التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 04:47 ص , بتوقيت القاهرة

سؤال النصيب

رغم مرور نصف قرن على "الثورة الجنسية" التي غيرت شكل علاقات الرجال والنساء في العالم الغربي. ورغم أننا نعيش في عالم جديد، تختار فيه نسبة "مقلقة" من الشباب الياباني عدم الارتباط بأي علاقة وتعزف فيه عن ممارسة الجنس. عالم أجندة حرياته الجنسية تدافع عن حق المرأة في اتخاذ قرار الإجهاض وحق المثليين في الزواج بعد أن كانت تناقش حق المرأة في ممارسة الجنس وحقها في استخدام وسائل منع الحمل.


ورغم أننا نعيش في عالم مفتوح، ورغم أن ما يحدث هناك يصل تأثيره هنا. ورغم أنه يمكن رصد علامات هذا العالم الجديد في سلوك بعض سكان هذا الجزء من العالم وعلاقاتهم. إلا أن علاقاتنا، في هذا الركن الأثير من الشرق الأوسط، تظل في مجملها محكومة في جوهرها بالمنظور التقليدي للعلاقات.


والمنظور التقليدي للعلاقة بين الرجل والمرأة هو الزواج. والمنظور التقليدي للزواج هو الزواج المرتب سلفًا، المشهور بزواج الصالونات. وبمنظور زواج الصالونات يمكننا إجابة واحد من أشهر الأسئلة المطروحة في حياة كل أنثى مصرية، لماذا لم يدق النصيب بابك؟


اتفقنا في المقال السابق أن الرجال كائنات بصرية تقدم المظهر على الجوهر. وتفضيل المظهر على الجوهر، هو ما يؤدي لتقليل فرص الرجل في العثور على الشريكة الملائمة ومن ثًم يؤدي لزيادة فرص كسر قلبه.
لكن لإصابة الرجل بمتلازمة المظاهر تأثير أبعد يمكن فهمه فقط إذا دققنا في العلاقات بمنظور زواج الصالونات.


تبدأ عملية "التوفيق" في زواج الصالونات بقائمة المطالب. تتغير قائمة المطالب بتغير الظروف. فالرجل، يمكنه "رص" كل ما يصل إليه خياله من مواصفات في عروس ما دامت "ظروفه" جيدة. أما إذا لم يكن، فيستغنى (ولو مؤقتًا) عن عروس خياله ويُقصر طلباته المشروعة في شريكة المستقبل على "بنت حلال وعايزة تعيش".


ورغم أن "بنت حلال" تستخدم لوصف مجموع الصفات الشخصية الجيدة التي تجعل من الشخص شريكًا مثاليًا. و"عايزة تعيش" تستخدم للتدليل على رغبة المرأة في بناء "عش" آمن. إلا أنها تلقي بظلال سلبية على صاحبتها.


فالمجتمع لا يوفق صاحبة الصفات الشخصية الجيدة والراغبة بصدق في بناء أسرة مع العريس صاحب الظروف الجيدة. "النظام التقليدي" للزواج يدخر صاحب الظروف الجيدة لصاحبة الحظ الموفور من المظاهر بغض النظر عن طباعها.


فإن كان الرجال أصحاب الظروف الجيدة يفضلون صاحبات البشرة السمراء مثلًا، سنجد أن كل صاحبات البشرة البيضاء لم يصبهن النصيب، والعكس صحيح. ويصبح على من لم يصبهن النصيب أن يقبلن بالزواج من صاحب الظروف السيئة الذي أجل "طموحه" لحين تحسن الظروف.  أو ببساطة يقررن أن يصرفن نظر عن الموضوع ككل.


في الحالتين سنجد أن صاحبة الطباع الجيدة الراغبة صدقًا في بناء "عش" قد عوقبت على هذا إما بحرمانها من الزواج أو بالزواج في ظروف أقل مما كانت تطمح.ثم نجد من يسأل عن النصيب الذي لا يدق أبوابهن ، فلا نجد خيرًا مما جاء في الأثر لوصف حالهن لإجابته:  "حظ الملايح في الصفايح وحظ القبايح في السما لايح"!