الخمر في الديانات الثلاثة
لعبت الصدفة دورا في إكتشاف الخمر ، عندما عصر العنب ليحتفظ به وقام بتخزينه على حالته، فوجده مختمرا وتغير لونه وطعمه وتأثيره على شاربيه، ومن هنا تم اكتشاف الخمر، وهذه الحالة تكررت في كل المجتمعات البدائية. إِذن فأبسط تعريف للخمر المصنوع من العنب
تظهر البدايات الأولى لذكر الخمر وتأثيرها داخل العهد القديم في سفر التكوين، حيث تشير العبارات (9: 20-24) من سفر التكوين إلى أن أول من شرب الخمر هو النبي"نوح" فبذور العنب كانت من ضمن الأشياء التي حملها نوح معه على ظهر السفينة ثم زرعها بعد ذلك ويظهر الخمر في نشيد الأنشاد "1 :2 ليقبلني بقبلات فمه لان حبك اطيب من الخمر"الاصحاح الأول .
نستشف من العهد القديم أن هناك صوتان بخصوص الخمر صوت يبيحه وصوت ينهي عنه.
*ويبدو أن الديانة اليهودية في بدايتها كانت شأنها شأن الديانات السماوية تنهي عن كل ما يذهب العقل، لكن يبدو أن اليهود كانوا يحبون الخمر مثلهم مثل باقي شعوب الشرق الأدنى، لذلك نسبوا شربها إلى بعض آبائهم وأنبيائهم، فها هو نوح يتمادى في شرب الخمر حتى تلعب بعقله، تكوين*** (9 :20-21)، ويعقوب يشرب الخمر، تكوين(25:27- 28). ويشير العهد القديم إلى أن داود وهو أعظم شخصية إسرائيلية بعد موسى كان يشرب الخمر كما يتضح من العبارات (2:16-3) من سفر أخبار الأيام الأول.
العهد القديم يصف الخمر قائلا:"افتكرت في قلبي أن أعلل جسدي بالخمر ..."/ الخمر والسلافة تخلب القلب"
الخمر عند بني إسرائيل
الخمر كانت قرينة الولائم ... وبخاصة الولائم الملكية ،وكان يقدم في كؤوس ذهبية و كان هناك نظام متبع عند شرب الخمر... وهو وجود مكان مخصص لشرب الخمر داخل القصور يعرف ببيت الخمر أو بيت الولائم ، نشيد الأنشاد (4:2) " أدخلني إلى بيت الخمر وعلمه فوق محبة"، إستير(8:7) " ولما رجع الملك من جنة القصر إلى بيت شرب الخمر"... وكانت الخمر تقدم في مثل هذه الولائم الملكية في كؤوس من الذهب
وكذلك كان الخمر يقدم كأجر للعمال، وكذلك تقدم كأنصبة من الملوك لعمالهم. أخبار الأيام الثاني (10:2) " وهأنذا أعطي للقطاعين القاطعين الخشب عشرين ألف كر من الحنطة طعاما لعبيدك ... وعشرين ألف بث من الخمر.."
الحرمان من الخمر كان عقابا " ويكون في ذلك اليوم أني أفتش أورشليم بالسرج وأعاقب الرجال ... فتكون ثروتهم غنيمة وبيوتهم خرابا يبنون ولا يسكنون ويغرسون كروما ولا يشربون خمرها."
"ليس للملوك يا لموئيل ليس للملوك أن يشربوا خمرا ولا للعظماء المسكر. لئلا يشربوا وينسوا المفروض ويغيروا حجة كل بني المذلة"
أو: لئلا يسكروا فينسوا حقوق الناس, ويهملوا دعوى المساكين).
كلمة خمر في الكتاب المقدس الأصلية هي ترجـمة لكـلمات مخـتلفة :
الكلمة الأولي هى: (أوينوس) كلمة يونانية و تشمل الخمر بصفة عامة في العهد الجديد و لا تعني دائماً الخمر المسكر بل وردت بمعني عصير الفواكه أو المشروبات وهي التي قدمت في عرس قانا الجليل , حيث قام السيد المسيح بعمل أولي معجزاته لسد حاجة صاحب العرس , فقام بتحويل الماء إلي خمر جيدة من هذا النوع في لحظة وهو الكرمة الحقيقية فتحتم العملية التي تؤديها الكرمة الطبيعية في أيام و أسابيع و شهور إذ تمتص المياه و تحولها إلي دم العنب بنواميس الطبيعة , و لقد شهد رئيس الوليمة لنوع تلك الخمر , وفي قصة العشاء الأخير في ثلاث بشائر و واحدة من الرسائل لن تجد كلمة خمر أبداً كل ما قيل هو ( أخذ كأساً ) وذلك لا يعني بالضرورة كأس خمر , فهناك الكرمة والكرمة لا تنتج كحولاً لأن الكحول هو نتيجة الفساد والانحلال الكلمة الثانية هي: ( تيروش ) و معناها ثمر و هي تتعلق بالحنطة و القمح و الزيت و القطعان و سائر الغلال و المقتنيات و البركات و مع أنها ترجمت بمعني خمر لكنها
الكلمة الثالثة هي: ( شيكار ) و معناها ( سُكر ) و هي أي نوع من المشروبات المختمرة من مصادر غير العنب وهي مقرونة بالويلات و الأحزان و النواهي و استخدامها ممنوع و محرم و منهي عنه .
لم يحرم الكتاب المقدس الخمر تحريما قاطعاً، فقال يسوع بهذا الصدد: "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 11:15)
لقد ورد ذكر الخمر في أكثر من موضع في الكتاب المقدس، وكان الخمر يُصنع من العنب (إرميا 9:6). وكان عصير العنب يستعمل بعد عصره بطرق مختلفة كشراب فاكهة غير مختمر، أو كخمرة بعد التخمير، أو كخلّ بعد زيادة التخمير. وكان الخمر المصنوع من العنب يستعمل لأغراض مختلفة أيضاً وفي مناسبات مختلفة. فكان يُستعمل مثلاً لتطهير الجروح، كما كان يُقدم كشراب في الحفلات والولائم والأفراح. وكان يُستعمل أيضاً في الهيكل لأغراض دينية، كما كان يوصف قليل منه كدواء، كما ورد على لسان بولس الرسول عندما قال لتلميذه تيموثاوس: "استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تيموثاوس 23:5).
ولكن يظهر أن الناس على مر العصور أساءوا استعمال الخمر فحذّرهم الله ووبّخهم على ذلك في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
1 - ورد في سفر الأمثال ما يلي: "الخمر مستهزئة، المسكر عجاج، ومن يترنّح بهما فليس بحكيم" (أمثال 1:20).
2 - وورد عن الخمر أيضاً في سفر الأمثال ما يلي: "لمن الويل، لمن الشقاوة، لمن المخاصمات، لمن الكرب، لمن الجروح بلا سبب، لمن ازمهرار العينين، للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج. لا تنظر إلى الخمر إذا احمرّت حين تظهر حبابها في الكأس، وساغت مرقرقة، في الآخر تلسع كالحيّة وتلدغ كالأفعوان"
الخمر في الإسلام
يعتبر الخمر في الإسلام هو أم الخبائث ،ووضع حدا لشرب الخمر ثمانين جلدة ،ولعن الرسول غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبايعها، ومشتريها، وآكل ثمنها،ذكر في القرآن "ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما"