيانًا كثيرة أسمع صرخات لفتيات تستغيث ولا أحد من سكان المقابر الأحياء يستطيع إنقاذها، لأن كل واحد منا يدخل مقبرته ويغلقها عليه قبل أذان المغرب وإذا مرض منا أحد أو حدث له مكروه ينتظر للصباح، هذه حياتنا في المقابر .

 

الدكتور فتحي قناوي أستاذ الكشف عن الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أكد فى تصريحات خاصة لنا، أن مثل هذه الأماكن المفتوحة للمواطنين تشجع كل من يسول له نفسه على عمل إجرامي أن يفعله، وهناك بحوث عديدة قام بها مركز البحوث الجنائية تؤكد ذلك، وخاصة أن هناك مشكلة قوية تواجه المجتمع وهى إدمان المخدرات الذي يترك أثر سلبي على مستقبل شبابنا وتجعله عرضه لارتكاب مثل هذه الجرائم التي قد تعرضه لعقوبة يمكن أن تصل للإعدام.

وللحد من هذه الجرائم يجب أن تلتفت الحكومة لغلق تلك الأماكن المفتوحة والتي تعد حرمتها مانع من ارتكاب تلك الجرائم، والرجوع للدين والأخلاق والاهتمام بالتربية السليمة لأن مجتمعنا امتلئ بالعديد من الظواهر التي لم تكن موجودة من قبل .

أرجئ النائب محمد مسعود عضو مجلس النواب، فى تصريحات صحفية سابقة، أن كثرة الزحف والعيش داخل المقابر تأتى بسبب ارتفاع أسعار الوحدات السكنية الشعبية بسبب الهجرة إلى العاصمة للبحث عن لقمة العيش، في حين تجاهل الحكومات المتتالية لهذا الملف الهام الذي يعد قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بأكمله، والخوف من زيادة نسبة سكان المقابر إلى 10 ملايين مواطن مع حلول 2030 كما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء .