بيوت الرعب في مصر.. بين الحقيقة والخيال
تصوير: محسن نبيل
لنتفق في البداية، أن الأماكن التي سنحكي عنها قد لاتزال تثير الغموض والرعب في نفوس بعض المصريين حتى الآن، وما سنرويه هو ناتج عن حواديت وأساطير تناقلتها ألسنة المصريين عن هذه الأماكن على مدار السنين الماضية، فلا يمكن الجزم بصدقها أو تكذيبها، ولكن سنترك لك أنت الحكم.
أسطورة عمارة رشدي
تقع عمارة رشدي أو عمارة "العفاريت" كما يطلق عليها بمحافظة الإسكندرية، بناها الخواجة اليوناني بارديس عام 1961، ليقيم بها هو وأولاده الخمسة، وبعد أن سكنوها يومين، مات أفراد العائلة في حادث صيد، ونجت الزوجة وحدها، فقررت العودة إلى اليونان، بعد أن باعت العمارة إلى محسن بك، صاحب تجارة الأخشاب المعروف في الإسكندرية وقتها، والذي قرر تأجير الشقق، لكن سرعان ما كان يهجرها المستأجرون، بسبب الأحداث المرعبة التي شاهدوها في تلك البناية. فيحكى أحد سكان الإسكندرية أن عائلة معروفة في الإسكندرية سكنت إحدى شقق العمارة، ليندلع حريق هائل فيها بعد يومين، دمرها تماما، ومات رب الأسرة، فتركت العائلة الشقة.
كما أن هناك رواية أخرى عن شركة أجنبية استأجرت طابقين، ولم تمر أيام، حتى تعرضت الشركة لخسائر فادحة، فأفلست واضطر صاحبها للاستدانة دون جدوى، وكان معرضا للحبس فانتحر. ومن ضمن السكان أيضا، عائلة اختفى أحد أبنائها، وبعدها بأيام، عثر على جثته في الدور الأرضي للعمارة، ورواية أخرى عن سكان رأوا دماء على جدارن المنزل، وحرائق تظهر وتختفي.
ومنذ تسلسل هذه الأحداث المرعبة، لم يسكن المنزل أحد إلا في عام 1990، حيث سكن بها زوجان وفي يومهم الثاني، أثناء عودتهم للمنزل، فوجئوا بجميع متعلقاتهم وأثاث المنزل، ملقاة في الشارع فهربا من العقار.
ورغم كل ذلك، تبدو عمارة "رشدي" عادية في بنائها، كسائر عمارات الإسكندرية، فتقع بجوارها محطة بنزين، وتحيط بها العمارات، إلا أنها الوحيدة المميزة في الحي، بلونها الداكن وواجهتها السوداء، وشبابيكها المحطمة المتهالكة، كما أن بابها الرئيسي مسدود بجدار سميك من الطوب الأحمر، لمنع دخول أحد إليها، كما يتحاشى الكثير المرور بجانبها، لكثرة الأقاويل والحواديت المرعبة، التي يتناقلها السكان حولها، والتي ستظل مصدر رعب وحيرة للجميع.
يقول أحد سكان العمارة المجاورة، إنهم يسمعون أصوات صراخ وعويل في المساء، وأن العمارة مازالت مسكونة بالعفاريت والجن الأسود. وأضاف: "سبب لعنة العمارة سقوط أحد العمال ميتا أثناء البناء، فاختلطت دماؤه بمواد البناء".
وروى آخرون أن الأرض التي بنيت عليها العمارة، كانت مقابر لليتامى، فحلت اللعنة عليها. ومنهم من يقول إن العمارة أنشئت بشراكة بين رجلي أعمال مصري ومغربي، وعندما نصب الأول على الثاني، استعان الأخير بالسحر السفلي، ليمنع المصري من الاستفادة بالعمارة.
هدم الأسطورة
فى يوم 31 أغسطس 2012، دعا عدد من النشطاء على "فيس بوك" إلى اقتحام عمارة "رشدي"، لكشف الغموض الذي يحيط بها، والكشف عن حقيقة الأساطير التي تطلق عليها، وبعد اقتحام العمارة، اكتشفوا أنها لا تزال تحت التشطيب من الداخل، ولا تصلح لأي غرض سكني، وأنه من رابع المستحيلات أن يكون أي شخص قد سكنها من قبل، وأن ما يقال عنها عارٍ تمامًا عن الصحة، ومجرد حواديت من صنع أهل الإسكندرية.
أسطورة قصر البارون
يقع قصر البارون بحي مصر الجديدة، بناه المهندس البلجيكي البارون إدوارد جوزيف لويس إمبان، عام 1905. يتكون من طابقين وبرج، وينتمى بناؤه إلى الطراز الهندي بقبته الطويلة، التي زينت بتماثيل الإله "بوذا"، كما كانت حجرات القصر مزينة بتماثيل من الأساطير الهندية، وعلى جدرانه توجد تماثيل من التراث الهندي القديم، وأفيال ترفع النوافذ، وفرسان يحملون السيوف، وحيوانات أسطورية متكئة على الحوائط، وقطعا فنية عالمية، كما أن له سراديب طويلة، أحدها يؤدي إلى كنيسة "البازليك" بحي الكوربة، التي دفن فيها مهندس القصر.
عاش في القصر البارون إمبان مع أخته "هيلانة"، وابنتيه "آن" و"ميريام"، ومن ضمن القصص التي تثير الغموض حول القصر، موت أخته بعد سقوطها من شرفة حجرتها الداخلية من أعلى البرج، ومن هنا بدأت تنفجر الأساطير والقصص الغامضة حوله، فبعدها بفترة قصيرة، طالت لعنة القصر ابنته "ميريام"، التي أصيبت بشلل الأطفال بعد ولادتها، واكتئاب شديد، دفعها للانعزال في غرفتها، حتى وجدت ميتة في بئر مصعد الإفطار.
لكن أكثر القصص رعبا كانت مع ابنته الكبرى "آن"، حين بلغت الـ17 من عمرها، وكانت لها صديقة تدعى "سيلفيا"، أشارت الأسطورة لعلاقاتها الشيطانية، التي استطاعت بها السيطرة على "آن"، فقد أهدتها لوحة قديمة ترجع إلى عصور الظلام، رسم عليها الصليب المقلوب، والتي جعلت اللعنة تحل على القصر وساكنيه، الذين كانوا ينزلون إلى السرداب ليلا، حيث يشعلون البخور وينشدون الترانيم الحزينة.
وعندما كانت "آن" تسترجع حادث موت عمتها "هيلانة" تصاب بنوبات هلع وصراخ، فيعتقد والدها والخدم بالقصر أنها أصيبت بمس شيطاني فتغير حالها كثيرا، ولاحظ أبوها البارون سوء حالتها، ليشير طبيب القصر عليه بضرورة تغيير حجرتها، حتى تشعر بالهدوء، لكن دون جدوى.
ما زاد الأمور سوءا، موت "دي مورييه"، المربية الخاصة لـ"آن"، بعدها أن حشرت في المصعد الذي يبدأ من البدروم حيث المطبخ إلى الدور العلوي، وكان يحمل رأسها منفصلا عن جسدها، وعقبها، حاولت الفتاة الانتحار، ما كان يشير إلى وجود صلة بينها وبين الحوادث البشعة.
كما لقي أيضا شقيق البارون مصرعه داخل السرداب. ولم تدم هذه الأحداث طويلا، فبعد سنتين لقيت "آن" مصرعها وهي في الـ19 من عمرها دون أسباب واضحة، وعاد البارون إمبان إلى النمسا بعد هذه الكوارث، وأصيب بمرض نفسي وتوفي عام 1929، ودفن بكنيسة البازليك في مصر، حسب وصيته.
هدم الأسطورة
كل تلك الأساطير حول القصر وحوادث الموت لسكانه، لم يثبت التاريخ صحتها إلى الآن، فربما موت أخت البارون كان حادثا كسائر الحوادث الطبيعة، جعلت الناس تخلق منها كل هذه الحواديت الخرافية حول لعنة القصر، وفي السنوات الأخيرة، فُتح قصر البارون لعامة الشعب في العديد من المناسبات، ولم يلاحظ أحد شيئا مريبا داخله.
أسطورة مقبرة توت عنخ آمون
ترجع أسطورة لعنة الفراعنة عند افتتاح مقبرة توت عنخ آمون لعام 1922، ووجد مكتوب على جدران المقبرة جملة "لا تفتح التابوت، فسيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاجنا". لم يعبأ مكتشفو المقبرة بهذه الجملة، التي بدأت بعدها سلسلة من الأحداث المرعبة، التي حيرت العالم حتى الآن، فقد مات أكثر من 40 عالما وباحثا، بعد نبش المقبرة، في ظروف غير مفهومة، لم يستطع العلماء تفسيرها بشكل علمي واضح.
وفي يوم الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة، توفي اللورد "هوارد كارتر"، الداعم المالي لفريق التنقيب بحمى غامضة، عجز الطب عن تفسير سببها، وأصبح الموت يحصد أرواح كل من حضر افتتاح المقبرة واحدا تلو الآخر، وأصيب الكثيرون ممن ساهموا بشكل أو بآخر في اكتشاف المقبرة بالجنون، وانتحر بعضهم دون سبب، الأمر الذي حير علماء الآثار.
توفي السكرتير الشخصي لهوارد كارتر، مخنوقا في سريره، وكذلك السير "إرشيبالد دوغلاس ريد"، الطبيب الذي قام بعمل الأشعة السينية لمومياء توت عنخ آمون، بعد إصابته بمرض غامض، والعقيد "أوبري هربرت" بعد زيارة المقبرة بعد إصابته بالعمى.
وأيضا، انتحر الطبيب "ريتشارد لتشرال بيلكنتون باثال"، بإلقاء نفسه من الطابق السابع، كما توفي الباحث "جورج جلود" بالحمى بعد زيارته للمقبرة، وقتل الأمير المصري علي كامل فهمي بالرصاص من قِبل زوجته، وكذلك المليونير وزائر المقبرة "ولف جويل" في جنوب إفريقيا.
هدم الأسطورة
يتوقع العلماء وباحثو الآثار الفرعونية بعد دراسة المقبرة بجدية، أن كل تلك حوادث القتل والانتحار، محض صدفة، مع الترجيح أن الموضوع كله مزيج من فطريات وبكتيريا سامة مُسببة لأمراض والحمى، وضعها الفراعنة في المقبرة، خوفا منهم أن يعبث أحد بمقبرة الملك توت عنخ آمون، حيث كانت تحتوي على كنوز ومقتنيات لا تقدر بثمن.