التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:05 م , بتوقيت القاهرة

أفلام مصري.. أم الأجنبي

آه من جوليا روبرتس ومن اتبسامتها الساحرة ومن ضحكتها التي أعشق، آه من عزوفي عن متابعة الأفلام "الأجنبية"، الذي أضاع عليّ متعة عشرات القصص المقدمة باحترافية، وألف آه أخرى، من خيالي الذي لا يتركني في حالي للاستمتاع بما أشاهد، دون أن يترك لمسته السحرية اللولبية، على الموجودات والمجريات من حولي.


كنت أشاهد فيلمها الرائع، eat, pray, love.. ولا أعرف كيف تحوّلت جوليا روبرتس في نظري فجأة إلى ابتسام بتاعت دار السلام، جامعية معتدلة في هيئتها إلى حد كبير، وإن كان ذلك لم يمنع تلك الخصلة المضروبة أكسجين من أن تعرف طريقها خارج الطرحة الفسفورية، رغم أن موضة الفسفوري نفسها قد ولّت، لكن الحمد لله إنها جت على أد كده.


المهم أن ابتسام قد تركت حسام، على الرغم من قصة الحب التي لم يكن لها مثيل- من وجهة نظريهما فقط ليس إلا- وعلى الرغم من شعورها القوي أن ذلك السجع في اسميهما ليس إلا رسالة سماوية قدرية بحتة، تعني أنهما سيبقيان معا حتى آخر العمر، وسيعيشان في تبات ونبات وينجبان صبيان وبنات، اسمه هوّ اللي هياخدوه منه وبس، لكن ما حدث أن ابتسام قد استيقظت ذات يوم وهي تشعر أن القصة لا تناسبها، على الرغم من تحذيرات الصديقات، اللاتي نصحنها بأنه عريس في اليد خير من عشرة على الشجرة، لكن شيماء آداب، أعني زميتلهم في كلية الآداب، كان لها رأي مختلف، على اعتبارها "العميقة بتاعت الشلة"، التي لا تفارق روايات أحلام مستغانمي يدها، إذ قالت لها إن كل الأشياء تعوض، وأن عليها أن تكتشف نفسها من جديد، غير مهتمة بما يُقال عنها من شائعات مفادها أنها وجدت أن مستقبل كريم الطالب في السنة النهائية بكلية تجارة إنجليش أفضل من مستقبل حسام ابن المنجد، وأن ذلك لن يكون إلا عن طريق أمرين روحيين تمامًا.


الأكل، والصلاة، والحب سيأتي لاحقًا.


وقد كان، و نفذت ابتسام النصيحة.


(1)


حاولت ابتسام الانسجام مع أغنيات عبد الرحمن محمد، بينما تسير في شارع طلعت حرب، أخبرتها شيماء أن صوته العذب ولغته العربية السلمية سيغيران نظرتها للحياة، ولكن ذلك لم يحدث، فبغض النظر عن أنها لم تفهم ما هي الرامة التي التقى فيها المُغني محبوبته، وهل هي "حتة في العامرية يعني"، لكن الموود كله لم يجذبها، فلم تضغط على نفسها، وغيرت الأغنية إلى أغنيتها المفضلة.


يا عم ياللي ماشي، وبايع دنيتك.


علمني أضحك يا إما، سلفني ضحتك.


يصيبها صوت عبـ باسط حمودة بالقشعريرة، فسالت دموعها في صمت، واستكملت طريقها.


(2)


الجميع هنا مبتسم، زحام لا ينقطع، مصريين وأجانب، شباب وبنات، وهي وحدها، تنظر إلى الشارع من خلف الواجهة الزجاجية، بينما تنتظر طبق الكشري الثالث، في الأكل متعة حرمها منها الارتباط بحسام الذي كان ينهرها وينعتها "بالعجلة"، بعد أن زاد وزنها نحو 35 كيلوجراما في أقل من عام، لكنّها فجأة، وبعد أن أوصت بطبقين رز باللبن ليكونا الحلو بعد هذه الوجبة، شعرت أن المتعة الحقيقية لا نجنيها من أن نكرر فعلاً يفرحنا، وإنما المتعة الحقيقية تكمن في التجربة، فتركت طاولتها، "من غير ما تحاسب" وانطلقت.


من الحجش إلى حبايب السيدة، تتناول أطباقا منوعة من الفول بالزيت الحار والفشة والكرشة والممبار واللسان، يشعرها طبق فتة الكوارع بنشوة ليس لها مثيل، خاصة إذا أتبعته في نهاية يومها بخمسة ساندويتشات كبدة إسكندراني من عند عزت تلوث، لم تعد تهتم بعشرات الكيلو جرامات التي تزيدها وستزيدها، لم تعد تهتم إلا بسعادتها، وقد كان.


(3)


رمضان على الأبواب، إذن هي فرصتها لتنفيذ النصيحة الثانية، والارتقاء بروحها، ابتاعت عباءة سوداء جديدة، وقررت أن تخفي خصلتها الصفراء مع إخواتها وراء الحجاب، وإن كانت في قرارة نفسها قد قررت أن تحضر للجميع مفاجأة بأن تصبغها أحمر "عـ العيد"، ولكن هذا ليس مهما الآن، قررت ألا تفوّت صلاة التراويح، وأن تشاهد ما يفوتها من مسلسلات على أي قناة +2، ومن أجل ذلك، أعدت قائمة طويلة من الأكلات التي ستعدها للسيدات المتوجدات في المسجد، وأهه كله ثواب.


أفضل ما كان في تجربتها الروحية، هو تلك الدفعة المعنوية التي حرص الجميع من حولها على أن يمنحها إياها، إذ كانت تحصد عشرات "اللايكات" على فيس بوك حين "تعمل تشيك إين" تفيد بأنها تصلي التراويح في المسجد، ولم تقصد رياء أبدا، حين حرصت يوميا على أن تسجل شعورها، بالخشوع، بحب الله، بالطمأنينه عبر فيس بوك- برده- صارت حالتها أفضل، وفكرت جديا في التوقف عن ارتداء البنطلونات الليجنس، فالسكيني ليس سيئا بكل حال، كما قررت أن تفكر جديا في أمر الخصلة الحمراء، إذ راودها خاطر مفاده أنه من الأفضل أن تبقيها داخل "الطرحة"، أو على الأقل أن تتركها صفراء.


(4)


وأخيرا، أتى دور الحب ..


في الفيلم، ترتبط جوليا روبرتس برجل آخر، غير زوجها الذي تركت في بدايته، ولكن ابتسام لم تفعل، على الرغم من عشرات الشباب الذين تقدموا لخطبتها بين عاملين في محلات الأكل التي زارتها، وبين أبناء وإخوة السيدات اللاتي تعرفت عليهن في صلاة التراويح، لكنها قررت، وبدون أي صراع يذكر مع نفسها، العودة إلى حسام.


لم تعد ابتسام إلى حسام لأن المرأة المصرية تتعامل في الحب دائما بمبدأ "اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش"، حتى لو طلع ذلك الذي تعرفه عينيها، لكنّها اكتشفت فجأة، أنها تسرعت يوم تركته، وأن شيماء التي شجعتها على تركه، لم تفعل ذلك لله وللوطن، ولكن لأنها أرادت أن تخطفه، لكن على مين !


عادت ابتسام إلى حسام، الذي خطبها بدبلة وتوينز، ثم اشترى لها شبكة بسبع تلاف جنيه ومتين.


النهاية


تُرى، هل يهاتفني السبكي لنبدأ فورا تحويل "تيتانيك" إلى فيلم مصري يقوم حسن الرداد ببطولته وننزل بيه عـ العيد الصغير؟


سنرى ..


على كل حال، يمكن للسبكيي- ولك عزيزي القاريء طبعاً- متابعتي من هنا ..