التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 01:00 ص , بتوقيت القاهرة

حب أعمى

كان يجب أن يأتي هذا الفيلم بتحذير أنه يحتوي على مشاهد "مثيرة"! وقبل أن تظن بأن الفيلم إباحي عليّ أن أوضح أن الفيلم "مثير" للمشاعر والأفكار وربما البكاء. الفيلم القصير (مدته تسع دقائق إلا قليلًا) عنوانه تكريس أعمى Blind Devotion.

يخبرنا الفيلم "حدوتة حب". تتكرر نفس المشاهد تقريبًا في حين يقوم الزوج والزوجة بإخبارنا القصة وتعليقهما على الأحداث. يبدأ الفيلم بالزوجة قائلة إنها تحب زوجها رغم أن شخيره يوقظها يوميًا من النوم. وإنها تنتقم منه يوميًا بإفزاعه لإيقاظه. تخبرنا بأنها تحضر له إفطاره المفضل رغم أنها تظن أنه مقرف. وتخبرنا أيضًا أنها تقوم بغسل ملابسه لأن أمها أخبرتها مرة أن الرجل ذا الملابس المتسخة هو رجل لا تحبه زوجته. ورغم أن هذه النصيحة "دقة قديمة"، إلا إنها تريد أن يعرف زملاؤه أنه رجل تحبه زوجته. 

تخبرنا الزوجة أنها تعلم أن زوجها يحبها لأنها يمكنها الشعور به ينظر إليها في كل مرة تتركه وتذهب للعمل. 

نشاهد الزوج يقابل إفزاعها الصباحي بالضحك، نشاهد امتنانه على الإفطار ونشاهده سعيدًا بملابسه النظيفة وهو ذاهب للعمل. نشاهده يودع الزوجة بقبلة ويقول لها إنها تبدو جميلة.

ولكن ..

خبأ القدر حبكة! مرض نادر سيتسبب في فقد الزوجة للبصر. تتكرر المشاهد السابقة لكن في هذه المرة نشاهد تعاسة الزوجة وحيرتها في كيفية إخبار زوجها ومحاولاتها الانسحاب من حياته.

يحاول الزوج مساعدة الزوجة ولكنها ترفض. يحاول أن يقوم بالطبخ ولكنها تصر على القيام به، كما أصرت على الاستمرار في غسيل الملابس والذهاب وحيدة للعمل. 

وأمام رفضها المساعدة قرر الزوج أن يساعدها دون أن تعرف. أصبح يتبعها كمخبر سري يوميًا إلى العمل. ويزيح ما قد يعيقها أثناء القيام بالأعمال التي تصر على القيام بها. 

يقول الزوج في ختام الفيلم: " أتبعها يوميًا للعمل دون أن تعرف. لأن هذا هو الحب، أليس كذلك؟ أنه أكثر من مجرد مشاعر، إنه أفعال. زوجتي لن تعلم أبدًا ما أفعله من أجلها، وأنا لا أريدها أن تعرف. وهكذا أستمر في حبها حتى وإن لم تردني أن أفعل."

الفيلم الرومانسي المثير للمشاعر سيدرجه الكثيرون تحت بند الخيال وربما "الرعب"!

فتخيل مثلًا "زوجة مصرية أصيلة" تستقيظ يوميًا على شخير زوجها. هل تظن أنها ستداعبه وتفزعه لتوقظه؟ تخيل أنها فعلت! هل تظن أن "الزوج المصري الأصيل" سيقابل إفزاعه كبديل للمنبه بصدر رحب؟

هل ستقوم الزوجة المصرية الأصيلة بإعداد طعام تظنه مقرفًا لأن زوجها يحبه بهذه الطريقة التي تستخدمها "أمه" أم أنها ستقترح في كل مرة أن "يذهب ليأكل هذا القرف عند أمه"؟

هل سيعرض أبدًا الزوج المصري الأصيل القيام بغسيل الملابس بدلًا من زوجته؟ هل تقوم الزوجة بغسيل الملابس لإعلان حبها لزوجها أم خوفًا من أن "يتزوج بأخرى"؟

هل يودع الزوج المصري الأصيل زوجته بالقبل؟ هل يتذكر الزوج المصري الأصيل بأن يصرح لزوجته بأنها جميلة؟

ماذا سيفعل الزوج المصري الأصيل حيال مرض زوجته المفاجئ؟ كم زوجًا قرر أن يترك زوجته المريضة "لأن الشرع محلله يتجوز غيرها"، و"لأنه رجل يحتاج لامرأة" و"لأنه من حقه يبحث عن الذرية" و"لأن حقه يبحث عن راحته".. إلخ من أسباب منطقية جدًا في نظره ونظر مجتمعه؟

كم زوجًا وزوجة ينظران للزواج على إنه "تكريس أعمى"؟ 

كم منكم يجد أن فكرة "التكريس الأعمى" خيالية؟ كم منكم (أعزائي الرجال تحديدًا) يجد مفهوم التكريس الأعمى مرعبًا؟

كم منكم وصل لهذا السطر من المقال ولا يجد تعليقًا أنسب من Get Real؟ 

للأسف هذا الخيال المرعب يُعرف ما يجب أن يكون عليه الزواج. فما دون  هذا التكريس الأعمى ليس زواجًا كاملًا. والقلب غير القادر على منح وتقبل مثل ذاك الحب، قلب أعمى!

لمشاهدة الفيلم كاملا