التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 09:48 ص , بتوقيت القاهرة

ليام نيسون وماراثون أكشن ليلي في Run All Night

عادة يرتبط سن الشباب لنجوم هوليوود بأفلام المغامرات والأكشن، ثم يفرض التقدم في السن نوعيات أخرى. ليام نيسون النموذج المعاكس 180 درجة لهذه القاعدة. النجم الأيرلندي الأصل البالغ من العمر 62  سنة حاليا، لم يتذوق طعم الأكشن كثيرا في شبابه، وحقق شهرته عالميا منتصف التسعينات بفضل أعمال تاريخية ودرامية مهمة، أشهرها Schindler's List 1993  مع المخرج ستيفن سبيلبرج، و Michael Collins 1996  مع نيل جوردان.   


بذرة الانتقال لدور المقاتل تحققت بفضل دور فارس الجيداى في Star Wars: Episode I - The Phantom Menace 1999  مع جورج لوكاس، قبل أن تنمو بشكل أكثر جرأة وشراسة في  Batman Begins 2005   مع كريستوفر نولان. أما النقطة الفاصلة فقد كانت عام 2008 عندما اكتسح فيلم Taken  شباك التذاكر، وانتقل نيسون بفضله لخانة "نجم أكشن" رسميا، ليواصل المشوار السنوات التالية بفيلمين آخرين من Taken، إضافة لأعمال أخرى، آخرها فيلمه الحالي ركض طيلة الليل Run All Night. 



الإطار العام لمقاتل شرس آخر على غرار شخصيته في السلسلة الشهيرة، لكن الأمر يستلزم بالقطع قدرا من التجديد. في Taken  كان رجل مخابرات سابق، يطارد عصابة لإنقاذ ابنته المُختطفَة. هنا هو رجل عصابات يشعر بالندم على جرائمه السابقة، ويعيش في بؤس وعزلة عن ابنه، إلى أن يتورط الابن بالخطأ في مشكلة ثأر مع هذه العصابة، تستلزم تدخل الأب لإنقاذه من القتل. في ليلة دموية طويلة يواصلان فيها كما خمنت من العنوان (الركض)، داخل مدينة تحكمها شرطة فاسدة متعاونة مع العصابة.  


نيسون جيد كالعادة في الدور، وينافسه في الحضور الموهوب إد هاريس في دور الصديق السابق ورئيس العصابة، الذي تحول في ليلة واحدة إلى العدو اللدود. هاريس قادر دائما على صناعة دور مهم، من شخصية لا تملك مقومات التألق، يتخللها ثغرات غير منطقية في التصرفات. مشهد مواجهة الصديقين الخصمين في المقهى مثلا، الذي ينتهي به وهو يترك خصمه يخرج دون تتبع أو مطاردة غير منطقي. لكن حضور هاريس قد يكون كفيلا للجمهور بتجاوز هذه النقطة.



جويل كينمان يؤدي أيضا دور الابن جيدا، ومن جديد يخطف فينسنت دونوفريو - أو جومر السمين في تحفة ستانلي كوبريك الشهيرة Full Metal Jacket 1987 - الأضواء في دور ضابط الشرطة النزيه، لكن للأسف لا يستفيد منه السيناريو بالشكل الكافي. وهو نفس ما حدث له منذ أشهر في دور الأخ الأكبر لـ روبرت داوني جونيور في The Judge. دونوفريو ممثل قدير يخطو للـ 60  ولم يحظ بعد بفرصة ثانية مهمة بعد فيلم كوبريك.


من وقت لآخر، يكرر المخرج لقطات رأسية لنيويورك، تنتقل فيها الكاميرا سريعا أميالا وأميالا بفضل ألاعيب الجرافيك. التنفيذ المُصطنع والمُقحم لم يخدم هدفه بخصوص تدشين جغرافيا المدينة في خيال المشاهد، وتحول لعنصر تشتيت. ورغم طبيعة الفيلم الذي تدور أغلب أحداثه في ليلة واحدة، مُحاصر فيها البطلين وعُرضة للقتل، لم يهتم المخرج بمنح فيلمه طابع نوار نفسي مُقلق، قدر اهتمامه بمشاهد الأكشن.



نظريا تبدو القصة أكثر تركيزا على الشخصيات، لكن يحتفظ الفيلم بكل عناصر وإكليشيهات النوع (مطاردات سيارات - أسلحة نارية - اشتباك يدوي - ركض على الأسطح - حركة بطيئة - انفجارات مباني.. الخ). تنفيذ أغلبها جيد بالفعل، لكن لا جديد يذكر في أى منها.


العمل هو التعاون الثالث لنيسون مع المخرج الأسباني جومي كوليت سيرا بعد  Unknown ، Non-Stop  لكن على العكس من الإطار البوليسي واللغز الغامض، الذي حافظ على قدر جيد من التشويق في الفيلمين السابقين، أغلب الأحداث هنا متوقعة إلى حد كبير. وبمجرد ظهور العقدة سيمكن للعديدين استنتاج النهاية.


كل شىء تم إعداده كتمهيد ليحمل ليام نيسون سلاح من جديد، ويقتل بعض الأشرار. إذا كان السطر السابق وحده وصف ممتع وكافٍ لك، فستمتع غالبا بالفيلم. إذا كنت تنتظر أي شىء إضافي، فلن تجده غالبا. في جميع الحالات من الواضح أن لدى نيسون قاعدة جماهيرية كبيرة حاليا في الأكشن، تجعله تشارلز برونسون الألفية الثالثة. وعلى الأغلب لن تسحب هوليوود من يديه المسدس قريبا، لأن طلقاته لا تزال فعالة في شباك التذاكر.  



باختصار:
ليام نيسون وأكشن متقن رغم كل معالم التكرار، في حبكة متوقعة، لم ينعشها الأداء التمثيلي الجيد من الطاقم ككل. إذا كان الأكشن هدفك ولا تمانع من تكراره، انضم لـ نيسون في الماراثون الليلي، لكن لا تتوقع عملا يرقى في الشراسة والجودة لـ Taken.


لمتابعة الكاتب