ألف مشهد ومشهد (7)
الواحد ما ينكرش إنه في نُص الخمسينات كان من الطبيعي إن الأفلام تتعمل بـ شيء من السطحية والسذاجة (مع إن فيه أفلام أقدم من كده بـ كتير، وكان فيها عمق وشيء كتير من التوازن).
لكن برضه الموضوع ما يوصلش للي حصل في "رد قلبي" اللي فكرته البسيطة جدا قايمة على إن فيه قصة حب بين ابن الجنايني، وبنت الباشا. حتى أفيش الفيلم كان عليه سلوجان كده: قصة حب .. قصة شعب.
فـ طبعا الباشا يرفض ويتهم الجنايني وابنه بـ الجنون ويطردهم من البيت. لكن طبعا الثورة ربنا يكرمها، هـ تساوي بين الناس، وابن الجنايني يتجوز بنت الباشا، بعد ما الوضع اتغير، ولا ده فضل جنايني، ولا ده فضل باشا. وتوتة توتة فرغت الحدوتة.
وطبعا طبعا الراوي هو ابن الجنايني، اللي بـ يقول لنا إن بنطلونه كان فيه رقعة، مخلياه محرج حتى يقف يسلم على حبيبته، بس ما قال لناش: ازاي في عهد الباشا الظالم الجبار المفتري اتعلم هو وأخوه وعدوا على المراحل التعليمية المختلفة لـ حد ما وصلوا للتوجيهية، اللي هي الثانوية العامة يعني.
وأصلا يا عمو، الجنايني اللي لعب دوره حسين رياض عنده فدانين طين، وكان مستعد يبيعهم علشان الولاد يكملوا تعلميهم. فـ ما تبقاش فاهم ليه هو يبقى جنايني، وعنده حيازة زراعية (اللي الثورة بـ تفخر أنها ادت للفلاح من 3 – 5 فدادين، وخلته مالك) ويرضى إن الباشا يقول له: إنتو عايزين الكرباج، وهو يقدر يسيب الأرض ويروح يزرع فدانينه (اللي بالمناسبة كان ريعهم ممكن يخليه يكتفي ذاتيا، ويعيش برنس)؟
طيب، علشان ما نبقاش بـ نطلع القطط الفطسانة في الفيلم، وبـ نتصيد جملة هنا ولا هنا، عايز بس أقول إن الصورة اللي رسمها الفيلم، وتعمد يقدمها، غير صحيحة بـ المرة، لعدة أسباب:
أولا، "مجلس قيادة الثورة" بـ الكامل، مفيهوش واحد من أصول اجتماعية متدنية، والجيش المصري عمر ما دخله ظابط من المهمشين والكادحين والفقرا والذي منه: عبد الناصر أبوه موظف في هيئة البريد في إسكندرية، أنور السادات أبوه كان في الفريق الطبي للجيش البريطاني، طبعا خالد وزكريا محيي الدين عيلتهم في كفر شكر كبيرة ومعروفة، حسين الشافعي أبوه كان مهندس في بلدية طنطا، وجده كان عمدة بلدهم كفر طه شبرا مركز قويسنا منوفية، صلاح سالم وجمال سالم أبوهم كان موظف كبير في الحكومة، في السودان، وهـ نروح بعيد ليه؟ يوسف السباعي نفسه كان أديب معروف وكاتب مشهور.
صحيح إن بعضهم كانوا أقل "سِنّة" من المعتاد، بس ده كان له سبب تاريخي، إنه بعد مصطفى النحاس ما وقع معاهدة 1936 مع الإنجليز، كانت المعاهدة بـ تقضي بـ توسعات في الجيش المصري، وده اللي سمح إنهم ينزلوا درجة، درجة واحدة عن المعتاد، فـ بقى ممكن إنه ابن موظف صغير شوية يدخل الحربية، الفيلم حتى ما قدرش يفسر إنهم مش بس اتعلموا، ده هو وصاحبه "الثوري" المعترض على كل حاجة (كمال ياسين) اتقبلوا في الكلية، واكتفى السباعي بـ إنه يروي على لسان علي: "والغريب أن اللجنة قبلتني، والأغرب أنها قبلت سليمان" غريب؟ وأغرب؟ طيب!
لكن معظم الشعب المصري من الفقرا والمهمشين واللي آباؤهم بـ يشتغلوا مهن متدنية فرصتهم في الترقي، والصعود الطبقي، تكاد تكون صفر (مع الاعتراف بـ وجود استثناءات فردية قليلة لأسباب غالبا شخصية) والكلام ده قبل 52 وبعد 52 وقبل 25 يناير، وبعد 25 يناير، ومن أيام الفراعنة لـ حد لحظة كتابتنا لـ هذه السطور.
ثانيا، بالنسبة للتعليم، دي خليها لـ بكرة بقى