ماذا يحدث في "الجزيرة أمريكا"؟
على الرغم من مرور أقل من عامين على تأسيسها، صار اسم قناة "الجزيرة أمريكا" إحدى المواد التي تتناقلها وسائل الإعلام العالمية بسبب تفاقم المشكلات الإدارية داخلها، والتي جاء آخرها استقالة الإعلامية مارسي ماكجينيس، المذيعة السابقة في شبكة CBS، إلا أن حالة ماكجينيس لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبقها إلى القرار 2 من مسؤولي القناة، لتصبح الاستقالة الثالثة خلال أسبوع، فما الذي يحدث في قناة الجزيرة أمريكا؟
استقالات بالجملة
قبل استقالة مارسي ماكجينيس، كانت هناك استقالة ديانا لي، نائب الرئيس التنفيذي لقسم الموارد البشرية، والتي جاءت استقالتها في نفس يوم استقالة دون بريدجز، نائب رئيس قسم الاتصالات، أما عن ماكجينيس فبسبب خلافها مع المدير التنفيذي للقناة، إيهاب الشهابي، حيث قالت إنها ترفض سياسة الخوف في القناة، حيث يخشى العاملون في القناة معارضة الشهابي أو إغضابه، خوفا من فقدان وظائفهم.
"مارسي ماكجينيس وديانا لي ودون بريدجيز"
فيما تزامنت استقالة لي وبريدجيز مع توقيت اتهامات بمعاداة السامية ضد القناة في دعوى قضائية، إلا أن كلا من لي وبريدجيز لم يوضحا سبب الاستقالة، وإن كانت القناة أكدت أنها لا تتعلق بالدعوى القضائية، بحسب صحيفة نيويورك بوست.
فصل تعسفي
لم تتوقف مشاكل القناة عند الاستقالات الجماعية، حيث رفع ماثيو لوك، مدير الأرشيف السابق في القناة، دعوى قضائية ضد الجزيرة أمريكا، يتهم فيها القناة بفصله تعسفيا بسبب شكاوى قدمها ضد عثمان محمود، رئيس عمليات البث، قال فيها إن محمود يتعمد التفرقة ضد النساء، وكذلك اتهمه بمعاداة السامية، ما يخلق جو عمل عدواني بالقناة، وطالب ماثيو بالحصول على تعويض 15 مليون دولار، بحسب مجلة فارايتي.
"عثمان محمود وعلي فيلشي"
وكاد الصحفي الكندي علي فيلشي أن ينضم إلى قائمة الموظفين السابقين للقناة، بعدما دخل في نقاش حاد في فبراير الماضي مع الشهابي، لم يحضره سوى 5 من موظفي القناة، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت أن الشهابي هدد بمقاضاة فيلشي، الذي عمل سابقا في CNN، حيث ههده الشهابي بمقاضاته حتى يفلس فيلشي، ورغم أن فيلشي استمر في العمل بالقناة، فيما ينكر الشهابي تهديداته بالكامل وانكر أنه سمع حتى بالتصريحات التي قيل أنه أصدرها.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى اجتماع غرفة الأخبار بالقناة، الأسبوع الماضي، اشتكى فيه موظفي القناة من فقدان كثير من موظفي القناة من النساء لوظائفهن والمخاوف من العقاب إذا صدرت منهن شكوى، بالإضافة إلى غياب الحوافز وانخفاض الروح المعنوية للموظفين، فيما قال الشهابي عن القناة "نحن مبدعون ونسمح بالنقاش ونشجعه ونرحب بوجهات النظر المختلفة".
رئيس القناة: لو لم يكونوا سعداء سنجعلهم كذلك
إيهاب الشهابي
من جهته، اعتاد إيهاب الشهابي، الرئيس التنفيذي للقناة، إنكارالاتهامات والانتقادات التي توجه لها، وتتراوح إجاباته بين إعلان عدم علمه بوقوع المشكلات، أو الدفاع المستميت عن "الجزيرة أمريكا"، فعلى سبيل المثال قال الشهابي، في حوار أجرته معه صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الأربعاء، أن قناة فوكس نيوز لم تحقق نسب المشاهدة التي تتمتع بها الآن، إلا بعد سنوات، ونفس الشيء حدث مع شبكة MSNBC، وكل هذه القنوات وغيرها غيرت استراتيجيتها في كل مرحلة قبل أن تحقق النجاح الذي لديها" وأضاف "أن معنوات العاملين في القناة جيدة، ونحن نحرص عليها، وإذا لم يكن الموظفون سعداء فنجعلهم سعداء".
تحول في المسار
تم تأسيس قناة الجزيرة في أغسطس 2013 بهدف منافسة كبرى الشبكات الإخبارية الأمريكية، ومن بينها سي إن إن، وفوكس نيوز، وإم إس إن بي سي، وهي الثانية من ضمن شبكة قنوات الجزيرة التي تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، بعد قناة beIN Sport، التي دخلت أمريكا عام 2012.
ويقع المقر الرئيسي للقناة في مدينة نيويورك الأمريكية، ولديها 12 مكتبا في أرجاء الولايات المتحدة، وهي متاحة لنحو 60 مليون منزل أمريكي، من خلال كبرى الشركات المقدمة للخدمات التلفزيونية في أمريكا، بما فيها تليفزيون دايركت، وكومكاست، واكس فينيتي، وتايم وارنر، وغيرها.
ويرجع كثيرون الأزمات التي تواجهها القناة إلى ضغوط تمارسها الشركة الأم في الدوحة، وهو ما ذكره تقرير نشره موقع "فانيتي فير" 28 أبريل، أشارت فيه إلى أن القناة صارت تلجأ مؤخرا لإعادة بث تقارير إخبارية مأخوذة من من قناة الجزيرة الإنجليزية، كما تجري إجراءات موسعة لاستبدال الموظفين وطواقم العمل الأمريكيين في عدد من البرامج بموظفين من الشرق الأوسط، بدعوى تقليل النفقات.
كل ذلك على الرغم من تأكيدات القناة في النشرة التعريفية أنها تختلف تمام الاختلاف عن الجزيرة الإنجليزية وعن جميع قنوات شبكة الجزيرة، على الرغم من اتفاقها معها في القيم الاساسية. فالجزيرة أمريكا هي شركة أمريكية ولديها فريق عملها ومجلسها الإداري والاستشاري الخاص، وهو ما اعتبره البعض تحولا في المسار المعلن للقناة التي تعرف نفسها بأنها تهدف إلى تقديم صحافة تعتمد على الحقائق والعمق، وعدم الانحياز.