هنموت نفسنا إزاي ؟
هنموت نفسنا ازاي يا منة ؟
هي زوجة أخي، وهذا سؤالي الذي تسمعه مني عشرة مرات أسبوعيا على الأقل، نغرق في وصلة من الضحك، ثم نبدأ تفكيرا عميقا في الكيفية التي يمكن أن نلقَ بها وجه رب كريم، بداية من تقطيع الشرايين وغيرها من الطرق التلقيدية، وصولا إلى قمة الـ Creativity، وقرار الانتحار من فوق كوبري أكتوبر، بتوك توك !
نضحك مجددا، وتتداخل الموضوعات، وأعود لأسئلها مجددا
- منة، هنموت نفسنا إزاي..
ليست دعابة والله، ربما منة لا ولن تفكر هكذا، وربما لن يفكر أحد فيمَ هو أبعد من ذلك السؤال أو ما الذي قادني لترديده، وإن حدث، فلن أجد تفاعلا يختلف عن ذلك الذي تتحفني به أغلب طنطات العائلة، حين تنظر لي أحداهن و تسالني بلهجة مزجت بين التهكم و الازدراء.
- ناقصك إيه يا منى ! لا بجد ناقصك إيه ؟
أنا لا ينقصني شيء، والحمد لله، و لكن خمسة مفاهيم لا وجود لها في قاموس المصريين، نجحوا في دفعي بسرعة الضوء، نجو حافة الجنون !
(1)
المسافة الشخصية
محترمٌ جدا هو، زوج وأب لفتاة صغيرة لم أرَها، لكنني أجزم بأنها جميلة، كان يحدثني في أمر يخص العمل، ولا شك عندي في حسن نواياه، ولكن ذلك ليس مبررا لان تفصل بيني وبينه خطوة ونص !
تعبيراً عن الحميمية ربما، أو لأننا نتحدث عن سر الأرض، يفضل المصريون الاقتراب جدا جدا مِن مَن يحدثهم، لدرجة يمكنك أن تعرف معها نوع سجائر محدثك أو طعم علكته، وأشياء أكثر و أبشع أحيانا، كل ذلك لا يثير في شيئا، بخلاف القرف طبعا، إلا تساؤول واحد.
ماذا يعرف المصريون عن المسافة الشخصية ؟
وفقا لويكيبيديا، والذي هو بالمناسبة ليس موقعاً موثوقاً بالمرة، فإن المسافة الشخصية تقدر بـ 60 سم يمينا ويسارا، و70 سم من الأمام، و40 خلفاً، شعب بالأحضان يا بلدنا يا حلوة بالأحضان لا يعترف بذلك طبعا، ولا يجد أبناؤه حرجا فإن يغفو أحدهم على كتفك لمحطتين، أو أن "تريح" إحداهن بكل ثقلها على كتفي في المترو، لتبتسم لي فجأة وتقول وعيناها اللتان رسمتهما بالورنيش قبل سبعة وعشرين يوماً، معلش يا حبيبتشي إحتا ستات في قلب بعضزينا ! هيهيهي.
شِت !
(2)
ثقافة التجمعات
لا أجد متعة في شيء في هذا العالم الواسع، أكثر من تلك التي أشعر بها حين أسير على كورنيش النيل، وأبدأ وصلة غناء بصوت عالٍ، لست في حاجة لأن أخبرك أن صوتي بشع! حين أغني على الأقل، ولكنها واحدة من العادات المفضلة بيني وبين نفسي، أكرر، بيني وبين نفسي.
تعودت أن أفضل بين ما هو بيني وبين نفسي وما بيني وبين الناس، ولكن مشكلتي تبقى دائما وأبدا، في هؤلاء الذين لا يعرفون شيئا عن ثقافة التجمعات، عن هؤلاء الذين يغنون بأنكر الأصوات، والذين يطفئون سجائرهم في أكواب القهوة على مكتبي، الذين يتعاملون وأنهم في غرفهم تماما !
البعض لا يعرف كيف يحترم نفسه أمام الناس، لا يشغلني ذلك كثيرا فهي نفسه وهو حر فيها، لكن أن يفشل في احترام الناس التي أنا جزء منهم، لاء وألف لا !
مليتوا البلد ..
(3)
الأمور الشخصية
من أسوأ التجارب التي مررت بها، أنني فشلت تماما في تكوين صداقة واحدة من "كورس"، حضرته ثلاث مرات أسبوعيا لمدة ستة أشهر، لأن إحداهن سألتني بابتسامة سمجة، إنتي حبيتي كام مرة يا مُنى؟، و لم أجبها، فعزفت الجميعات من بعدها عن مخالطتي.
دعك من السؤال الرخيص الذي يوحي بالتعددية، حبيتي كام مرة يا مُنى؟ يعني من اتناشر لواحد وعشرين مش متذكرة بالضبط، هل كانت تلك هي الإجابة التي إنتظرتها، حينها، حزنت جدا، وأخذت أفكر لما يتدخل كل الناس في حياة كل الناس بطريقة "تضايق" كل الناس، ذلك قبل أن أكبر أكثر، واكتشف أنك أصبحت مضطرا لأن تكون أحد هؤلاء المتدخلين، وإلا صرت عارا على البشرية، وعار على المجتمع.
أنت مضطر لأن تكون جزءا من الدائرة، متدخلا أو متدخلا فيه، عليك لأن لا تكون معقدا في نظر الناس، أن تجلس بينهم بأريحية وتبدأ في تحليل صورة إحداهن مع حبيبها على انستجرام، لتنسحب من المجلس محرجا حين تأتي هذه الإحداهن، فتجلس مكانك وتبدأ في تقطيع فروتك وفروة أهلك، متناسين تماما أن شيئا على وجه الأرض اسمه الأمور الشخصية، وأنه لا أحد مضطر لأن "يفرش" للأخر ملاية الذكريات، فقط لكسب وده
ليذهب الود وتذهب الملاية إلى الجحيم!
(4)
التواضع
- مُنى، ممكن تكتبي في مقالك الجاي على الناس اللي بتتنك على الناس، وهم ولا حاجة أصلا .
على الرغم من ابتسامتها التي أحب، كانت حزينة وإن لم تروِ لي الموقف تحديدا، ولكنني أعرف جيدا كيف تؤثر فينا "تناكة" المحيطين، ويتناسب ذلك التأثر عكسيا مع مدى استحقاق الشخص تلك التناكة، فكلما حط قدره، كلما زادت القهرة!
في مصر، لا يجد البعض سبيلا لأن يظهر بمظهر ولاد الناس، إلا بالتناكة والتنطيط على خلق الله، أفهم ذلك جدا، وإن كنت اعرف أن ولاد الناس الذين هم ولاد ناس فعلا لا يحتاجون إلى ذلك مطلقاً، لكن ما لا أفهمه، أن كثيرين لا يزالون يصدقون ذلك و"بيعمولولهم ألف حساب"، على الرغم من أن "قلم بوابين" في رأيي هو الرد الوحيد الصارم للرد على هذا النموذج!
هل عذرتني الآن ؟ أرجو أن تكون قد فعلت.
وأرجو أن تكون قد وصلت أيضا، ولو من خلال قراءتك لفقرة واحدة، هنموت نفسنا إزاي ؟
شاركني إذن اقتراحتك !