التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 06:18 م , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (10)

الدور اللي لعبته هند رستم في فيلم "رد قلبي" بـ يلخص كتير من مواقف السينما المصرية تجاه الفن نفسه، وبـ الأخص الأخص موقفها تجاه الرقص.


وما تعرفش ليه اختيار هند تحديدا للدور رغم إنها ما بـ تعرفش ترقص بـ شكل واضح؟ ربما لأن المطلوب هنا مش "الفن" لكن الإغراء والإغواء اللي اشتهرت الفنانة السكندرية بـ تقديمه في الفترة دي.


وعموما، وبـ استثناءات قليلة جدا، بـ نلاقي السينما المصرية بـ تطرح الرقاصة بـ اعتبارها رمز ومعنى للانحراف والانحلال والانحطاط، وفيه خلط بينها وبين بنت الليل، وأحيانا تحس إن الخلط ده متعمد.


وما تعرفش إذا كانت دي فعلا رؤية صناع الدراما المصرية عبر التاريخ، ولا عادة اتفرضت عليهم في بدايات السينما، وخلاص مشيوا عليها على اعتبار إن هذا وجدنا عليه آباءنا، ولا جت منين العادة دي؟


حتى أفلام حسن الإمام، اللي كان مشهور بـ "تعاطفه" مع الراقصات، بـ تلاقيها بـ تكرس نفس الفكرة، بس بـ شفقة أكتر، وبـ تطرح الرقاصة بـ اعتبارها شر ناتج عن شر أكبر هو شر المجتمع، وهم في النهاية ضحية الظروف، بما في ذلك "خللي بالك من زوزو" اللي جي عنه كلام بـ التفصيل.


الصورة دي خلت مجرد الدفاع عن الرقص أو الرقاصة بـ يعتبر في حد ذاته انحراف، وأفتكر من سنة لما أحد الأندية قرر يكرم فيفي عبده في عيد الأم، الدنيا اتقلبت على أساس إنه ازاي رقاصة تبقى "أم مثالية"، ازاي تبقى أم أصلا، وأي حد كان بـ يدافع عن الفكرة، كان بـ ياخد نفس القدر من الهجوم، حتى لو كانت فعلا الفنانة دي أحسن أم في التاريخ.


مش عايز أسترسل في أمثلة، وهي كتير، لكن بـ الفعل الدراما لعبت دور كبير في تكريس الصورة دي، بما في ذلك الرقاصات نفسهم اللي بـ يلعبوا أدوار تؤكد كده، وكتير منهم بـ "تتوب" في آخر الفيلم.


نرجع لـ "كريمة"، الرقاصة اللي عاش معاها "علي" علشان ينسى بيها "إنجي". واللي اتعرف عليها في سياق طريف؛ لأن معظم الظباط اللي في الفيلم (جيش وشرطة) كانوا بـ يلعبوا بـ ديلهم في كباريه مع شلة من المنحرفات (الرقاصات طبعا)، وعلي بـ اعتباره رمز للنقاء مكنش واحد من الظباط دول، هو وسليمان، وهـ نقول ليه في حينه.


لسبب ما ما نعرفوش، كريمة حبت علي، وقررت إنها تعمل أي حاجة علشان تفوز بيه، لـ درجة إنها تجسست عليه، وخدت جواب إنجي، واتسببت في حريقه.


علي بـ يعيش معاها، كـ رمز لابتعاده عن الطهر والنقاء، إنجي بنت الباشا، وانغماسه في الخطيئة، كريمة الرقاصة اللي بقت طبعا فنانة في السيما. والطهر والخطيئة مش تعبيراتي، ولا تفسيري، دي اللغة اللي استخدمها الفيلم نصا.


الباش جنايني، الريس عبد الواحد، كـ واحد بـ يحافظ على الأخلاق، ما كانش مرتاح لـ علاقة علي بـ كريمة، ورغم إنه كان معديها وهي علاقة "رفق"، اعترض لما علي فكر يتجوزها.


دفاع علي عن كريمة، وتعاطفه معاها، اللي وصل لـ درجة إنه تكرم ووافق يتجوزها، كان نوع من الغيبوبة، اللي مصر كلها واقعة فيها، واللي ربنا سبحانه وتعالى أنقذه من هذا المصير بـ حريق القاهرة، اللي كان أحد الأسباب المباشرة للثورة، وبـ نشوف هنا مشهد كريمة وهي محروقة، وهي نفسها بـ تقر إن مصيرها ده نوع من العدالة الإلهية اللي نزلت على ستاد مصر، وهي نفسها فرحانة إنها هـ تموت علشان علي يتجوز إنجي.


آخر حاجة بقى في فيلم "رد قلبي"، الزغلول الكبير، في الحلقة الجاية.


تابعونا