التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:33 ص , بتوقيت القاهرة

رفاعة الطهطاوي.. ابن سوهاج الذي أحدث نهضة في عصره

المكان هو الأسطورة التي لا تفارق خيالنا، وبداخل كل منا مكان يرتبط بطفولته، يظل الحنين إليه باقيا، ولكن بعض الاماكن تجذب إليها قلوب عامة المهتمين بتاريخ وطنهم، ماضيه وحاضره.


والمكان كان له أثر كبير في صناعة شخصية رفاعة الطهطاوي، وهو بيت رفاعة أو ما يعرفه الناس بـ"دائرة الطهطاوي" التي وُلد فيها.



يحتفظ المكان ببعض المقتنيات التي تسطر تاريخ النهضة الفكرية المصرية، من بينها صور من الجلد الطبيعي جاءت من فرنسا، كما تضم صورا لأسرة رفاعة ولديه محمد بدوي وعلي وحفيده فتحي الذي يسلم في إحدى الصور عباءة رفاعة وسيفه لوزير التعليم عام 1958.



والطهطاوي واحدا من قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا، وُلد في 15 أكتوبر 1801، بمدينة طهطا، إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، يتصل نسبه بالحسين السبط.



وجد رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماما كبيرا، حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو، ثم التحق رفاعة وهو في سن 16 بالأزهر عام  1817، وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك.



يبدأ المنعطفُ الكبير في سيرة رفاعة الطهطاوي مع سفره إلى فرنسا، ضمن بعثة عددها 40 طالبا أرسلها محمد عليّ على متن السفينة الحربية الفرنسية (لاترويت) لدراسة العلوم الحديثة.


عاد رفاعة لمصر مفعمًا بالأمل منكبًّا على العمل، فاشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثم عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية.



وافتتح مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن، وعُيّن مديرا لها إلى جانب عمله مدرسا بها، وفي هذه الفترة تجلى المشروع الثقافي الكبير لرفاعة الطهطاوي ووضع الأساس لحركة النهضة التي صارت في يومنا هذا، بعد عشرات السنين، إشكالا نصوغه ونختلف حوله يسمى الأصالة أم المعاصرة، كان رفاعة أصيلا ومعاصرا من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففي الوقت الذي ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربي ونصوص العلم الأوروبي المتقدِّم نراه يبدأ في جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمرا لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.


فسعى إلى إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، ونجح في إقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربي على نفقتها، مثل تفسير القرآن للفخر الرازي المعروف بمفاتيح الغيب، ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص في البلاغة، وخزانة الأدب للبغدادي، ومقامات الحريري، وغير ذلك من الكتب التي كانت نادرة الوجود في ذلك الوقت.



ومما لا يعلمه كثيرون أن رفاعة تزوّج وأنجب ابنين، الأول علي رفاعة ولم يتزوج، والثاني محمد بدوي رفاعة رافع، والذي أنجب فتحي وزيلخة وحزامي وزهرة وكريمة، ومن سلالة رفاعة الطهطاوي أكبر أحفاده السفير محمد رفاعة الطهطاوي، الذي عمل سفيرا لمصر بليبيا وإيران وشغل منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية منذ أغسطس 2012 حتى يوليو 2013، كما تضم عائلة الطهطاوي 3 أجفاد آخرين من أبناء فتحي، هم محمود وعمر وعلي.



تنشر تماثيل تخلد ذكري الطهطاوي في العديد من جنبات طهطا، من بينها تمثال رفاعة أمام محطة طهطا، والذي نالت منه عوامل الطقس وبدأت تؤثر في معالمه، كما يوجد تمثالان في مدخل طهطا البحري، وآخر بالمدخل القبلي والذي يكاد تزول قيمته عقب بناء برج شاهق الارتفاع بجانبه.