شيخة وقسة وحاخامة.. أين تاء التأنيث من المناصب الدينية؟
"أشهد أن لا إله إلا الله" يصدح بها من على المنبر صوت أنثوي لطالما اقترن بوصف "عورة"، آذان رفعته سهيلة العطاري الأمريكية من أصول مصرية عام 2005، بكنيسة وسط منهاتن، المكان الوحيدة الذي قبل استضافة أول صلاة جمعة تؤمها امرأة في الولايات المتحدة، وهي الدكتورة أمينة ودود أستاذ الدراسات الإسلامية في ولاية فرجينيا. مشهد صدم الكثيرين واعتبروه خروجًا على تعاليم الشريعة الإسلامية.
على الجانب الآخر رسمت كنيسة إنجلترا، في ديسمبر 2014، القس ليبي لين أسقفا، لتصبح بذلك أول امرأة تصل لمنصب أسقف، بعد أن كان القس أقصى رتبة كهنوتية تصل إليها المرأة في الكنيسة الأنجليكانية، ما يفتح الباب أمام تنصيب المرأة كبابا للكنيسة الإنجليزية.
ما سبق يطرح سؤالا قديما جديدا: ماذا عن المساواة بين الرجل والمرأة في المناصب الدينية؟ هل يوجد معادل لمصطلح رجال الدين من الجنس الآخر؟
جدل حول إمامة المرأة في الإسلام
رفض معظم الفقهاء المسلمين وعلى رأسهم أصحاب المذاهب الأربعة إمامة المرأة للرجال، عدا بعض الشافعية الذين أجازوا إمامة المرأة للأطفال إذا كانت حافظة، فيما اتجه المزني تلميذ الشافعي إلى جواز إمامة المرأة للرجل متعللًا بعدم وجود نص في القرآن أو السنة يمنع إمامة المرأة للرجال، ووافقه في رأيه الطبري وأبو ثور، كما ورد في المجموع للإمام النووي.
في البداية يؤكد أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، لـ"دوت مصر" أن جمهور الفقهاء استند إلى ما جرى عليه العمل منذ عهد الرسول إلى وقتنا هذا، وهو عدم إمامة المرأة للرجال، مشيرًا إلى أنه يميل إلى هذا الرأي مع التأكيد أنه لا يوجد نص إسلامي يمنع إمامة المرأة للرجال سوى حديث نبوي ضعيف السند "لا تؤم المرأة رجلا".
فيما ترى أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الدكتورة آمنة نصير، أنه من غير المستساغ أن تؤم المرأة الرجال، فرغم عدم وجود نص يمنع إمامتها أنها أمر غير مقبول ولم يجري عليه العرف ولا يناسب طبيعة المرأة الجسمانية وخصوصيتها كامرأة، كما أن شعيرة الصلاة تقتضي حركات جسمانية كالسجود والركوع لا يجوز ان تقوم بها المرأة أمام الرجال.
وتضيف نصير لـ"دوت مصر" أن المرأة يمكن أن تشارك في الإفتاء والفقه، ولكن لا يمكنها تولي منصب ديني كمشيخة الأزهر لأن لها تبعات على رأسها إمامة المسلمين في الأعياد والصلاة، ولكن أستاذة العقيدة تطالب بتولي امرأة لمنصب مساعد مفتي.
المسيحيون اختلفوا
اختلفت الكنائس فيما بينها في تولى المرأة منصب كنسي من عدمه، حيث رفضت الكنيستان الكاثوليكية والأرثوذكسية تولى المرأة للمناصب الكنسية. ورأى، البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية السابق، في ورقة قدمها إلى مؤتمر لامبث للأنجليكان بإنجلترا عام 1988، عن رأى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى موضوع منح الكهنوت للنساء: "أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن عمل الكهنوت هو امتداد لعمل المسيح الخلاصى على الأرض. ولهذا فالكاهن يمثل السيد المسيح فى رسالته الخلاصية. وقيل عن السيد المسيح أنه رئيس كهنة وليس رئيس كاهنات، ومن جانب آخر نلاحظ أنه لم يكن بلا ترتيب أن جاء السيد المسيح رجلاً وليس امرأة".
فيما يرى مطران الفيوم والجيزة للأقباط الكاثوليك، وممثل الأقباط الكاثوليك في لجنة الخمسين التي أعدت دستور 2014، الأنبا أنطونيوس عزيز، أنه لا يوجد نص مقدس في المسيحية يمتع تولي المرأة لمنصب كنسي، إلا أن تقليد وقانون الكنيسة الكاثوليكية المتبع منذ ألفي سنة قصر الكهنوت على الرجال، مؤكًدا لـ"دوت مصر" إن الموضوع غير مطروح للنقاش في مصر ولم تطالب المرأة بتولي مناصب كهنوتية غير أنها تتولى العديد من المسؤوليات في الكنيسة ولا غنى عن دورها.
في حين يرفض البروتستانت سلك الكهنوت برمته، ولا يوجد تنظيم مركزي بين كنائس الطائفة الواحدة، فلكل منها إدارتها المستقلة دون وجود مرجعية أعلى، وتُقيم المرأة الشعائر الدينية في الكنيسة البروتستانتية.
اليهود يغيرون التاريخ
عدة حوادث كسرت احتكار الرجال للكهنوت في اليهودية، حيث تسلمت امرأة حاخام مهام منصبها رسميا بألمانيا في 2010، وتدعى الحاخامة الينا ترايجر، وتم ترسيمها في حفل حضره الرئيس الألماني كريستيان فولف وعدد من زعماء اليهود في العالم وتعتبر ترايجر الحاخام المراة الثانية بعد ريجينا جوناس التي نصبت في ألمانيا عام 1935 وتوفيت في الهولوكوست في أوشفيتز.
وشهدت السويد في العام الجاري تعيين أيوته ستيير في منصب حاخام لتكون بذلك أول امرأة تتولى المنصب في البلاد، فيما أصبحت إليسا ستانتون أول سيدة سوداء تصل لدرجة حاخام عام 2009 في الولايات المتحدة.