التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:20 م , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (8)

وهي مجانية التعليم في مصر بدأت مع يوليو؟


إجابة السؤال ده، عايزة سؤال تاني قبله، هو التاريخ بـ يمشي ازإي؟


ناس كتير بـ تتعامل مع الموضوع بـ اعتبار الحكاية "عهود" أو "عصور"، وكل عهد أو عصر متلون بـ لون: ده أخضر وده أحمر وده أبيض وده إسود. وطبعا اللون بـ يبقى على حسب حكمك على العصر ده: عصر الملك/ الخلافة/ الثورة/ الرئيس فلان/ الزعيم علان، وهكذا وهكذا.


زي مثلا فكرة "العصر الجاهلي"، اللي هي بـ تفترض إن كل ما قبل الإسلام هو "جاهلية" بمعنى إنها كانت فترة "سيئة" يسودها الظلم والكفر ووأد البنات، وطبعا لما جه الإسلام كل الناس غيرت هدومها السودة ولبست أبيض، وحنظلة بقى بـ يستحمى، وحواجبهم ما بقتش تقيلة!


كمان يوليو عملت كده: كل اللي قبلها هو الاحتلال والقصر والسرايا والباشا والكرباج والظلم، ولما جت يوليو، سادت العدالة الاجتماعية، اللي كانت أول مظاهرها مجانية التعليم.


بـ الطبع، لا أنا عايز أقول إن العرب قبل الإسلام كانوا أحسن، ولا مصر قبل يوليو كانت جنة، وكل النظرات فيها شيء من الصحة، لكن الكلام هنا عن حركة التاريخ، اللي بـ تتطور بـ صورة "طبيعية" في أحيان كتيرة، ما تقدرش تحسبها على أي عصر.


ناخد مثال معاصر، مصر في التسعينات، أوائل التسعينات تحديدا، كان الدِش والموبايل خيال علمي نسمع عنهم في أفلام حروب الفضاء، سنة 199، كانوا موجودين، بس كانوا مع الباشوات بس، وسمعنا كلنا أغنية "كامننا" اللي كان غاية طموح أبطالها "الدش مع الموبايل". والنهارده في 2015 "المحمول في يد الجميع" والدش بـ بلاش، فـ هل ده من إنجازات العصر السعيد اللي بـ نعيشه، ولا ده تطور طبيعي؟


بعدنا عن الموضوع؟
معلش، هي كلها فكرة واحدة، اللي حصل في مصر في بدايات القرن، إن التعليم كان بـ ياخد مساره الطبيعي، والأمور كانت بـ تنتظم شوية شوية، وقبل يوليو كان فيه مجانية "التعليم الأساسي"، الابتدائية القديمة، وكان فيه مجانية، وكان فيه تعليم. مش عايز أقول كلام مكرر، من نوعية إن الابتدائية دي هي اللي خرجت العقاد مثلا، وإن مستوى الطالب اللي كان بـ يحصل عليها بكل تأكيد أعلى من مستوى طالب الجامعة بعد يوليو. وكان فيه منح للطلاب المتفوقين بـ حيث يحافظوا على المجانية طول فترة دراستهم. هو يعني طه حسين كان ابن باشا؟ ولا كل اللي اتعلموا في الأربعينات بما فيهم أمل دنقل والأبنودي وعبد الرحيم منصور وكل الجيل ده، كانوا ولاد باشوات؟


اللي عملته يوليو هي إنها وسعت قاعدة مجانية التعليم، بـ حيث إنها شملت كل الناس في كل المراحل التعليمية، هل ده كان كويس ولا وحش؟ ماليش فيه.


يعني ممكن تقول إنه كويس لأنه ادى الفرصة لـ كل الناس، وإحنا شخصيا استفدنا منه بـ حصولنا على شهادات عليا، رغم إننا بـ الكتير كنا هـ ناخد الابتدائية القديمة.


وممكن نقول إنه وحش لأنه أثر على جودة التعليم، لأنه من المستحيل نعلم كل الناس، كل المراحل، مفيش دولة تتحمل تكاليف ده كله، خصوصا مع الزيادة السكانية الرهيبة. وإحنا صحيح خدنا شهادات عليا، بس أفادتنا بـ إيه؟ طالما الشهادات دي قيمتها انخفضت، وكل واحد في النهاية على حِجر أبوه، بـ يشتغل حسب كفاءته وعلاقاته، مش بـ شهادته.


الجدل ده مش هـ ينتهي علشان كده يرجع مرجوعنا لـ موضوعنا، اللي هو فيلم "رد قلبي"، وعلى وإنجي وحسين وسليمان والأمير علاء.


ونكمل بكرة بقى