ضد يا "تخين" ويا "برميل".. تجارب تنشر ثقافة حب الجسد
على الرغم من تنوع وكثرة الحميات الغذائية "ريجيم" على مستوى العالم، والسعي خلف الوسائل المختلفة لإنقاص الوزن كالأندية الرياضية، والعقاقير، وحتى العمليات الجراحية، تعم العالم الآن ثقافة معاكسة تدعو للحد من العنصرية ضد الأجساد بشكل عام، وحب الأجساد كما هي، منهم من يبحث عن الجمال في الأجساد غير المتفق على جمالها، ومنهم من يحاول تغيير مقاييس الجمال برمتها، وهي المقاييس التي وضعتها الشركات التجارية ومجلات الموضة، على مستوى العالم، منذ سنوات طويلة.
عن طريق بحث بسيط على شبكة الإنترنت، يمكن إيجاد مفاهيم طورها العلم من أجل وصف بعض الحالات المرضية؛ التي سببت أزمات عند أصحاب بعض الأجسام، فمثلاً، مصطلح "fatphobia" يعني: الخوف المرضي غير المبرر من البدناء، و"Obesophobia": الخوف المرضي من اكتساب الوزن، أما الـ "Weightism" فهو: التمييز والتنميط ضد الفرد بناءً على وزنه، سواء كان يعاني من السمنة المفرطة أو في غاية النحافة.
في السادس من مايو من كل عام، يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي ضد الريجيم"، حيث تتم الدعوة إلى قبول الأجساد كما هي، وقبول تنوع واختلاف أشكال وأحجام البشر. وذلك بدءا من عام 1992، تلبيةً لدعوة الناشطة البريطانية "ماري إيفنز يونج"، بمحاربة تربّح الشركات التجارية من وراء الأنظمة الغذائية "الريجيم"، والتوعية ضد الهوس بممارسة أنظمة غذائية صارمة، قد تكون لها أضرار صحية.
نشطاء، مدونات، حركات احتجاجية، ومشاريع فنية، تحاول التصالح مع الأشكال المختلفة للأجساد، بل والاحتفاء بها أيضًا. هنا نرصد بعض الحالات المهتمة بهذه القضية، ونبدأ بمدونة "The Curvy Fashionista"، والمهتمة بالأزياء والموضة والعارضات ذوات القوام الممتلئ فقط. أما "Ashlee Wells Jackson" فتتبنى مشروعًا عن تصوير السيدات بعد الحمل والولادة، من أجل التصالح مع الأجساد، بعد تغير شكل البطن وظهور الترهلات بها.
وعلى غرارها، بدأت "Jade Beall"، وهي مصورة وخبيرة مساج و مدربة رقص، مشروعًا من أجل تصوير الأجسام التي يعاني أصحابها من مشاكل، وتصورهم صورًا جميلة فتجعلهم يحبون أجسامهم؛ بالرغم من العيوب أو النواقص التي طالما عانوا منها. نُشر المشروع في عدة كتب، وساهم في حب آلاف النساء لأجسامهن وتوقفهن عن كرهها.
ومن مصر، دينا ماهر، وهي فنانة وناشطة مصرية، تتبنى فكرة الحد من "الحمية الغذائية"، أو النظام الغذائي الهادف إلى إنقاص أو إكساب الوزن، وتدعو إلى حب الجسد والتصالح مع عيوبه، وذلك بعد أن مارست تمارين لسنوات طويلة، من أجل أن تحب جسدها بعد أن كانت تكرهه، ونجحت.
تطمح دينا في أن تمتلك مركز "Center"، لإقامة جلسات تُعلّم كيفية أن نحب أجسادنا كما هي ونتصالح معها، وتمارين نفسية جماعية "therapy groups"، من أجل أن يحكي الأعضاء تجاربهم مع القوالب التي سببت لهم مثل تلك الأزمة. تقول "ماهر" في شرحها لفكرتها: "فكرة كراهية الجسد مش مقتصرة على الستات، فيه رجالة بيكرهوا أجسامهم، فيه أطفال بيقعدوا يدوروا في جسمهم على تعويرة مثلا، ويعيطوا عشان عايزنها تختفي".
وعن سبب المشكلة، تفسر "دينا" ذلك بالتربية الخاطئة داخل المجتمع بالأساس: "كلنا اتربينا غلط، ومحدش فهمنا إن إحنا نحب جسمنا، والإعلام فهمنا الجمال من وجهة نظر ضيقة جدًا وحبسنا في قوالب". وتعطي مثالا بأنه تم اعتبار الجمال مقتصرًا على الشعر الأصفر والعيون الخضراء، وتؤكد أن المجتمع نفسه قام بعد ذلك بتكسير القالب، حين قال إن صاحبة العيون الخضراء والشعر الأصفر هي بالضرورة فارغة العقل. وهنا تشدد "دينا" على ضرورة عدم اتّباع مقاييس الجمال التي توضع من قبل المجتمع.
كانت دينا قديمًا تكره جسمها، بسبب نظرة المجتمع والتعليقات التي تسمعها يوميًا. وبعد إصرار طويل أصبحت نظرتها إليه مختلفة، وأدركت دينا أن لكل جسد "ديفوهات" أو عيوب خاصة به، كالعيوب التي توجد في شخصيات كل الناس. تصف "دينا" فكرة الكمال والمقاييس الموضوعة مسبقًا له بـ"البلاستيكية والمستفزة و المريبة".
تحكي دينا عن تجربتها الشخصية؛ قبل أن تبدأ رحلة التصالح مع جسمها وحبه: "أهلي عمرهم ما حسسوني بإن التخن دا مشكلة، وأبويا كان بيقولي شعر غزل جاهلي، بس للأسف لما خرجت للعالم اتخضيت من كمية الناس اللي بيتكلموا عن إن التُخن وحش، وسمعت أوصاف لشكلي مثل، الدبة والطوبة والفِشلّة والبرميل والعجلة والجاموسة، وأي حيوان "مبقلظ" ، وكانت أزمتي لما أروح أشتري لبس وأسمع جملة معندناش مقاسك".
بدأت رحلة دينا بتجميع قصص وصور لسيدات ممتلئات القوام، يحبون أجسامهن ويتحدثن عنها بجرأة، ثم اكتشفت وجود العارضات الـ"Super Size"، وأصبحت هوايتها مشاهدة عروض الأزياء الخاصة بهن، والقراءة عنهن وعن قصصهن، قصص محاربة كل الأفكار الضيقة والقوالب المصبوبة عن الجمال. كما اهتمت دينا بالبحث والقراءة عن بعض الحالات التي تصالحت مع أجسامها، بعد أن أصيبت بتشوهات معينة أيضًا، تقول دينا: "شفت صور ستات هم بمقاييس الناس اللي حواليّ مسوخ، بس هم حلوين فعلا لأنهم حاسّين إنهم حلوين".
وتبنت "دينا" فكرة الدفاع عن الأجسام الممتلئة والنحيفة، والتي ينتقدها الناس عمومًا، وتشجع على التصالح معها؛ معللة: "الفكرة برضه إنك لما تحبي جسمك بجد هتحافظي عليه، مش كل التخان والرفيعين عيانين، ومفيش مانع من شوية حاجات الواحد يعملها عشان صحته، يعني ياكل اللي يعجبه، ويتحرك ويتمشى ويجري يلعب، ينط الحبل، وياكل فاكهة وخضار، زي ما بياكل الحاجات اللي بتمزجه".
أما المثل الأعلى لـ"دينا ماهر"، فهي عارضة الأزياء البرازيلية "Fluvia lacerda"، وتعد من أشهر عارضات الأزياء ممتلئات القوام "Super size"، وصاحبة مدونة "Feminine". وعلى غرار Fluvia، هناك الكندية "Elly mayday"، التي عانت من سرطان المبيض، والآن تحارب من أجل إثبات نفسها كـ"موديل"
Photo for Lucy Clothing Elly Mayday Official Fanpage
Posted by Elly Mayday Official Fanpage on Monday, July 7, 2014
قامت "Elly" بعمل الفيلم التسجيلي القصير "A Perfect 14"؛ عن العارضات ممتلئات القوام، ورحلتهن في عالم الموضة، والمشاكل التي تواجههن مثل ربط الجمال بالمقاس. "14" هو المقاس المعادل لمقاس Large المتعارف عليه.