لماذا نصطاد أحلامنا؟
"صائد الأحلام" أو"Dream Catcher"، كما يلقب في الوقت الحالي، هو مزيج من أطواق من خشب شجر الصفصاف، وحبال السفن التي تنسج حول الأطواق، لتشكل شبكة مثل شبكة العنكبوت التي تعمل على تصفية الأفكار والأحلام، وتسمح بمرور الأفكار والأحلام الجيدة فقط إلى أذهان من علقها في غرفة نومه حتى الصباح.
ظهر "صائد الأحلام" في كتب التاريخ لأول مرة عبر أساطير قبائل شمال أمريكا الأصليون، مثل "أجيبو"، و"لاكوتا".
في أساطير قبائل شعب "أجيبو" المكون من عدة قبائل، اتخذت من جزيرة "ترتل"، التي تقع في بحيرة "أيريا"، بين ولايتي "ميتشجن" و"أوهايو" موطنها الأصلي، حيث حكي سكانها عن "أسيبيكاشي" أو "Asibikaashi"، وهي المرأة العنكبوت التي تسهر على شعب أجيبو ليلا، لتحميهم من الأحلام السيئة والكوابيس، التي تتبخر عند الصباح مثل الندى.
وحتى يومنا هذا تغزل "أسيبيكاشي"، خيوطها قبل الفجر، لتحاصر الأفكار السيئة والكوابيس، التي تتبخر عندما يسطع عليها خيوط الشمس عند الفجر.
وبعد انتشار شعب أجيبو حول أجزاء أمريكا الشمالية، وجدت أسيبيكاشي نفسها في رحلة شاقة لتحمي كل شعب أجيبو، لذا أخذ نساء قبائلهم على عاتقهم غزل شباك العنكبوت حول الأطواق الخشبية، لتحمي الأطفال الرضع من الأحلام السيئة، وكلما رزق أحد أفراد شعب أجيبو بطفل جديد، علقوا على مهدة اثنين من "صائد الأحلام"، لتحميه حتى الصباح من الأحلام الموحشة، حتى انتشرت الأسطورة إلى كل أرجاء أمريكا الشمالية والعالم.
أما عن شعب "لاكوتا"، الذي يتكون من 7 قبائل، اتخذت من شمال وجنوب ولاية داكوتا موطنها الأصلي، ظهر "صائد الأحلام" في إحدى أساطيرهم عن "أكتومي"، وهو رجل الحكمة والحنكة لديهم في زمن عذبوا فيه بالأحلام السيئة والكوابيس.
حكي شعب "لاكوتا"، عن زمن تواصل فيه سكان شعبهم بالأصوات بدلا من الكلمات، عذبوا فيه آنذاك بالكوابيس، فاجتمعت القبائل وأهل الطب ليجدوا حلا فيما بينهم لتلك الكوابيس، حتى اقترح أحد القادة كبار السن غزل الخيوط حول الأطواق لصنع "صائد الأحلام"، الذي عرفه عن طريق "رؤية" على أحد الجبال، عن رجل الحكمة والحنكة لدى شعبهم "أكتومي".
وحكى القائد العجوز أنه في إحدى الليالي ظهر له رجل الحكمة والحنكة "أكتومي" على هيئة عنكبوت، وتحدث إليه بلغه القبيلة المقدسة، التي اتخذها شعب "لاكوتا" لغتهم الأصلية بعد ذلك.
وهو يتحدث إليه أمسك "أكتومي" بطوق مصنوع من شجر الصفصاف وقليل من شعر الخيل والخرز، وأخذ يغزلهم على الطوق ليصنع "صائد الأحلام"، وتحدث إليه عن دائرة الحياة التي تبدأ منذ الطفولة والبلوغ وصولا إلى الشيخوخة، التي يصل فيها الإنسان لسن لا يستطيع فيه الاعتناء بنفسه، ليعتني به الصغار لتكتمل دائرة الحياة مرة أخرى.
وخلال حديثه إليه أدار أكتومي "صائد الأحلام"، مستكملا حديثة عن قوى الحياة التي يتعامل الإنسان معها، الجيد منها والسيء، مؤكدا أن الاستماع للجيد منها سيوجه الإنسان إلى الطريق الصحيح والانسياق وراء القوى السيئة سيوجه الإنسان إلى الطريق الخاطئ، والذي في النهاية سيصيبه بمكروه.
وفي نهاية حديثه أعطاه أكتومي "صائد الأحلام"، مؤكدا أن طوقها الدائري الذي يشبه دائرة الحياة، وشبكتها التي تحمل فوهه في النصف سترشد قبيلته إلى الطريق الصحيح، وإذا ما آمنوا بقدرة "صائد الأحلام"، ستلتقط شبكتها الأفكار الهدامة، وستسمح فوهتها بمرور الأفكار التي ستساعدهم على البناء والتقدم وترشدهم في طريقهم.
وأخذ شعب "لاكوتا" على عاتقهم صنع "صائد الأحلام"، ليحميهم من الكوابيس والأحلام السيئة، وعندما استخدموها ذهبت تلك الأحلام السيئة وأنهوا عذابهم.