فيديو.. "ستاد الإسكندرية الرياضى.. حيث لا يهوى التاريخ النسيان"
حين لا يهوى التاريخ النسيان، ويظل يحفر ملامحه على الجدران وبين أزقة الطرق، وفى لوحات الرسامين، وأمام عدسات المصورين، يعلن ستاد اسكندرية أثريته وتاريخه، ويحوى بين طياته عبق ذكريات الرياضة فى مصر، مذيلة بتوقيعات ملكية، تشهد عصر "الكوزمبولتيك" أو تجمع الجنسيات الذى كان يميز مصر.
وحين تبدأ جولتك داخل ستاد اسكندرية، لا تستطيع أن تتجاهل بوابة "المقصورة الرئيسية" المصممة على الطراز الرومانى القديم، لتستقبل كبار الزوار، ويدخل منها سنة 1929 الملك فؤاد الأول وأمراء الأسرة الملكية والوزراء وممثلوا الدول الأجنبية وكبار موظفى الدولة والأعيان و اعضاء القومسيون البلدى بالإسكندرية، ليفتتحوا الاستاد الذى كان أول ستاد فى مصر وإفريقيا، وكان اسمه فى بداية الأمر ملعب الملك فؤاد الأول، ثم ستاد البلدية، حتى أصبح ستاد اسكندرية.
حين تجلس فى قاعة المقصورة الرئيسية أو المقصورة الملكية كما كانت تسمى فى الماضى، تجد الصالون الملكى الخاص بالملك وهو على الطراز الفرنسى، والقاعة مزخرفة بأروع الزخارف والنقوش، وحفر على جدرانها، علم مصر فى تلك الفترة، و الذى كان عبارة عن هلال و ثلاثة نجوم، كما نقش أول حرف من اسم الملك فؤاد أعلى سقف القاعة الملكية.
خطوات صغيرة تمر بها من بوابة الاستاد الرئيسى، تشاهد بعدها أجزاء من أسوار الإسكندرية الإسلامية القديمة، لتعلن أنك وسط حضارتين، وأنك بين التاريخ والحداثة تتمشى.
الفكرة بدأت فى ذهن يونانى الأصل الموقع على إحدى الصور الملكية، والمحفور اسمه على لافتة افتتاح الملعب، "أنجلو بولاناكى"، والذى كان يعمل مندوبًا لمصر، باللجنة الأوليمبية الدولية، وسكرتير عام للجنة الأوليمبية المصرية فى ذلك الوقت، وعقب مشاركة مصر فى دورة أثينا 1906، اقترح بولاناكى بناد ستاد فى المدينة التى ولد بها،حتى يمكن تحقيق حلمه بتنظيم دورة ألعاب أوليمبية فى مصر.
وشرع بولاناكى فى اتخاذ الإجراءات التنفيذية للمشروع، وقدم مذكرة لرئيس مجلس بلدية الاسكندرية فى ذاك الوقت، طلب فيها تخصيص قطعة أرض لتشييد ستاد رياضى عليها بعد توفير الأموال اللازمة، وبالفعل تمت الموافقة على تلك الفكرة، وخصصت أرض ملك للبلدية، مقابل إيجار بمنطقة الشاطبى، وهو الأرضى المبنى عليها نادى الاتحاد السكندرى حاليًا، والذى بعد انشاءه سنة 1924 تم نقل موقع الاستاد إلى مكانه الحالى بالحى اللاتينى الراققى، وحقق بولاناكى حلمه بتشييد ستاد رياضى ضخم، وبدأ فى تنظيم لمباريات والمسابقات الرياضية و الحفلات بغرض جمع التبرعات للمساهمة فى عملية التشييد.
وشكل بولاناكى لجنة من أغنياء الإسكندرية ونبلاءها من مصريين وأجانب، وهم الموجودة أسماءهم على لافتة الشرف، المعلقة على جدران إحدى بوابات الاستاد تجاور لوحة الافتتاح، وهم حسين صبرى باشا محافظ الاسكندرية وقتها وأحمد صديق بك مدير البلدية، والمسيو أنجلو بولاناكى، وأربعة أعضاء آخرين، ونجح فى جمع التبرعات من الملك فؤاد والأمير عمر طوسون أول رئيس للجنة الأوليمبية المصرية، وعدد من كبار تجار المدينة.
وفى أعقاب الانتهاء من إعداد التصميمات طرح مشروع الاستاد فى مناقصة عامة بعد نفاذ أموال اللجنة، فتوصلت اللجنة لفكرة جمع الأموال بتنظيمها لمسابقة ياناصيب، واقبل السكندريون على الياناصيب وبيع ما قيمته 60 ألف جنيه مصر، صرف منها 20 ألف جوائز، ووجه الباقى فى عملية البناء.
يقول الدكتور شريف سعد مدير ستاد الاسكندرية الرياضى، إن الاستاد تكلف إنشاءه فى ذلك الوقت نحو 132 ألف جنيه، وأقيم على مساحة 28 فدان.
وأوضح سعد، أن ستاد الاسكندرية، الرياضى شهد أول ما شهد مباراة بين منتخب الاسكندرية و الذى كان يمثل نادى الاتحاد السكندريى، والقاهرة، وفاز فريق الاتحاد، وقام الملك فاروق بتسليم أحد لاعبيه الكأس.
وأكمل مدير ستاد الاسكندرية، أن الاستاد شهد أهم البطولات الدولية، مثل الدورة الأولى لألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1951، ودورة الألعاب العربية الأولى، سنة 1953، وبطولة كأس الأمم الإفريقية الخامسة عشر سنة 1986، ودورة الألعاب الإفريقية الخامسة سنة 1991، وبطولة كأس العالم للناشئين سنة 1997، بالإضافة إلى البطولة العربية الأولى للمنتخبات المدرسية فى كرة القدم سنة 1999 وبطولة كأس الامم الافريقية الخامسة والعشرون سنة 2006، وأخيرًا بطولة كأس العالم للشبات، سنة 2009.
أحلام وأمنيات كثيرة تنتظر ستاد الاسكندرية التاريخى، ما بين إنشاء متحف يجمع كل آثار الألعاب الرياضية منذ زمن فرعون مصر، وبين إنشاء نصب تذكارى لشهداء الرياضة، كل هذه المقترحات والتطورات يحكيها الدكتور شريف سعد مدير ستاد الاسكندرية الرياضى فى حوار لليوم السابع فى تقرير آخر.