التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 09:41 م , بتوقيت القاهرة

آخر ورقة توت!

أغلقتُ "الفيس بوك"، أسبوعا حتى الآن، لا تعليق ولا تعليق على التعليقات، ولا قراءة لتعليقات وأخبار أكثرها كاذبة، أشعر الآن بتحسن في المزاج، مع وقت أطول للقراءة، مساحة أفضل لكي أتكلم مع الناس وجها لوجه بعيدا عن هذا العالم الافتراضي.


جربوا أن تبتعدوا عن صفحات "الفيس بوك" والتواصل الوهمي، استمتعوا بالعودة خطوة للخلف، تعرفوا على الأخبار في موعدها، أو على الأقل في موعد تحددونه بأنفسكم، لا تجعلوا عقولكم بالوعة يلقى بها مخلفات الآخرين، العقول أسمى من تركها تتعرض للخراب على يد آخرين لا تعرفهم ولا يعرفونك، ومع ذلك لديهم إصرار قاتل على أن تقتسم معهم نكدهم وكذبهم وخوفهم واكتئابهم وإحباطهم.


جربت أن أعود لأتكلم مع الأصدقاء تليفونيا بدلا من أن أكتب لهم على الفيس بوك أو واتس آب أو الرسائل القصيرة، ووجدت فرقا، على الأقل تخلّصت من نصف ما أحمل من قلق، وكسبت ساعتين فى اليوم، 60 ساعة فى الشهر، يومين ونصف إضافة جديدة إلى عمري.


الفيس بوك، اللص الظريف الذي سرق أعمار 10 ملايين مصري على الأقل في الخمس سنوات الماضية، نعم هو وضع لنا زهورا على النافذة، وأوجد لنا بعض الأصدقاء الذين ظلوا افتراضيين مهما اقتربت المسافات، كما أنه نشر كل ملامحنا وأفكارنا على الملأ حتى أصبحنا بدون حتى ورقة توت.


دولة الفيس بوك دولة لطيفة، إذا تم استخدامها باعتدال، لأن لا معنى أن ننفق وقتا من العمر من أجل الحصول على " لايك أو شير"، لقد تحولت جنة الفيس بوك إلى جحيم.


منذ سبع سنوات تقريبا بدأت علاقتي به، كنت مثل كل المشتركين يا دوب نكتب تعليقات بسيطة من عينة صباح الخير، موقف طريف، نكتة حلوة، صورة جميلة.. ثم حدث التطور المذهل في 2011 ، حيث ظهر مواطنو "الفيس بوك" يحملون الرصاص والسكين لمن يختلف معهم في الرأي أو الفكرة !


أرى أن يكون هناك مؤسسة تعنى بشؤون حركة التواصل على "الفيس بوك"، مؤسسة مصرية تستثمر في الوقت والعقول التي تجلس خلف الشاشات بالساعات من أجل بث مشاعرها أو أفكارها أو تعليقاتها على صفحاتها، هذا الرقم ربما يقرب الفكرة التي أبحث عنها: 14 مليون ساعة يوميا ننفقها على الفيس بوك، من خلال 4 ملايين مواطن يتفاعلون من خلاله يوميا. هذه الساعات بحكم سوق العمل إذا تحولت إلى أرقام تساوى 140 مليون جنيه !


كيف نعيد استغلال وجود منتج اسمه الفيس بوك، نعتقد أنه خدمة مجانية بينما ننفق عليه نحو100 ساعة كل شهر من وقتنا ؟ مؤكد أن هناك طرقا لكي يتم استثمار هذا الوقت والجهد والتفكير، أن نكسب من طاقة الأصابع الثملة على ملايين الكيبوردات في مصر.


الحياة تحتاج إلى أفكار خارج الصندوق، والتعامل مع الكراكيب على أنها ماكينات تصنع المستقبل.


من يفكر معى ؟