التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:43 م , بتوقيت القاهرة

اللحن القصير والسيمفونية الكاملة في Whiplash

أفلام عديدة لم يكن من المتوقع لها اكتساح ترشيحات وجوائز الأوسكار، وفعلت ذلك، لكن يظل Whiplash الذي رُشح لـ 5 جوائز (فيلم - سيناريو مقتبس - ممثل مساعد - مونتاج - مزج صوتي)، وفاز بالفعل بآخر 3  فيهم، المفاجأة الأكبر وسط كل هذه الأفلام مؤخرا، بميزانيته المتواضعة التي لم تتجاوز  3.3  مليون دولار (رقم هزيل بمقاييس هوليوود الحالية).


مخرج ومؤلف الفيلم دميان شازيل البالغ من العمر الآن 30 عاما فقط، كتب الفيلم منذ سنوات متأثرا بتجارب وشخصيات حقيقية عايشها في شبابه كعازف ساكسفون، وفشل في الحصول على تمويل إنتاجي لفيلمه أو استوديو مساند، رغم حماس ومساندة أسماء ناجحة مثل المخرج والمنتج جيسون ريتمان، صاحب أفلام Juno - Up in the Air - Labor Day  للسيناريو.


حاول شازيل جاهدا إقناع بعض الاستوديوهات بفكرته لصناعة الفيلم، بشكل مُثير وعنيف أقرب لأفلام الأكشن، رغم أجوائه الموسيقية التي تدور وسط أعضاء فرقة موسيقى جاز، لكن لم يتحمس أي منهم للفكرة، خاصة أنه لم يقدم سوى فيلم روائي واحد سابق لم يلفت الأنظار.



بعد هذا التعثر أقنع شازيل ريتمان وصديقه جيسون بلم، بإنتاج فيلم قصير رخيص بنفس الاسم، كفاتح شهية للفيلم الأصلي المتعثر في الإنتاج، أو كما ذكر شازيل في لقاء له مع أحد المحررين:
"أعتقد أن أغلب المنتجين لم يكن شغوفا بالفكرة ولم يتخيلها، وفكرة أنه لمحة من التنفيذ الفعلي، قد يكون لها مفعول أفضل من سيناريو حجمه 120 صفحة".


اختار شازيل المقطع الأكثر توترا وسط السيناريو، والأسهل إنتاجيًا لأنه يدور بالكامل في غرفة واحدة، وأراد أن يُثْبت بالفيلم القصير لكل المتشككين في السيناريو حقيقة واحدة مهمة: يمكن صناعة أجواء إثارة وتوتر بمدرس موسيقى داخل غرفة مع تلامذته، بدون الحاجة إلى مسدسات ومطاردات سيارات وغيرها من قواعد أفلام الإثارة.


ريتمان كان صاحب فكرة ترشيح جي كيه سيمونز لدور قائد الفرقة، بفضل علاقة عمل طويلة بينهما تمتد إلى 5 أفلام، هي كل رصيد ريتمان كمخرج وقتها. في الحقيقة ريتمان كان أول من لفت الأنظار بشدة إلى موهبة سيمونز بفضل الفيلم الشهير Juno  عام 2007.



شازيل الذي فكر في البداية أن سيمونز سيكون جيدا في الدور، انتهى بقناعة تامة بعد 3 أيام استغرقها في تصوير الفيلم القصير، أن سيمونز وحده هو الذي سيقوم بالدور، إذا تم إنتاج الفيلم الروائي الكامل.


فاز شازيل بجائزة عن فيلمه القصير من مهرجان "صاندانس" السينمائي عام 2013، لينال أخيرا الموافقة على إنتاج فيلمه الروائي، ويعود بعد عام واحد فقط لا غير لنفس المنصة، وينتزع جائزة المهرجان الكبرى عن فيلمه الروائي الكامل، ويواصل بعدها انتزاع جوائز أخرى.


الفيلم القصير هنا إذًا، عمل كامل مستقل من ناحية، وإعلان تشويقي أيضا للمنتجين لصناعة الفيلم الكامل الذي شاهدناه مؤخرا من ناحية أخرى. ومن حسن الحظ أنه توفر أخيرا للمشاهدة منذ أيام. 


الفيلم القصير Whiplash - إنتاج 2013


<iframe frameborder="0" width="708" height="398" src="//www.dailymotion.com/embed/video/x2il4j5" allowfullscreen></iframe><br /><a href="http://www.dailymotion.com/video/x2il4j5_whiplash-curta_shortfilms" target="_blank">Whiplash | Curta</a> <i>by <a href="http://www.dailymotion.com/filmow" target="_blank">filmow</a></i>


سيمونز الذي تحمس للفيلم القصير وساند الشاب المبتدئ، حصل بفضل أدائه على نفس الدور في الفيلم الكامل، وفاز عنه بأوسكار أفضل ممثل مساعد، ليصبح قراره بالمشاركة أهم وأذكى خطوة في تاريخه الفني.


وتماما مثل النسخة الكاملة، يظل المونتاج والمزج الصوتي وأداء سيمونز العناصر المميزة الأهم للعمل. في الحقيقة المقطع المختار للتنفيذ في الفيلم القصير هنا، تم تنفيذه بنفس الشكل تقريبا في الفيلم الطويل، بنفس المونتاج وزوايا الكاميرات والتوظيف الصوتي، ونفس الممثلين في بعض الأدوار أيضا.


يطابق الفيلم القصير هنا، المقطع الزمني الذي يبدأ في الدقيقة الـ 15  في الفيلم الكامل، وينتهي في آخر الدقيقة الـ 29.



بعيدا عن جودة الفيلم القصير، والجانب السينمائي عامة، هل قصة صناعة الفيلم مهمة؟
أعتقد أنها مهمة جدًا. لأنها ببساطة تلخص الفرق بين شازيل، الشاب الذي تربى في مجتمع رأسمالي تنافسي شرس لا يرحم، صقل مواهبه وإرادته وكفاحه، ورؤيته وتخطيطه الفكري، وبين أقرانه في العالم الثالث هنا، الذين تربوا على ثقافة (دور الدولة) المتوارثة من الستينات، فأصبحوا دائمي الحديث عن تقاعس الدولة في دعم مواهبهم.


إعلان الفيلم الروائي Whiplash - إنتاج 2014



لمتابعة الكاتب