التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 05:53 م , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (31)

أخيرا، جت الوظيفة لـ عبد المنعم صبري، مدرس موسيقى في نادي للأغنيا المرفهين، الأغنيا التافهين، الأغنيا اللي جمعوا ثرواتهم بـ الوراثة عن أجدادهم (اللي مش عرب)، الأغنيا اللي بـ يتسلوا بـ مراهنات عبيطة على مصاير وقلوب الناس، ويمكن دقونهم وشنباتهم. الأغنيا دول بـ ينقسموا لـ فريقين: فريق كابتن ميرفت حفيدة الدولة العثمانية وجنكيز خان! وفريق كابتن كريمة حفيدة الفراعنة!



كابتن كريمة بـ تمثل هنا فريق "الخير"، وكابتن ميرفت فريق "الشر"، ولما نتكلم هنا عن الخير والشر، بـ نتكلم هنا عن القابلية لـ التخلي عن المفاهيم الرجعية لـ الأرستقراطية، والاعتراف بـ المواهب الصاعدة من تحت. أما الشر فـ هو التمسك بـ القيم دي حتى النهاية.


كابتن كريمة كانت الفنانة صباح، اللي كانت وقتها في رحلة صعود منتظمة، ودور كابتن ميرفت لعبته منيرة سنبل. ومنيرة كانت ملكة جمال إسكندرية فعلا، زي ما هو مفروض في الفيلم، خدت اللقب وهي عندها 17 سنة، فـ مجلة الكواكب عملت عنها ريبورتاج، وفي الخمسينات لما الكواكب تعمل عنك تحقيق، فـ ده معناه، روح وأنت نجم.


خدوها في السينما عملت خمس أفلام، والدور السادس كان "شارع الحب"، وزي ما إحنا شايفين كان دور كبير يؤهلها لـ نجومية طويلة المدى، بس هو أهلها لـ حاجة تانية خالص: بيت العَدَل، فـ اتجوزت وقعدت في البيت لـ حد ما ربنا كرمها بـ لقب أرملة، فـ حبت ترجع التمثيل، بس ما لحقتش، واتوفت عندها 46 سنة. 


علشان عبد المنعم صبري يقدر ياخد الوظيفة بتاعته، لازم له حاجتين:
الأول، يكدب ويزوّر ويخبي إمكانياته، لأن الباشوات مش هـ يعينوا حد خطر عليهم، فـ لازم يربي دقن وشنب ويظهر بـ مظهر الراجل العجوز العاجز، اللي يستحق الشفقة مش الإعجاب.


التاني، يمشي جنب الحيط، ويتبع شوية "سياسة"، الباشوات بـ يتعاركوا مع بعض، إحنا مالناش دعوة، علشان كده لما سأله الراجل اللي جايب له الوظيفة: إنت هـ تبقى مع كابتن كريمة ولا كابتن ميرفت؟ جاوبه الإجابة المصرية الصميمة: مع الاتنين.


على جنب: فيه مشهد لـ عبد الحليم في فيلم "معبودة الجماهير"، والأطفال بـ يسـألوه: إنت أهلاوي ولا زملكاوي، فـ رد قال: "أنا زمهلكاوي"، تقريبا هي هي نفس الإجابة.



أول مشهد لـ عبمنعم صبري في النادي، بـ يبدأ قبل ما "الأستاذ" يدخل، وبـ نشوف الصراع بين كريمة وميرفت، الصراع اللي كان واحد من مظاهره، إن فريق كابتن ميرفت (فريق الشر) بـ يحب فريد الأطرش، وعايز يسمع "من أول همسة"، في حين فريق كابتن كريمة (فريق الخير) بـ يحب عبد الحليم حافظ، وعايز يسمع أهواك، وطبعا بـ مجرد ما تيجي سيرة "أهواك"، الفصل كله يتحول لـ حريقة، والكل يغنوا سوا: "أهواك، واتمنى لو أنساك ... إلخ".


أهواك ألحان محمد عبد الوهاب، وهو كان أكتر واحد بـ يغذي المنافسة بين حليم وفريد، لـ إن ده بـ يخليه هو نفسه "خارج المنافسة" سواء مع حليم كـ مطرب، أو مع فريد كـ مطرب وملحن.


المشهد طبعا كلنا حافظينه، خصوصا لما كريمة تقوله:


على كده الأستاذ موسيقي رحالة؟ 
متجول، عالمي، بـ يسموني في باريس البروفيسور عبد المنعم دي صبري.


المشهد اللي هـ ينتهي بـ رهان الكابتنين على دقن الأستاذ وشنبه، اللي ما يستاهلوش حتى إزازة شمبانيا، كفاية إزازة كوكاكولا، وميعاد الرهان يوم عيد ميلاد كريمة.
ليه عيد ميلاد كريمة؟
علشان تقفل بـ البنات وهم بـ يغنوا: 
عقبالك يوم ميلادك 
لما تنول اللي شغل بالك


اللي هي برضه ألحان محمد عبد الوهاب، بس المرة من غير حتى ذكر لـ أي أغنية لـ فريد:


عبد الحليم 2
فريد صفر