التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 05:56 م , بتوقيت القاهرة

هل انتصرت السينما لابن عامل النظافة؟

أثارت تصريحات وزير العدل المستقيل، المستشار محفوظ صابر، خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، استياء الجميع، عندما قال إن ابن عامل النظافة لا يمكنه أن يعمل قاضيا.

وعلى خلفية هذه التصريحات، دار نقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن تأثير المستوى الاجتماعي للفرد على مستقبله وطموحاته، وهو السؤال نفسه الذي تطرّقت له بعض الأعمال الأدبية والسينمائية.

فقبل عدة عقود، كتب إحسان عبدالقدوس رواية "أنا لا أكذب ولكني أتجمل" ، متجاوزا موضوعه الأثير الذي ناقشه في أغلب روايته عن الحب العذري. حيث يحكي قصة ابن "تُربي" نابه ومتفوق في دراسته، يضطر للكذب على زملائه في الجامعة بخصوص أصله، كي ينال احترامهم، ويتمكن من الزواج من زميلته ابنة الدكتور الكبير.

تعاكس الأحداث ابن التربي، وتكشف حقيقته، فيصرخ مدافعا عن نفسه أنه لم يكن يكذب، وإنما يجمّل حقيقة وضع لم يختره، كي يقبله المجتمع بين صفوفه، ويساعده على تحقيق حلمه.

دارت أحداث الرواية، التي تحولت إلى فيلم من إخراج ابراهيم الشقنقيري، وبطولة أحمد زكي وآثار الحكيم وصلاح ذو الفقار، في الثمانينيات، أي بعد اندلاع ثورة يوليو بنحو 30 عاما،  وكشفت ازدواجية المجتمع الذي ينادي بالمثالية  لكنه يعجز عن تطبيقها.

حيث حررت الثورة المصريين من أنظمة ديكتاتورية وقمعية، فيما لم تحررهم من الفكر العنصري، والطبقية التي تصنّف البشر وفقا لمستواهم الاقتصادي والاجتماعي.

ويتكرر الأمر بشكل أو بآخر في رواية "رد قلبي" ليوسف السباعي، التي تحولت لفيلم سينمائي هي الأخرى، من إخراج عز الدين ذو الفقار، وبطولة شكري سرحان، ومريم فخر الدين، وتحكي قصة الحب التي نشأت بين ابن الجنايني وفتاة من الأسرة الحاكمة في مصر.

وعبّر حب علي وإنجي عن امتزاج طبقات المجتمع، الذي نادت به المبادئ الاشتراكية التي اندلعت من أجلها ثورة 1952، مع ذلك عانى الأبطال  كثيرا حتى تمكنوا من تحقيق حلمهم بالارتباط.

وتتكرّر العنصرية، وتتحكم نظرة المجتمع في حياة الإنسان مرة أخرى في فيلم "البدرون".

 حيث جسدت سناء جميل دور أرملة، تدعى"أم الخير"، تعمل في حراسة عقار بأحد الأحياء الراقية، وترعى 3 أبناء، يوسف ورقية وعائشة، وتتطلع الفتاتان للثراء، فتستسلم إحداهما لنزوات صاحب العقار، فيما تدعي الأخرى أمام زملائها في الجامعة، أنها من عائلة كبيرة، لكن الحظ السيء يقف لها بالمرصاد، فيكشف أمرها في مشهد مهين، ويعلم زملاؤها حقيقة وضعها الاجتماعي، ويسخرون من والدتها التي تعمل خادمة وتمسك بـ"المقشة" أمامها.

فيلم "البدرون" من إخراج عاطف الطيب، إنتاج سنة 1987 وبطولة سناء جميل، وممدوح عبد العليم، وليلى علوي، وسهير رمزي. 

وغيرها الكثير من الأعمال التي تعرّضت للصراع الطبقي، وانتهى أغلبها بانتصار الواقع المرير على النفوس الطيبة والطموح، وانكسار من يحاولون رفع رؤوسهم فوق العادات والتقاليد التي سنّها المجتمع، وتواطأت الأغلبية على قبولها، حتى إن كانت ظالمة.