بعد احتلال 100 عام.. تعرف على يوم عادت فيه "عكا" للعرب
"يعني فتحت عكا يا خي".. مثل شعبي منذ قديم السنين، ويقال عندما يحاول أحد أن يستعرض قوته ومجهوده في إنجاز ما، وهذا لأن فتح عكا كان من أكبر الإنجازات، وبُذل لأجل هذا الفتح جهد وتعب ومجهود كبير.
في عهد الأشرف خليل، وقف جيشه في مواجهة عكا، ضد الصليبين، وتفوق العرب بقيادة الأشرف، وسرعان ما وصلت الإمدادت والتعزيزات العسكرية من قبرص إلى عكا للصلبيين عن طريق البحر، إلا أن الصليبيين المحاصرين فيها كانوا يدركون أنهم غير قادرين على التصدي لجيش المسلمين.
التحضيرات لفتح عكا
وفي 15 أبريل عام 1291، قامت بعض القوات الصلبية من فرسان المعبد، بقيادة "جين جريلي" و"أوتو أوف جراندسون" بغارة مفاجئة على معسكر جيش حماة، بهدف الهجوم على جيش الأشرف خليل، إلا أنه تعثرت أرجل خيولهم في حبال خيام المقاتلين المسلمين، ما أدى لانكشاف أمرهم ومقتل وأسر العديد منهم، وتمكن عدد منهم من الفرار ببعض طبول ودروع المسلمين.
محاولة للهدنة باءت بالفشل
وفي شهر مايو من نفس العام، حاول الصليبيون استعادة قوتهم مرة أخرى، حين وصل الملك "هنري الثاني" من قبرص، وفي صحبته 40 سفينة محملة بالمقاتلين والمعدات، وتولى هنري قيادة الدفاع، ولكن سرعان ما أدرك قلة حيلته في مواجهة الأشرف خليل، فأوفد إليه فارسين من فرسان المعبد هما "وليم أوف كافران ووليم أوف فيلييه" لطلب السلام وإعادة الهدنة، وسألهما الأشرف عما إذا كانا قد أحضرا معهما مفاتيح المدينة، فلما أجابا بالنفي، قال لهما إن كل ما يهمه هو امتلاك المدينة، وأنه لا يهمه مصير سكانها.
ولكن تقديرا منه لشجاعة الملك هنري، ولصغر سنه وقدومه لتقديم المساعدة وهو مريض، فإنه على استعداد أن يبقي على حياة السكان في حال تسليم المدينة له دون قتال، فأجابا بأنهما لم يأتيا إليه للاستسلام ولكن فقط لطلب رحمته على السكان، وبينما الفارسان يتفواضان مع الأشرف، سقط شيء بالقرب من دهليز الأشرف، فظن أنها مؤامرة صليبية لقتله وأراد قتل الفارسين، إلا أن الأمير سنجر الشجاعي شفع فيهما فسمح الأشرف لهما بالعودة إلى عكا.
بداية المعركة
بدأ العرب بالزحف الشامل على عكا في 18 مايو عام 1291 بامتداد الأسوار، تحت دقات الطبول، لإنزال الرعب في صدور الصليبيين داخل عكا، اندفع جنود جيش العرب وجيش حماة وهم يكبرون لمهاجمة تحصينات المدينة، تحت قيادة الأمراء المماليك الذين ارتدوا عمائم بيضاء، ووصل المقاتلون إلى البرج الملعون وأجبروا حاميته على التراجع إلى جهة باب القديس أنطوان، واستمات فرسان المعبد وفرسان الاسبتاريه في الدفاع عن البرج والباب، ولكن المقاتلين العرب تمكنوا من الاستيلاء عليهما، وراحت قوات جيش المسلمين تتدفق على شوارع المدينة، حيث دار قتال عنيف بينهم وبين الصليبيين.
قُتل مقدم فرسان المعبد "وليم أوف بوجيه" وتبعه "ماثيو أوف كليرمونت"، وجُرح مقدم الاسبتارية "جون فيلييه" جرحا كبيرا، فحمل إلى سفينته وبقي بها، ورفعت الصناجق الإسلامية على أسوار عكا، وأيقن الملك هنري أنه لا طاقة للصليبيين بجيش الأشرف، وأن عكا ستسقط في يد الأشرف لا محال، فعاد إلى قبرص ومعه "جون فيلييه"، مقدم الاسبتاريه، وقد تعرض الملك هنري فيما بعد للاتهام بالتخاذل والجبن.
انتصار العرب بعد 44 ليلة حرب
سادت عكا حالة من الفوضى العارمة والرعب الهائل، واندفع سكانها إلى الشواطئ بحثا عن مراكب تنقلهم بعيدا عنها، ولا يدري أحد بالتحديد كم منهم قُتل على الأرض أو كم منهم ابتلعه البحر، وقد تمكن بعض الأثرياء من الفرار من عكا في مراكب الكاتلاني "روجر فلور"، مقدم المرتزقة وفارس المعبد، مقابل أموال دفعوها له، وقد تمكن "روجر دو فلور" من استغلال الموقف فابتز الأثرياء والنبيلات وكون ثروة طائلة.
وفي هذه الليلة عادت مدينة عكا في يد العرب مرة أخرى، بعد حصار وحرب دامت 44 يوما، بعد أن احتلها الصليبيون مائة عام.