التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 03:09 ص , بتوقيت القاهرة

حفلات تاريخية لأم كلثوم (5)

العلاقة بين أم كلثوم وعبد الناصر ينفع لها أكتر من دخلة، ينفع مثلا نتكلم عن علاقة الفنان بـ النظام، وازاي كل واحد منهم ممكن يدعم سلطة التاني (بغض النظر ده كويس ولا وحش، وبغض النظر عن قيمة وإمكانية كل واحد منهم).

ينفع كمان نتكلم عن صداقة بين راجل وست بدأت في خمسينيات القرن العشرين، وكانت نموذج لعلاقة ما حصلش أي اتهام أو تلميح بأنها تحولت لأكتر من صداقة، على الرغم من عمقها الشديد، اللي وصل لدرجة إن ولاد عبد الناصر، كانوا فاكرين إن أم كلثوم عمتهم أو خالتهم، ولدرجة إن عبد الناصر كان بيتدخل علشان يصالحها على جوزها لما بيتخانقوا.

يمكن فرق السن بينهم لعب دور في ده، يمكن. وجايز حاجات تانية، جايز. لكن تفضل العلاقة من الناحية دي مثيرة للدهشة، وللإعجاب. وتفضل للست تحية كاظم دور كبير في علاقة كانت مؤثرة كتير على جموع المصريين سواء بالإيجاب أو السلب، ولو عايزين نفهم الدور ده نراجع ازاي اتعاملت معاها، جيهان السادات بعد وفاة ناصر، ونتخيل لو كانت جيهان هي مرات ناصر.

بغض النظر عن المدخل للعلاقة، فـ هي بدأت قبل تولي ناصر الرئاسة رسميا بـ ست سنين، وقبل يوليو بـ أربع سنين تحديدا في يوم الخميس 25 مارس 1948.

في الوقت ده كان عبد الناصر مع الظباط اللي شاركوا في حرب فسطين، في الفالوجا، الحرب اللي وصفتها أم كلثوم في مقال كتبته سنة 1971، عنوانه "كيف عرفت عبد الناصر" بإنها "مأساة فلسطين".

الكتيبة اللي كان فيها عبد الناصر تعرضت للحصار، ومكنش فيه حلول للموقف غير الانتظار، وحصل اتصال بين القيادة والظباط المحاصرين بـ قيادة ناصر، اللي أجرى الاتصال ده من القاهرة القائم مقام السيد طه، اللي كان عبد الناصر مسميه "الفهد الأسمر".

ممثل القيادة سأل عبد الناصر إذا كان فيه حاجة ممكن يعملوها للظباط المحاصرين، فـ كان طلب الظابط المحاصر غريب شوية، وهو إن أم كلثوم تغني في حفلتها أغنية "غلبت أصالح في روحي". الغنوة كلمات رامي وألحان السنباطي، وكانت أم كلثوم غنتها أول قبلها بـ سنتين.

كانت وقتها أم كلثوم بـ تستعد علشان تغني في حفلة بـ نادي الظباط، في يوم الخميس اللي قلنا عليه 25 مارس. والقيادة نقلت لها طلب الظباط اللي هـ يسمعوا الحفلة في الراديو، فـ الست مش بس وافقت، لكنها قررت تكون الوصلة التانية زي رسالة للجنود، فـ قالت إنها هـ تغني: "أنا فـ انتظارك". وقد كان.

بعد ما اتفك الحصار ورجع الجنود من ع "الجبهة"، قررت أم كلثوم إنها تنظم حفلة في بيتها تستقبل فيها الظباط اللي راجعين من المأساة، وفي الحفلة كانت أول مرة تقابل عبد الناصر وجها لـ وجه، وده بـ يديني صورة إن موضوع نادي الضباط مكنش حاجة عابرة، وإن أم كلثوم كانت متابعة اللي بـ يحصل، وطرف في الأحداث، حتى لو كان طرف مكتفي بـ دوره الفني، لكنها مكنتش مجرد مطربة طلبوا منها تغني أغنية معينة.

بس ده مش معناه إن علاقة أم كلثوم وعبد الناصر بدأت من اللحظة دي، لأنهم ما اتقابلوش تاني غير لما بقى عبد الناصر رئيس رسميا، 1954، حتى لما تدخل وألغى قرار منعها من الغُنا ما اتقابلوش، اتقابلوا لما بقى رئيس، وكانت أول أغنية تغنيها له مباشرة بـ اسمه، بعد حادث المنشية، ونجاته من "محاولة الاغتيال"، وكانت أغنية "يا جمال يا مثال الوطنية"، كلمات بيرم التونسي وألحان السنباطي، وبـ تقول في مطلعها:

أجمل أعيادنا المصرية

بـ نجاتك يوم المنشية

والمطلع ده هـ يتغير بعد ما الحادثة قدمت، وبقت:

أجمل أعيادنا المصرية

برياستك للجمهورية

ومن 1954 بدأت علاقة ناصر برئاسة الجمهورية، وبـ أم كلثوم، واستمرت لـ وفاته 1970.

وربنا يرحم الجميع.