في حب عمرو دياب
"يدق الباب، أقول هي ..
أقول رجعت خلاص ليا .."
هي قصص الحب التي طال انتظارها، تلك الأحلام، بحلوها، ومرها، بما فيها من اشتياق وغيرة وعذاب حتى، هي دقة القلب "الزيادة"، التي نظنها حين تعلو، نذير حكاية حب حلوة، فنبتسم، ونتخيل أن الحياة ستبتسم لنا هي الأخرى مجددا، فنحلم، ونحلم.
"وتخلص غربتي وافرح ..
وأخاف من فرحتي أفتح،
تكون لاعبة الظنون بيا..
و تطلع تاني مش هيّ .."
آن لليل أن ينجلي، وآن للأفراح أن تعرف طريقنا مجددا، سترحل غربتنا القسرية، وسنجد بين العشاق موطنا، سيمسك أحدهم يدنا أخيرا ويعبر بنا تقطاعات حياتنا المزدحمة بأحزان مجنونة، سيشتري حبيبٌ لنا ورودا، وينثر في مجالنا أفراحاً وابتسامات.
ولكن ماذا لو أنه لم يكن الحب، ماذا لو أن كل ما نشعره لم يكن إلا ظنونا، ماذا لو أن فراشة الأمنيات الملونة، قد جمّلت واقعا سيئا فظنناه فارس الأحلام، ورأينا كما يرى النائم حماره حصانا وردياً، ماذا لو أنها لم تكن حكايتنا.
"و ماشي بقول، وإيه يمنع ..
تحن لحبها وترجع ..
لاقيتها جاية بتقرب..
وقفت بشوقي مستغرب..
تكون لاعبة الظنون بيا..
و تطلع تاني مش هي"
أهل للحب نحن، وأهل هو لنا، لا مانعَ يمنعه من زيارتنا، ولا مانع يمنعنا من استقباله والاحتفاء والاحتفال به كعزيز غاب أخيرا ثم عاد واستقر، نحن نراه نقرب، نحن لا نصدق، نحن نخاف، ولكن الحب يقترب، لكن الآمال تسعى لأن تتحقق، ولكن ماذا لو أنها ظنون، ماذا لو أنه السراب.
"ده قلبي داب، في دقاته ..
وآه مـ الشوق وأوقاته ..
ده خدني الوهم 100 مرة..
لكن نفسي ولو مرة ..
متلعبش الظنون بيّا..
وتطلع بعدها هي .."
لنا مع الظنون سوابق، لنا مع أعين الحلوين سوابق، مع تلك التفاصيل الصغيرة جدا التي تعلقنا ونتعلق بها، مع تلك الابتسامات العذبة، وتلك القهوة التي يطلبها لنا أحدهم في وقتها، حكايات يعرفها القمر الذي نسهر لنقص عليه حكايات ربما ليست إلا في خيالنا، آه من شوق يخدعنا، آه من قلوب تتوق لأن تُعشق، آه من مرّة، مرّة واحدة، يصدقنا فيها الحب وعده، ويأتي، حين يدق الباب.
تلك تجلياتنا، أمانينا، قصص حبنا ما بين ما كسرناه وما كسرنا وما كان قويا بنا وكنا به أقوياء واستمر، وهذا هو، رفيق ذلك كله،
هو عمرو دياب.
هذا الرجل الذي أختلف معه حين تقوم الدنيا ولا تقعد، حين يسقط نظام ويأتي غيره وحين يسقط الشباب أمام ستاد أو في المدرجات وهو في قوقعته لا علاقة له، يستفزني غموضه أحيانا، وأغضب طويلا لأنه يصمم على استبعاد عمرو مصطفى وعلى الاستعانة دائما بتامر حسين والتجديد مع روتانا، ولأنه يكرر حركات يده في آخر "كام كليب" على نحو مستفز، ويغني نفس الأغنيات في كل حفلة، لكنني لا أملك إن طلت صورته على "تايم لاين" حسابي على فيس بوك، إلا أن أتوقف كثيرا، وكثيرا جدا، في حب هذا الرجل.
تغيّرت اهتمامتي كثيرا منذ كنت تلك المراهقة التي تلوح "باي" بيديها لبوسترات عمرو دياب في الشارع، وتدخر من مصروفها لتشتري النسخة "الماستر" من "شرايطه"، لم أعد تلك العضوة النشطة التي تقضي يومها كله بلا مبالغة على عمرو دياب وورلد، ثم عمرو دياب دوت نت، صارت أغنيات العربية الفصحى تطربني، فـ"أنتمت" مع عبد الرحمن محمد، وتحققت نبوءة أمي وأحببت أم كلثوم ووردة على كبر، وزهدت فناني مراهقني كلهم دون استثناء، وحده عمرو دياب يستوقفني، حين يباغتني Shuffle الأغنيات على هاتفي، بواحدة من أغنياته.
يقول لي، متهونش عليكي عشرة عشر سنين.
فأرد بلماضة، 10 إيه يا عم، هم 8 بس.
فيجيبني في ثقة، 8 إيه، إحنا سامعين سوا ألبوم كمل كلامك، 2005، ولا نسيتي.
لم ولن أنسى، أذكر تواريخ وأحداثا وأشخاصا ارتبطوا بأغنيات عمرو دياب وارتبطت بهم، أذكر جيدا كيف كنت يومَ اشتريت "شريط" ليلي نهاري، وأعرف جيدا شكل المعرض الذي أقاموه يوما في الجامعة واشتريت منه كمل كلامك، عرفت بعدها شراء السيديهات وانتظار السامبلز، وصرت أحب أشخاصا لأنهم ارتبطوا بصدور ألبوم أحببته، وأكره ألبوما آخر، لأنه صدر في أيام سودا.
لا أتفق مع هؤلاء الذين بالغوا يوم انتشرت صور حملة عمرو دياب الإعلانية الجديدة مع فودافون والتي يعيد فيها ذكريات ربما كانت آخر ما تبقى لنا في هذه الدنيا، حين قالوا إن عمرو دياب لم يكبر، فنحن كبرنا وعمرو قد فعل أيضا، لو أنكم أحببتموه فعلا لرأيتم أن الزمن قد مر على وجهه وترك علامات أتمنى ألا يجتهد لإخفائها أكثر، فنحن كبرنا وكبر هو أيضا، ونحن في حاجة لأن نراه يكبر ويكبر، نحن في حاجة لأن نشعر بأن نجمنا حقيقي، وأن حكاياتنا معه لا تكبر وحدها، ولكنه يكبر معها أيضا.
أود أن يخرج عمرو من دياب من خلف ذلك اللوح الزجاجي الذي لا يظهره إلا براقا وهو الذي سيلمع في أي مكان وتحت أي ظروف، أتوق ليوم أحضر حفلة له بصحبة أحفادي، فيجدوا في هيئته شيئا من ماضٍ سأقصه عليهم، فيتفاعلوا وينفعلوا، أود أن يغني لي عمرو دياب بعد أن صرت في منتصف العشرينات، وتغيّرت نظرتي لكل شيء، أود أن يغني للحب كما أراه، وكما يراه عشاقه الذين كبروا، وإن لم يكبر هو أبدا.
عمرو دياب..
لقد تغيرنا كثيرا يا عزيزي ..
و أنا-على الأقل- سأحبك أكثر، إن وجدت مثلي، متغيرا..