"متحف اللوفر".. رسالة الإمارات للعالم
د.علي الخشيبان
شهدت أبوظبي العاصمة العربية ذات التأثير المتسارع في الصورة المتجددة للمنطقة افتتاح أحد أهم معالمها للقرن الحالي، وهو نسخة مبتكرة تاريخياً وثقافياً من متحف اللوفر العالمي، هذا الحدث بطبيعته يحمل رسائل كبيرة أكثر من كونه متحفاً يضم مجموعة من الآثار والتاريخ البشري.
الرسالة الأكثر تأثيراً لهذا الحدث تبدو في منهجية واضحة تتخذها الإمارات وقياداتها نحو ترسيخ مبادئ مهمة، فهو يعكس حرص دولة الإمارات وقيادتها على أن تكون نموذجاً دولياً لتعزيز التسامح والانفتاح وتقبُّل الآخر، والانتقال بهذه الدولة نحو رؤية العالم بشكل أوضح، حيث يتسع الفضاء في هذه الدولة إلى أن تكون مركزاً دولياً يجعل من الثقافة مفتاحاً سحرياً لتحقيق الإنجازات.
مازلت وسوف أظل متمسكاً بنظريتي القائلة إن دول المستقبل هي الدول ذات النزعة الثقافية، فالعالم اليوم يتغيّر، ولكن في إطار منظومة ثقافية وليس قوة عسكرية أو مكانة صناعية، الفروقات التي اعتدنا عليها في القرن العشرين سوف تختفي وتحل محلها فروقات ثقافية تميز الدول عن بعضها، وسوف تلعب القوة الناعمة دوراً محورياً في بناء العالم الجديد لهذا القرن.
دولة الإمارات وقياداتها تبعث للعالم رسائلها لتعلن أنها في سباق مع الزمن لتكون جزءاً من ثقافة جديدة على العالم، الذي أصبح يفكر بمعطيات ثقافية تصنع مكانته، فالتسامح والانفتاح الثقافي واستثمار القوة الناعمة التي يتسم بها مجتمع الإمارات، كلها أدوات مهمة تحملها رسائل أهم للعالم من حولنا.
هذا الافتتاح التاريخي لمتحف اللوفر في أبوظبي يثبت للعالم أن دولة الإمارات تجاوزت الكثير من المراحل وصولاً إلى عالم يتسم بالتسامح والأخوة والتعاون وقبول الآخر، فمتحف اللوفر، كما يطرح مسؤولوه، سوف سيكون منارة إشعاع يستظل تحتها العالم لتحقيق أبعاد إنسانية وثقافية وسياسية، أصبحت من ضرورات الحياة في هذا القرن.
هذا الإنجاز سوف يكون من المعالم التاريخية التي ستصنع الفرق في تاريخ العالم والمنطقة الخليجية التي أصبحت بحاجة إلى أن تتبنى حكوماتها مساراً للميل نحو بناء دول ذات نزعة ثقافية باستثمار مركّز للقوة الناعمة، ذلك الكنز التاريخي الذي يتميز به الخليج، المنطقة الأكثر قدماً في العالم.
نقلًا عن (الرؤية الإماراتية)